امتحان محافظة ريف دمشق؟!
بشير فرزان
لسنا بصدد المقارنة بين أداء المحافظين، بل نحاول أن نوضح مسألة بغاية الأهمية تتعلق بأداء كل منهم بكل حالاته، وهنا يمكن أن نضع عشرات إشارات الاستفهام قبل وبعد مغادرة المحافظ لمنصبه عن أدائه، والأعمال التي أنجزها، ومدى رضى المجتمع والناس عن قراراته التي تحمل بصماته، سواء كانت إيجابية أو سلبية؟.
ولا شك أن خصوصية محافظة ريف دمشق تشكّل امتحاناً حقيقياً لقدرات وإمكانيات أي محافظ، وهنا لابد من استذكار تجارب موجعة مع المكاتب التي لم يختلف أداؤها رغم تناوب أكثر من محافظ وسط الكثير من القضايا العاجلة التي تستدعي البدء بالعمل الفوري لإصلاح الواقع الخدمي المعطل منذ سنوات تحت وطأة الإهمال والتقصير والعبث بالمخططات التنظيمية، وفتح باب المخالفات بمختلف أشكالها. وما يثير الغرابة أنه لم يتم خلال السنوات السابقة توجيه أي تنبيه أو إنذار لعامل مقصّر أو موظف مخالف، ولم نسمع أيضاً عن إعفاء رئيس دائرة أو معاون مدير أو محاسب أو رئيس مكتب فني أو رئيس بلدية أو مدير من مهمته إلا ما ندر، لأن الجميع “يؤدون واجباتهم” و”المطلوب منهم” كما ينبغي، وبعضهم يستحق بطاقات الشكر وأوسمة الثناء على إخفاقهم.
ونؤكد هنا أن القضية الأهم الآن ليس الحديث في الماضي، والنبش في مستنقعه، بل في النظر إلى الأمام، وإعادة الثقة بهذه المؤسسة التي تحتاج إلى إجراءات فورية وإعادة هيكلة مؤسساتها التنفيذية والخدمية بما يخدم المرحلة القادمة، وترحيل الكوادر غير الفاعلة إلى غير رجعة، سواء على مستوى الوحدات الإدارية بمختلف تسمياتها، أو على الصعيد الخدمي، والتي أضحى بعضها يحتاج إلى تغييرات جذرية في مكاتبه المتنوعة.
ومع اتساع رقعة العمل، تزداد التحديات، وتكثر المسؤوليات التي تتطلب عملاً جدياً وكوادر مؤهلة قادرة على إنجاز العديد من الملفات بكل كفاءة، خاصة تلك التي لا تحتمل أي تأجيل، وبرسالة عاجلة إلى السيد المحافظ من أهالي ريف دمشق الذين ملّوا المجلدات والخطط المنمقة، حيث يقولون: لسنوات كثيرة كانت الاستراتيجيات مجرد صور مشرقة متفائلة ترسم في المخيلة للمستقبل الذي ينتظر المحافظة بواقعها المتردي نتيجة المسطرة التي يقيس عليها المسؤولون، حيث لا توجد معايير أو موازين صحيحة، ويكون لكل إجراء منظوران” شخصي وذاتي بدلاً من آني واستراتيجي، وهذا هو حال محافظة باتت تعوم على المخالفات والتجاوزات المتراكمة في كل القرى والبلدات والمدن التي غابت عنها المساحات الخضراء، وضاعت في زحمة الكتل الاسمنتية.
إن مايحصل في ريف دمشق منذ سنوات يشكّل علامة فارقة في مخالفات العمل الوظيفي الذي خسر ثقة المجتمع المحلي، ولذلك نوجّه دعوة لجميع المسؤولين للانخراط في مشروع تحقيق المصلحة الوطنية التي نعتقد أنها بوصلة الإصلاح بكل مجالاته ومساراته، ونحذر من مغبة تكرار لقاءات مع وفود شعبية لا تتعدى مخرجاتها تلك الصور التذكارية لأعضاء الوفد الذين يتسابق بعضهم من خلالها لإثبات معرفته بالمحافظ عبر صورة سيلفي أو عادية لتكون جواز عبور لتحقيق مصلحته الشخصية. وفي المقابل، تبقى الخطوات تراوح على خط البداية في سباق الوعود الذي لن يصل إلى خط النهاية، فهل سيتكرر السؤال ذاته مع كل محافظ: ماذا يريد أهالي ريف دمشق؟ أم تتم العودة إلى مديريات ودوائر المحافظة، والتعرّف على الملفات والقضايا العالقة بكل تفاصيلها، وفي مقدمتها المخالفات وحالات الفساد التي تظهر نعمها على الكثير من الموظفين والمسؤولين في هذه المحافظة؟