اقتحام البرلمان العراقي.. أي نهاية؟
علي اليوسف
عاد العراق، الذي تواصل فيه الخلل الأمني وعدم الاستقرار خلال الأيام الماضية، إلى الواجهة من جديد، ما يعني أن الوضع النهائي مثير للقلق إلى حدّ بعيد، ليس بالنسبة للعراق فحسب، بل للمنطقة بأسرها في الوقت ذاته.
على رأس المشكلات التي يشهدها العراق هي مسألة قصور الخدمات العامة وضعف الحكومة المركزية. ومن هذا المنطلق، من الصعب الحديث عن انفراجات قريبة بسبب المشكلات المتداخلة منذ أعوام، ومنها تداعيات كورونا، وهبوط أسعار النفط، والأطماع الأمريكية، إضافة إلى التجاذبات السياسية، وهي مجتمعة تضع العراق في مواجهة أزمة حكومية، بحيث يكون تغلب العراق على هذه المشكلات ليس ممكناً في ظل الظروف الحالية.
يحتلّ العراق موقعاً مركزياً في قلب التطورات الإقليمية، لكن البلد الشقيق الذي أنهكته الحروب، يعاني انقطاعاً مزمناً للتيار الكهربائي ومياه الشرب منذ سنوات. وبعد عامين من هزيمة تنظيم “داعش” يعيش سكان البلاد الذين يقترب عددهم من 40 مليون نسمة في أوضاع متدهورة رغم ما يملكه العراق من ثروة نفطية غنية!.
اليوم يمضي العراق أكثر من تسعة أشهر بلا حكومة جديدة. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار النفط الخام، والتي أدّت إلى زيادة عائدات النفط العراقية إلى مستويات قياسية، لم تكن لعام 2022 ميزانية حكومية، كما تأجل الإنفاق على مشاريع البنية التحتية التي تشتدّ الحاجة إليها والإصلاحات الاقتصادية. ويقول برنامج الأغذية العالمي إن 2.4 مليون من السكان البالغ عددهم 40 مليون نسمة بحاجة ماسّة إلى الغذاء والمساعدة على توفير سبل العيش.
واليوم بات الخلاف على من سيشكّل الحكومة المقبلة مصدر شقاق في المجتمع العراقي، ويصرف الشلل في هذا الموضوع الانتباه عن مشكلات مثل ارتفاع أسعار الغذاء العالمية والجفاف والتهديد المستمر الذي يشكله تنظيم “داعش”.
ومن هنا، انتقلت الأزمة إلى الشارع باقتحام المنطقة الخضراء وسط بغداد، والسيطرة على مبنى البرلمان فيها. وهذا الواقع يثير مخاوف من احتكاك ما، خاصةً وأن تصريحات مختلف الأطراف كانت تؤكد المنحى التصعيدي، لكن بدا واضحاً وجود قرار سياسي بعدم التصعيد أو الاحتكاك بالمحتجين، وهو ما أتاح لهم الوصول إلى المنطقة الخضراء دون اعتراضهم من قبل الأجهزة الأمنية.
وحتى الآن، يتجنّب المتظاهرون الشعارات الطائفية، لأن الغضب موجّه لطبقة سياسية لا لطائفة معينة، مقارنة مع الاحتجاجات التي وقعت في العامين 2012 و2013 واستغلها “داعش”. لكن في ظل الصراع المحتدم بين المهيمنين على المشهد السياسي، والاحتجاجات الشعبية، تتجة الأمور نحو مزيد من التعقيد، ويتخوّف المجتمع الدولي من انتقال المظاهرات إلى ما هو أسوأ، وما يتبع ذلك من أزمات لا تُحمد عقباها.