السوق السوداء !
بشير فرزان
ينشغل الناس في هذه الأيام بالبحث عن الكثير من المفاهيم والأدبيات المندثرة في غياهب الأحداث فمثلا أين نحن من معاني وأخلاق “الجسد الواحد” الذي تغتال أدبياته ألاف المرات على مدار الساعة خاصة مع تعميم ثقافة (أنا ومن بعدي الطوفان) التي يتعرض مفهوم “المواطنة” ضمن يومياتها لانتهاكات خطيرة تحت عباءة الظروف الاستثنائية التي منحت كل غشاش وسمسار وطفيلي وسام الشطارة والفهلوية بعد أن تنامت حالة التخلي عن الكثير من المفاهيم التربوية والاجتماعية وتمادى البعض في خرق القوانين والتمترس في خانة طمس هيبة القانون ونكران الجهود التي تبذلها المؤسسات والجهات المعنية ومازالت لحماية حاضر الناس ومستقبلهم بالرغم من أمعان شطار هذا الزمان في تحييدهم للمصلحة العامة وأدارت ظهرهم للمجتمع وهم بكامل وعيهم المشوه وانتماءاتهم الزائفة القابلة للسقوط في أول امتحان حقيقي وطبعاً نحن هنا لا نسعى لتبرئة أية جهة من التقصير بل نحاول أن نقدم الوجه الأخر للحقيقة التي نتجاهلها دائما تحت عنوان فساد المؤسسات العامة الذي بتنا كمواطنين مكوناً أساسياً في منظومته المعيشية.
وطبعاً ما نعيشه اليوم ليس إلا امتحاناً حقيقياً لمفهوم المواطنة الذي تثبت الشواهد اليومية حالة التخلي عن مبادئه وانحسار حضوره أمام مد الانتهازية الذي شكل حاضنة لتنامي ذلك الفكر الانتهازي يسيء للمجتمع وللمؤسسات كاولئلك الذين يتاجرون بالمحروقات وباسطوانات الغاز في السوق السوداء في هذه الأزمة الخانقة والحالة ذاتها في بقية الاحتياجات والمستلزمات التي باتت صعبة المنال خاصة مع غياب مفاهيم الإيثار والتعاضد المجتمعي وتبني الغالبية شريعة الغاب .
بالمحصلة عندما نسكت أو نتغاضى عن النشطاء في سوق الاحتكار والغش وعن مئات الحالات التي استخدمت فيها كافة الأساليب وبمساعدة بعض الجهات الرقابية التي حللت بتصرفاتها غير المسؤولة وسلوكها المشين إدانة أبوة الدولة واتهامها بالفساد وبرؤوا أنفسهم والمحتكرون تحت عنوان(شراء الذمم) أو ضمن تصنيف (مدعوم) فنحن شركاء بهذه الجريمة ونشجع على تكاثر من يرى مصلحة الوطن من فتحات جيوبه فقط ولسنا سوى مواطنين مخطئين بحق أنفسنا وعاقين لمصلحة بلدنا فالمواطنة ليست مجرد هوية وليست حقوق مدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية بل هي أيضاً واجبات ومسؤوليات علينا جميعا أن نتعاون لتجسيدها قولاً وعملاً.