هل يقترن القول بالفعل..؟
معن الغادري
ذكّر المجلس الأعلى للإدارة المحلية الذي عُقد برئاسة رئيس مجلس الوزراء مؤخراً للإعداد لانتخابات الإدارة المحلية القادمة بضرورة التركيز على الجولات الميدانية ولقاء المواطنين، وكشف مواقع الخلل ومعالجتها، والاهتمام بتنمية الأرياف بشكل متوازن، وتأمين المزيد من فرص العمل فيها، وإيلاء الجوانب الاجتماعية والثقافية والفكرية الاهتمام المطلوب.
في الواقع -حلب- وقبل حوالي خمسة أعوام كانت سباقة في التركيز على هذه الجزئية المهمّة من عمل ومهام منوطة بالمحافظ وبمجلسي المحافظة والمدينة من خلال التوسّع -حينها- بإجراء لقاءات مباشرة مع الأهالي في المدينة والريف، إضافة إلى القيام بجولات ميدانية وعقد اجتماعات كانت توصف وقتها بالنوعية والتخصصيّة، يترأس بعضها الوفود الوزارية المشرفة على المحافظة.
والسؤالُ الذي يفرضُ نفسه: ماذا أنتجت هذه اللقاءات والاجتماعات من نتائج على مستوى تحسين الواقع الخدمي وتلبية متطلبات المواطنين، وهل قام مجلسا المحافظة والمدينة بواجبهما ومهامهما كما يجب خلال الدورة الانتخابية للإدارة المحلية الحالية التي شارفت على الانتهاء؟.
ما يمكن تأكيده أن حلب وعلى الرغم من كلّ ما حظيت به من دعم واهتمام، وعلى أعلى مستوى في الدولة، ما زالت تراوح بالمكان في العديد من المفاصل وتسير بخطوات بطيئة وربما خجولة في مسيرة الإعمار والبناء، لأسباب عدة أبرزها ضعف الإمكانات الفنية ونقص الموارد البشرية، وغياب المتابعة الميدانية الفاعلة وعدم توظيف واستثمار الإمكانيات المتاحة في الزمان والمكان الصحيحين، وهو ما ساعد على تراكم الأخطاء ووسّع من حالات الخلل والقصور في كثير من مفاصل العمل المؤسساتي، وبالتالي أدى إلى تفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري على السواء، وهو الخطر بعينه لما له من تداعيات وآثار وأضرار سلبية على المرحلة القادمة والتي من شأنها أن تحول دون إكمال مسيرة الإعمار والإنماء المطلوبة والمنشودة. ونعتقد أن أولوية التركيز يجب أن تكون على إعادة تنظيم آليات العمل الإداري والمؤسّساتي قبل البدء بالعمل التنفيذي والإنشائي، وأن يقترن قول المسؤولين والمعنيين بالفعل، وخاصة ما يتعلق بتطبيق مشروع الإصلاح الإداري بكل دقائقه وتفاصيله، وهو السبيل الوحيد الذي يسهم في خلق بيئة ناضجة وملائمة لترجمة ما يصدر عن هذه اللقاءات والاجتماعات من نتائج إيجابية يلمسها المواطن عن كثب، دون الحاجة إلى تدويرها مجدداً مع اقتراب أي استحقاق انتخابي جديد.
ولعلّ الأهم من كلّ هذه اللقاءات والاجتماعات والتي غالباً ما تأخذ الطابع الاستعراضي، توظيف كلّ الإمكانات في هذا الوقت تحديداً لمكافحة الفساد والهدر والتسيب والخلل والعبث بمقدرات الوطن، وهو ما يتطلّب تفعيل الدور الرقابي وتحديث القوانين والتشريعات والتشدّد في محاربة الفساد والفاسدين بشقيه الإداري والمالي والحفاظ على المال العام، وفتح آفاق جديدة للعمل المؤسّساتي من خلال استقطاب الخبرات والكفاءات الوطنية بعيداً عن الولاءات الشخصية، واجتثاث الفاسدين والمنتفعين والمرتشين والذين ما زالوا يحكمُون قبضتهم على أهم مفاصل العمل في مجمل مؤسّساتنا الخدمية والإنتاجية.
ما نودّ قوله إن حلب اليوم تقتربُ من تحقيق نهضة شمولية في مختلف جوانب الحياة بالنظر إلى أهمية ما حظيت به من دعم حكومي كبير بتوجيه من السيد الرئيس، ما يتطلّب العمل وبروح عالية من المسؤولية الوطنية لتهيئة الأرضية السليمة والمناخات الصحية الملائمة لإنضاج وإنجاح هذا المشروع والذي لا بديل عن نجاحه واستمراره مهما بلغت الصعوبات والتحديات.