المصارف “الخاصة” تستقطب 80% من كفاءات “العامة”.. و”المالية” في مقاربة جديدة للرواتب حالياً
دمشق- ريم ربيع
ينهي الطالب في كليات الاقتصاد والتجارة دراسته الجامعية ليبدأ حياته المهنية ضمن أحد المصارف العامة التي يكتسب فيها على مدى أشهر وسنوات خبرات عديدة في ظروف عمل “ليست الأفضل”، ليتلقى بعد سنوات من التأهيل والتدريب المُكلف عروض عمل “ذهبية” إما من المصارف الخاصة المستعدة لدفع أجور مغرية مقابل استقطاب هذه الخبرات، أو من دول عربية أو أجنبية يعد القطاع المصرفي فيها الأكثر مرونة في التوظيف وجذب الخبرات.
50 % من خريجي الاقتصاد والعاملين بالمهن المصرفية في الأعوام الأخيرة اختاروا الهجرة وفق تقديرات النقيب السابق للمهن المالية والمصرفية زهير تيناوي، فيما يعتبر أكثر من 80% من العاملين في القطاع المصرفي الخاص من الموظفين السابقين الذين تدربوا وتأهلوا في نظيره العام، والذين لم يجدوا فيه المقابل المادي الملائم للخبرة التي اكتسبوها، حيث اعتبر تيناوي أن الأجور بالخاص مقبولة إلى حد ما، فيما لاتزال أجور وتعويضات العام ظالمة، لاسيما للخبرات والكفاءات الموجودة.
وقع إيجابي
أمام التسرب الكبير في الخبرات المصرفية، سواء محلياً أو خارجياً، وافق مجلس الوزراء أمس على رفع سقف الحوافز الإنتاجية للعاملين بالمصارف العامة ليصل إلى 10% بعد أن كان 2.5%، وذلك بعد ثلاثة أشهر تقريباً من المرسوم الذي أجاز رفع سقف الحوافز، وهنا رأى تيناوي أن أي رفع للحوافز أو مقاربة جديدة للرواتب والأجور يكون له وقع إيجابي على العاملين، موضحاً أن القطاع المصرفي يتضمن خبرات مدربة ومؤهلة في الشؤون المصرفية، ومن شأنها أن تنافس المصارف الخاصة التي تتمتع بمرونة وحوافز ورواتب عالية، ما يؤكد أهمية المحافظة على الخبرات الوطنية، والحد من تسربها، وإعادتها للعمل بكل القطاعات، لاسيما الفنية والمصرفية والتأمينية عبر إعادة النظر بأجورها وتعويضاتها.
وبيّن تيناوي أن المرونة التي يتمتع بها القطاع الخاص تختلف عن الأنظمة والقوانين المطبقة في القطاع المصرفي العام، فالمجال للزيادات مفتوح أكثر، والجهود التي تبذل بالقطاع المصرفي الخاص لا بد أن تتناسب مع الأجور المسددة فيه، مؤكداً أن القطاع المصرفي العام مدرسة أهّلت ودرّبت وأفرزت خبرات ذات كفاءة عالية جداً، ولكن لم تأخذ حقها، لذلك استقطبها الخاص وأعطاها حقها، فضلاً عن المهاجرين من هذه الكفاءات ممن توجب على الجهات المعنية أن توليهم اهتماماً أكبر للحفاظ عليهم.
وأضاف تيناوي بأن خريجي الاقتصاد والتجارة بكافة اختصاصاتهم يمكنهم إيجاد فرص عمل بسهولة في الخارج، على عكس مهن أخرى تحتاج أذونات وتراخيص من الدول لاستقبالهم، لذلك كانت الهجرة أكثر من بقية القطاعات وتجاوزت نصف الخبرات بالمجال المحاسبي والمالي والإداري والاقتصادي، والتي استطاعت أن تحصل على فرص مناسبة بزمن قياسي.
“بحصة تسند جرة”
وأمام ارتفاع الأسعار وغلاء متطلبات المعيشة رأى عضو لجنة الحسابات في مجلس الشعب أن أية زيادة أو تعويض محدود يصعب أن يعتبر كافياً في الظرف الحالي، إلا أنه بكل الأحوال خطوة إيجابية على مبدأ “بحصة تسند جرة”، فلا بد من إضافات ومقاربات أخرى للرواتب والأجور إثر التضخم وموجة الغلاء المستفحلة.
وفيما يتم التوجه اليوم لزيادات الحوافز والتعويضات بدلاً من الراتب، أشار تيناوي إلى أولوية القطاعات الإنتاجية، حيث توجد دراسات لتعديل أنظمة الحوافز فيها باعتبار أن معظمها مسقوف بحد معين، وكذلك القطاعات الصناعية والخدمية المتمثّلة بعمال الأفران والمطاحن والصوامع والمنتجات الغذائية بكافة أنواعها، فكلها بحاجة لإعادة نظر بحوافزها، ويجب أن يرتبط الحافز بالعملية الإنتاجية ليحقق ريعية أفضل للعامل، وهي إجراءات لا تحتاج قوانين بل يمكن تعديلها بمجالس إدارات المؤسسات المعنية.
وحول أية زيادة مرتقبة للرواتب أوضح تيناوي أن هذا الأمر يطرح في كل لقاء واجتماع، وحالياً تقوم وزارة المالية بدراسة مقاربة جديدة للرواتب، إلى جانب دراستها مع هيئة التخطيط لمشاريع موازنة 2023، فلا بد من لحظ زيادة مرتقبة للرواتب والأجور.