الأسعار العالمية إلى استقرار والمحلية إلى ارتفاع.. من يفسر الإجراءات الاقتصادية المتخذة؟
دمشق – ريم ربيع
بعد ستة أشهر من “الفزعة الحكومية” التي ترافقت مع بدء الحرب الأوكرانية، وصدور قرارات وإجراءات بالجملة، من بينها دراسة تخفيض الأسعار الاسترشادية للمواد الأساسية، يأتي قرار وزارة المالية الصادر منذ أيام قليلة لرفع الحدّ الأدنى للأسعار الاسترشادية للسكر والزيوت النباتية المستوردة والتي تعدّ من المواد الغذائية الأساسية، حيث أصبح الحدّ الأدنى للسكر الخام 500 دولار للطن الواحد، و600 دولار للسكر المكرّر، ورفع السعر الاسترشادي لزيت عباد الشمس إلى 1500 دولار، ولزيت النخيل إلى 1300 دولار، ليليه قرار آخر لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك برفع سعر السكر –النادر وجوده في الأسواق- إلى 4400 ليرة سورية للكيلوغرام المعبأ، مع توقعات برفع سعر الزيت لاحقاً.
حجة قديمة
وما بين دراسة التخفيض وقرار الرفع، لم يكن لأسعار مختلف المواد الغذائية سوى أن ازدادت بنسب كبيرة ومتسارعة، فضلاً عن نقص في المخازين وندرة بعض المواد في الأسواق، ليشهد الأسبوع الأخير بمفرده ارتفاعاً جديداً على مختلف السلع دون أي مبرّر، حتى حجة التأثر بالأزمات العالمية ومشكلات الشحن لم تعد تنفع بعد استقرار الأسعار العالمية، وفق ما أوضحه أستاذ الاقتصاد د. شفيق عربش، حيث استقرت الأسعار بالبورصات العالمية حتى بالنسبة لخامات النفط، والمادة الوحيدة التي لا تزال تشهد ارتفاعاً بالأسعار في أوروبا هي الغاز.
واعتبر عربش أنه من المفترض عودة أسعار بعض السلع إلى ما كانت عليه قبل الأزمة الأوكرانية، وأن تنخفض الأسعار الاسترشادية لا أن ترتفع، فهي توضع لتقاضي الرسوم الجمركية، وعملية رفعها تزيد الرسوم ما ينعكسُ زيادة بأسعار المواد، والواضح أنه لا يوجد معايير لتحديدها بدقة محلياً كاعتماد سعر المادة بالبورصات العالمية أو في مكان استيرادها.
أزمة إجراءات
وأوضح عربش أنه بعد خروج أول سفينة محمّلة بالحبوب من ميناء أوديسا إثر الاتفاق الروسي الأوكراني، بدأت أسعار المواد الغذائية في العالم بالعودة إلى ما كانت عليه، إلا محلياً، فهي آخذة بالارتفاع دون مبرّر اقتصادي، فالإجراءات والقرارات التي تُتخذ محلياً لا مثيل لها في العالم مما جعل من سورية واحدة من أغلى دول العالم بالمعيشة، معتبراً أن ما يجري هو “أزمة إجراءات” تصدر بهدف معيّن لتعطي نتائج معاكسة على مختلف القطاعات، وكمثال على ذلك قرارات تجفيف السيولة مقابل تثبيت سعر الصرف، نجحت نظرياً بتثبيت السعر الرسمي، إلا أن أسعار السلع بمختلفها ترتفع تقريباً 25% تحسباً لأية ارتفاعات بسعر السوق السوداء!.
على أقل تقدير!
وأمام ما شهدته الأيام القليلة الأخيرة من زيادة في الأسعار، أصدرت وزارة التجارة الداخلية قراراً حدّدت فيه هامش الربح لـ 50 مادة، ليصبح 4 – 10% للمستورد وبائع الجملة، و5 – 13% لبائع المفرق، فيما رأى عربش أنه مقابل عجز الحكومة عن ضبط الأسعار أو رفع الرواتب فلا بد على الأقل من أن تخفض الأسعار الاسترشادية والرسوم الجمركية على المواد الأساسية.