خلفاً للخياط.. الدّكتور الشّطي عضواً جديداً في مجمع اللغة
نجوى صليبه
جلسة أخرى يعقدها مجمع اللغة العربية في دمشق لاستقبال عضو عامل جديد خلفاً للدّكتور هيثم الخياط وهو الأستاذ الدّكتور إياد الشّطي.
وفي كلمته، استرجع الدّكتور محمود السّيد رئيس المجمع ذكريات جمعته بالدّكتور الشّطي تعود إلى العام الدّراسي 1986- 1987 حين كان عميداً لكلية التّربية بجامعة دمشق وكان الشّطي عميداً لكلية الطب. يقول: كنا نجتمع في مجلس الجامعة، وما أزال أتذكر مناقشة دارت في المجلس بخصوص تعليم اللغة العربية لغير المتخصّصين، وكانت له مداخلة اتّسمت بالمنطق وسداد الرّأي وقوّة الحجّة، وقد أعجبت أيّما إعجاب برؤيته المتميزة للموضوع، واتّفقت معه آنذاك على أنّ ثمّة ضياعاً للهدف المرجو من اعتماد هذا التّعليم في الكليات والمعاهد الجامعية لغير المتخصّصين، وأنّ ثمّة هوّة بين الهدف والتّطبيق المعمول به، وشاءت الأقدار أن تسند إلى الأستاذ الدّكتور إياد الشّطي مهمة تسلّم شؤون وزارة الصحة في ذلك العام، ولمع اسمه وأداؤه في وزارته، ثم كان تشكيل جديد للوزارة في عام 2000، وظلّ وزيراً للصّحة في الوزارة الجديدة، وكُلّفت يومئذٍ تسلّم وزارة التّربية، مبيّناً: ومجدداً كنت أجد المتعة في مداخلاته المتميزة بتحليلها وتعليلها في مناقشات اجتماعات مجلس الوزراء أو في عرض إنجاز وزارته في المجلس أو في جلسات مجلس الشّعب، بأسلوب واضح ولغة جليّة وتسلسل رائع، وهو المستمع الماهر في إنصاته والمحاور اللبق في ردوداته.
ويتابع السّيد: لم يتوقّف أيّ منّا عن إلقاء محاضراته الجامعية بعد أن أحلنا على التّقاعد من دون تقاضٍ أي أجر عنها، وكانت ثمّة سعادة في العطاء ومتعة في الأداء، وكانت محاضراته الجامعية تتسم بالوضوح والدّقة ومواكبة آخر ما توصّل إليه العلم في مجال العلوم الصّحية وطالما أثنى طلّابه، ومنهم أبنائي، على قدرته العالية في إيصال المعلومات إلى الأذهان بكلّ سهولة ويسر، إلى جانب تشجيعه للإبداع والتّفوق، ورعاية المجلين، ومساعدتهم على استكمال دراساتهم العليا.. لقد كان المشجّع والمعزز لإمكانات طلبته والارتقاء بها، وكم من براعم تفتّحت وأزهار زكت بفضل أسلوبه التّربوي وتشجيعه الزكي وتفانيه الوفي لرسالته التي وقف نفسه لها بكلّ إخلاص وجدارة وتفان.
بدورها، قالت الدّكتورة لبانة مشوح: نضيف اليوم إلى عقدنا قامة أضاءت ولا تزال تضيء سماء العلم عطاءً أكاديمياً وطبياً لا محدوداً ببعديه الوطني والإنساني، ويلتئم شملنا باستقبال زميل جديد نثق بأنّه سيكون خير رديف لنا وداعم لجهودنا في إغناء لغتنا العربية، ومن سدنة هذه اللغة كان العضو الجديد المنتخب. لقد كانت رحلته مع المصطلحات الطّبية وجهود توحيد المصطلح وعناء البحث عن مقابلات عربية للحديث دائم التّجدّد منها رحلةً طويلةً مضنيةً، وللدّكتور الشّطي في الطّب والتّراث الطّبي عند العرب خمسة وخمسون كتاباً أغنى بها اللغة العربية بالمصطلحات الطّبية الحديثة وأحيا تاريخ الطّب المجيد عند العرب، وله أيضاً مؤلفاته في العلوم الإنسانية، مضيفةً: لقد آثر عدم التّقيد بوضع كلمة مقابل أخرى، بل اعتمد مبدأ شفافية المصطلح وجلاء فهمه وسهولة إدراكه واتّبع إلى ذلك سبيل التّيسير من دون التّشويه سعياً لإيصال المفهوم الدّقيق إلى طلّاب العلم بما لا يؤدّي إلى الضّياع المعرفي.
وكما درجت العادة، يتحدّث العضو الجديد عن السّلف الذي حلّ محلّه، وهو هنا العلّامة الدّكتور محمد هيثم الخياط الذي ساهم في تأسيس كلية الطّب في جامعة دمشق ونقابة الأطباء في دمشق ومنظمة الهلال الأحمر ودرّس في المعهد الطّبي العربي وألّف لطلابه كتباً قيّمة باللغة العربية. يقول الشّطي: لقد كان للهيثم مع اللغة العربية سيرة محمودة أهّلته ليكون أصغر من استقبله المجمع سنّاً، فقد أصبح عضواً عاملاً فيه قبل أن يبلغ الأربعين عاماً، مضيفاً: توثّقت صلته بالمصطلحات الطّبية والعلمية والكيميائية مذ كان فتىً، وكانت رسالته الأولى في الحياة هي تعريب العلوم وتوحيد مصطلحاتها من خلال خطّة منهجية وجدها كثير من اللغويين والباحثين تضاهي أهميةً متن المعجم إن لم تتفوّق عليها.