بعد تأخير دام أربعة أشهر من توزيع المواد التموينية.. المواطن ليس بحاجة لـ”سردين وطون” السورية للتجارة بقدر حاجته للرز والزيت….!
البعث الأسبوعية – محمد العمر
ثمة تساؤلات يطرحها المواطن أمام ما يعصف ببطاقة الدعم الحكومي من خيبات وما تقدمه من سلع تموينية هي بالواقع لا تسمن ولا تغني من جوع وسط دوامة الأسعار الجامحة تزامناً -حسب قول مراقبين- مع تأخيرات باتت متعمدة في بدء دورات جديدة لتوزيع المواد من السكر والرز والزيت سيما بعد غياب أربعة أشهر.. فلسان حال المواطن يقول اليوم: “لا نريد السردين والطون فلتحتفظ السورية للتجارة به لنفسها، ما نحتاجه هو قوت يومنا وما يسند عائلاتنا أمام ما يعصف بالأسواق من أسعار جهنمية باتت اليوم لا ترحم صغيراً وكبيراً”..!
يتساءل المواطن هل هذا التأخير في تقديم المواد المقننة هو مقدمة للانسحاب من مشروع الدعم الحكومي، وبالتالي الرضوخ للأمر الواقع من الشراء بأسعار حرة كما تشاء السورية للتجارة..؟ .. وما الذي يجعل هذه المواد غائبة تماماً بشكل مقنن ومدعوم عن التوزيع، وتكون بالمقابل متوفرة في الصالات بالأسعار الحرة..؟ هل سقطت عبارة الحكومة القائلة: إن الدعم الاجتماعي سياسة ثابتة لن يتم المس بها..؟
غموض…!
“ريثما يتم استكمال توزيع مادتي السكر والرز لباقي المواطنين ستبدأ الدورة القادمة” هذا الرد جاء من المؤسسة السورية للتجارة كان غامضاً، ولم يكن مقنعاً للمواطن الذي بات يتلمس أن الحكومة متوجهة لسحب بساط الدعم المقدم لهذه المواد بـ”تمديد وراء تمديد، وبطء شديد في استكمال التوزيع للمحافظات” خاصة أن التكلفة أصبحت ثقيلة على الخزينة وكاهل الاقتصاد وسط ارتفاع بأسعار الغذاء عالمياً، فآخر دورة لتوزيع المواد المدعومة كانت منذ آذار الماضي أي منذ أربعة شهور تقريباً، ويضاف لها مادة الغاز التي أصبحت أمنية للمواطن بعد 120 يوم من الحصول عليها، ناهيكم عما يحدث لرسائل البنزين والمازوت ورحلة العذاب الطويلة من قرارات الشراء الحر مؤخراً، ليكون هناك شيئاً مجهولاً .. فهل يعقل أن نسبة ما تم توزيعه من أربعة اشهر حسب تصريحات المدير العام للمؤسسة زياد هزاع من مادة الرز لا يزال دون 56% لم يتم الانتهاء منها بعد، أي أن المؤسسة تحتاج لمدة شهرين وأكثر لتنتهي من توزيع المادتين على بقية المواطنين، والحجة كالعادة أن التوريدات جاءت متأخرة ويتم اليوم استكمال النقص.. أين إذاً حق المواطن في الأشهر الماضية هل ذهبت هباء.. يتساءل المواطن..؟
استبعاد..!.
منذ بداية هذا العام تم استبعاد آلاف العائلات من الدعم الحكومي للمواد التموينية والمشتقات النفطية وسط تدهور الوضع المعيشي، وكل ذلك حسب قول وزارة التجارة: “بهدف إيصال الدعم إلى مستحقيه من الشرائح الأكثر احتياجاً” وآخرها استبعاد أصحاب السيارات الذين يملكون ١٥٠٠ cc بعد الصيادلة والمهندسين والمحامين والقائمة قد تستمر وصولا للمستحقين..!.
الشيء المستغرب أن كثيرين ممن استبعدوا لم يسافروا خارج البلاد، ولم يكن لديهم سيارة حسب الشروط المطلوبة، حتى إن كان لديهم ذلك فتحت أي مسمى يتم استبعاد كامل الأسرة لمجرد فرد يمتلكها..؟ ما يشير بشكل أو بآخر إلى أن الوزارة لا تزال تتخبط بإيصال الدعم للمستحقين في ظل إلغاء شرائح، والتعديل عليها ثانية، وذلك بعد قرارات يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتنفيها التجارة الداخلية بعد ساعات قليلة كحرمان الجمعيات الخيرية والعازبين والطلاب التي أثارت جدلاً واسعاً، ليبدو للجميع أن هناك شيئاً غامضاً ومقلقاً، وربما بات معروفاً للكثيرين ضبابية اصدار هذه القرارات المتواترة بين حين وآخر والتي أصبحت بالأساس تثير تساؤلات عدة..!، عماً أن أكثر من 70% من الأسر والعائلات تحتاج لشيء يسندها في هذه الظروف العصيبة سيما بعد إلغاء أكثر من 600 ألف بطاقة حسب التصريحات من أصل اربع ملايين بطاقة متوفرة.
النفي طبعا..!
علمت “البعث الأسبوعية” أن بيع السكر المباشر متوقف عن التسليم في صالات السورية، ولدى سؤال أحد مدراء المؤسسة حول هذا الموضوع نفى الأمر، مؤكداً أن التوزيع مستمر بالصالات، كما نفى أيضاً أي ارتفاع بأسعار المواد، واعداً بوصول الدفعات خلال الفترة المقبلة… ولكن خلال استطلاعنا لأكثر من مكان بدمشق والريف ، تبين أن السكر والرز المباشر –حسب تأكيدات مدراء الصالات- متوقف، ولا يوجد توزيع لها وهناك كما يدعون استكمال لرسائل المواد المقننة للذين لم يستلموا بعد..!.
غير مجدي.!
محمد الرشيد خبير اقتصادي وصف الدعم الحكومي المقدم اليوم للمواطن بالغير المجدي الذي لا يكفي ولا يستحق الذكر أصلاً في ظل تضخم هائل، حيث إن ما يقدم من دعم مقنن ومباشر ويحصل عليه الشخص شهرياً هو بالكاد يكفي لعائلة مؤلفة من ٥ أفراد فقط، ووجد الرشيد أن التجارة الداخلية بتأخيرها تسليم المواد للمواطن طيلة الأربعة أشهر الماضية، مقبلة على إلغاء الدعم بشكل تدريجي، ومن الممكن استبعاد شرائح كثيرة في قادمات الأيام، ليبقى الدعم محصوراً بفئة قليلة هي الأكثر هشاشة ضمن بيانات ودراسات تجريها الحكومة اليوم، مبيناً أن ما يحدث اليوم من فقدان للمواد المدعومة يأتي بعد مرور عدة شهور من الغياب عن صالات السورية للتجارة، وصولاً الى سياسة الأمر الواقع والرضا بما هو متوفر في ظل أزمة اقتصادية موجودة لا يمكن تجاهلها..!.
وأشار الرشيد إلى تصريحات وزارة النفط حول تكلفه لتر المازوت البالغة 4350 ليرة وبيعه بـ500 ليرة، وتكلفة لتر البنزين 4200 وبيعه بـ 1100 ليرة، وتكلفة أسطوانة الغاز المنزلي 45000 وبيعها بـ 10000، مؤكداً أن 80% من الكميات الواردة تباع بالسعر المدعوم، وحسب قول الرشيد ليس باستطاعة المهندسين والمحامين ولا حتى الأطباء الذين استبعدوا مؤخرا الدفع خارج إطار الدعم، لأننا نتحدث اليوم عن أسعار تزداد بشكل يومي، ويتساءل الرشيد هل وزارة التجارة الداخلية ستبقي مواد السكر والرز والزيت والغاز والمحروقات مدعومة في الأشهر المقبلة، وهل ستظل تدفع الفاتورة رغم التكلفة الباهظة..؟!
خبراء وموازنة.!
في مقاربة بين الموازنة والدعم، يشير بعض خبراء الاقتصاد أن قيمة الموازنة كل عام تنخفض بشكل كبير، بينما الدعم الاجتماعي يقل عن العام الذي قبله قياساً مع تذبذب سعر الصرف، وهنا نتكلم عن دعم للمشتقات النفطية بأكثر من ٢٥٠٠ مليار ليرة، وقمح بما يزيد عن ٢٣٠٠ مليار، وبالتالي لن تتمكن الحكومة حسب قولهم من التخفيف من الأعباء التضخمية التي يعانيها المواطن بهذه الظروف والتكاليف المرهقة لها، وإن بقيت عجلة الإنتاج في معطيات موازنة العامين المقبلين على هذا الحال وعدم القدرة على تحريك الإنتاج أو التخفيف من تأثير التضخم وانعكاسات غليان الأسعار على معيشة المواطن سيكون الأمر صعباً للغاية بكل المقاييس.
الدعم الكاش..!
حسب تصريحات وزير التجارة الداخلية عمرو سالم إن الوزارة مقتنعة بتقديم الدعم الحكومي للمواطن في ظل حسابات دقيقة تجرى بشكل دقيق من تحديد المستحق وغير المستحق ضمن معطيات وأسس هيكلية العمل بهذا المشروع، لكن لم يخف الوزير سالم “بالكتابة على صفحته” ان هناك توابع كثيرة وانعكاسات لفكرة إعطاء المواطن الدعم النقدي، دون أن يكشف الوزير ماهية هذه التوابع، مع أن الوزير سالم بشهر نيسان الماضي نفى أمام مؤتمر اتحاد العمال أن يكون هناك خطة لأي دعم نقدي، لكن وزارة المالية من جهتها لم تستبعد إمكانية دراسة رفع جزء من دعم الخبز والمشتقات النفطية وتوزيع الإيرادات المتحققة منها على المواطنين في زيادة الرواتب..!.