لغة الفيفا…. تطوير جديد يساعد في تحليل الأداء وتطوير كرة القدم
البعث الأسبوعية-سامر الخيّر
تحدثنا في العدد السابق عن تحليل الأداء والدور المناط بمحلل الأداء وأهميته بالتزامن مع التطور التقني لإحداث الفارق في المباريات، فهو حاضن المعلومات بأدق التفاصيل عن كل لاعب والشكل الجماعي لفريقه، وهو المعني بتقديم صورة فنية واضحة عن المنافسين، كما أصبح للمحلل وظائف فرعية أكثر تخصصاً فبتنا نرى المحلل الكشفي والمحلل التكتيكي ومحلل الأبحاث ومحلل التدريب وحلل حراس المرمى، واليوم نبقى في السياق نفسه ولكن مع تطور جديد ربما هو الأكثر أهمية في تحليل الأداء وتطوير كرة القدم الرياضة الأكثر شعبيةً في المعمورة، حيث أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” تطوير لغة كرة قدم خاصة هدفها المساعدة في تحليل بيانات الوقت الفعلي لكل بطولة لتحصيل الفائدة القصوى من عملية تحليل المباريات بالحصول على تفاصيل أدق ومقاييس جديدة بالإضافة لمعلومات غير مسبوقة.
واستغرق الفيفا عامين لتطوير وإنتاج لغة كروية جديدة تشكل مصدراً مفتوحاً للمدربين واللاعبين في جميع بلدان العالم، حيث تجمع بين الخبرة التقنية والجهود القائمة لتطوير اللعبة على كافة المستويات، وسيتم اعتماد هذه التقنية في أطوار كأس العالم قطر 2022، من أجل التوصّل لفهم أعمق لكل التفاصيل المتعلقة بالمستويات العليا للعبة.
وبني هذا المشروع على رؤية آرسين فينغر، رئيس لجنة تطوير كرة القدم الدولية، والذي يقوم على ضرورة تجميع الملاحظات التقنية وتحليل المعطيات الخاصة بكرة القدم واستخدامها معاً من أجل تحقيق فهم أفضل للعبة وتطويرها، بالإضافة إلى تحسين تجربة متابعة المشجعين للمباريات، ويسعى فيفا إلى إمداد المديرين التقنيين والمدربين ومحللي الأداء بأفضل المعلومات الممكن تجميعها من أجل مساعدتهم على تطوير الموهبة الكروية في كل بقاع العالم، غير أن هذا الهدف لن يتحقق إلا إن تمكن فيفا من فهم المحددات الثابتة لكرة القدم سواء داخل أو خارج المستطيل الأخضر، أي أن لغة فيفا لكرة القدم ستكون بمثابة أبجدية من البيانات تساعد على استخلاص الاستنتاجات الخاصة بما يجري على أرضية الملعب، ويتم توزيع الاستنتاجات، والخطوات العملية والتوصيات وكل التفاصيل على الخبراء التقنيين من خلال عدد من البرامج والمنصات، مثل مركز فيفا للتدريب.
وأول تجربة لهذه اللغة كانت من خلال بطولة كأس العرب للرجال التي استضافتها قطر أواخر العام الماضي، حيث قام فريق من الخبراء على تحليل المعطيات الخاصة بكل لاعب في كل ثانية من المباريات في سابقة عبدت الطريق لاعتماد معطيات أداء جديدة تهدف لرفع المنافسة من خلال التكنولوجيا.
وتمّ تخصيص عضو واحد من فريق المحللين خلال كل مباراة في كأس العرب 2021 لمتابعة أداء لاعب بعينه في الملعب ليقوم بمراقبة وتتبع وترميز أدائه الفردي، وشمل هذا الأمر ملاحظة حركة اللاعب بالكرة وبدونها، وعدد المرات التي يقوم فيها باختراق خطوط الدفاع، ومقدار الضغط الذي يمارسه على حاملي الكرة في الفريق الخصم، ويهدف هذا التحليل المكثف القيام إلى جمع أكثر من 15000 نقطة بيانات من كل مباراة ما يمنح محللي الفريق والمدربين واللاعبين ووسائل الإعلام والمشجعين منظور مختلف لمساعدتهم على فهم اللعبة والاستمتاع بها بشكل أفضل.
الأمر نفسه سيطبق في كل مباراة من نهائيات كأس العالم، فعقب انتهاء كل مباراة سيقوم فيفا بتوفير نقاط البيانات الرئيسية لكل الفرق الـ 32 كما سيقوم باستخدام المقاييس الرئيسة لإعلام الجمهور وراء شاشات التلفزيون بصورة أفضل أثناء اللعب المباشر، كما سيتم أيضاً إتاحة وتقديم التوصيات والموارد والأفكار والرؤى للخبراء الفنيين والمدربين واللاعبين في مركز تدريب الفيفا، أي ستكون لغة كرة القدم هي الشيفرة الخاصة بالفيفا للكيفية التي يجب بها تحليل المباريات في المستقبل.
وسيقلل وجود مثل هذه اللغة والتحليلات مستقبلاً من الأخطاء التحكيمية حتى، فهذه ستكون الخطوة التالية للغة وهي التشعب في كل مفاصل المباراة، وأي تظلم يمكن أن يرفع مستقبلاً للاتحاد الدولي سيعتمد على هذه اللغة لتفنيده وإصدار القرار الأفضل والأعدل والأدق، فلو كان معمولاً بهذه اللغة في التصفيات المونديالية للقارة السمراء لكان من الممكن أن نسمع قرارت مختلفة بحق التظلمات التي رفعتها منتخبات مصر والجزائر، حيث قام الأخير بالتظلم للفيفا عقب خسارته خلال المواجهة أمام الكاميرون في مباراة الإياب من الدور الحاسم من التصفيات، رغم أن الجزائر اعتمدت على تقرير صادر عن إحدى الشركات المعتمدة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، والمتخصصة في تحليل وتقييم أداء الحكام بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
ولم يثمر الأمر إطلاقاً، حيث كان من المقترح أن تعاد المباراة في حزيران أو تموز الماضيين لو أن الفيفا أخذ بالأسباب، وهنا يكون التساؤل مشروعاً، لما يقوم الفيفا بتهميش تقرير يعتمد على تحليل وتقييم الأداء التحكيمي باستخدام لغة الفيفا؟ ببساطة لأنه لم يعلن رسمياً اعتماد اللغة بالتصفيات وإنما بالنهائيات، ليكون التدرج والتمهل في اعتمادها سلاحاً لنجاحها والتخفيف من آراء النقاد الذين يرون في زيادة التدخل التكنولوجي في كرة القدم إقحاماً غير مقنعٍ بل وتخريباً للعبة بساطتها كان العامل الأساس في انتشارها في أرجاء المعمورة.