مجلة البعث الأسبوعية

  من قلب “مطبخ” التنسيق الكهربائي بطرطوس الطاقات البديلة تساعد لكنها ليست الحل أبدا…!!

البعث الأسبوعية – وائل علي

في مكان يسمونه “غرفة التنسيق” لا تتعدى مساحته (4*4) م2 وخطي هاتف أرضي وخطي موبايل وجهاز كومبيوتر لوحي ومقياس ترددي الكتروني لا تنقطع ذبذباته للاطمئنان على شدة التيار لتفادي التسبب في انقطاع الكهرباء وربما التعتيم العام لهفوة غير محسوبة ولامقصودة قد تودي بمرتكبها السجن , إلى جانب بعض التجهيزات المكتبية المتواضعة تنهمك الوردية المناوبة التي تضم أربعة موظفين لأربع وعشرين ساعة متواصلة مقابل ثلاثة أيام استراحة بعد أن يكون الإجهاد والتعب أضناهم ونال من قواهم لتأتي الوردة التالية وهكذا…

وفي غرفة التحكم المستطيلة المجاورة لغرفة التنسيق في الطابق الرابع تلتقي خطوط المحافظة الكهربائية التي يتم من خلالها المناورة والتحكم بعمليات الوصل والقطع المتواصلة على ضوء الحصة الكهربائية المخصصة التي تتبدل وتتغير بأوامر وتعليمات غرفة التنسيق المركزية  بدمشق  التي تقرر حصة كل محافظة على ضوء الانتاج والتوليد الذي يتغير في لحظة “لأي خضة” بسيطة ستؤدي بالتأكيد لتخفيض ساعات الوصل لكل الخطوط باستثناء ما يعرف ” تجاوزاً ” بالخطوط الساخنة , تفادياً  لأي خطأ  قد يتسبب في تعتيم عام لا تحمد عقباه كما حدث في محطة توليد الزارة قبل أكثر من شهر…!!؟

وفي غمرة العمل…

دخلنا غرفة التنسيق برفقة م.عبد الحميد منصورمديرعام الشركة العامة لكهرباء طرطوس ،إذ أعلم مسؤول التنسيق المركزي بدمشق تنسيق طرطوس – وهذا له حكاية “تعب” أخرى – لسنا في واردها الآن تخفيض حصة المحافظة آنئذٍ من 123 ميغا إلى 113 ميغا وترجمة هذا الكلام يكون بتخفيض الوصل مابين نصف ساعة إلى ثلاثة أرباع الساعة مقابل خمسة ساعات قطع لتبدأ رحلة مضنية أخرى لاتهدأ لتوزيع التخفيض على الخطوط لكن تدخل المدير العام مع التنسيق المركزي نجح باستعادة ميغاوات التخفيض لتحويلها باتجاه مشاريع مياه الشرب المتوقفة عن الضخ..!!

غادرنا مبنى التنسيق ويدنا على قلبنا وعقلنا مع فنيي الوردية المناوبة الذين سيتابعون عملهم المشحون بالتوتر والضغط والانفعال ومخاطر تعرضهم المحتملة لمفاجآت غير محمودة كانفجار “قاطع” عند كل عملية وصل وقطع لأي من الخطوط لسبب أو لآخر…

المعاناة الأكبر…

لكن تظل المعاناة الأكبر من الحال الذي وصلت إليه الكهرباء والمعالجات “السلحفاتية” للكارثة التي حلت على السوريين وتخبطها وتأخرها وافتقارها للشفافية التي أفقدت الناس الثقة والأمل بقرب الخلاص وتبخر الوعود التي لم تكن أكثر من أحلام يقظة لمراهق يافع..!!

رغم تدفق المشتقات النفطية التي لم تكن أكثر من “قميص عثمان” وانقضاء أشهرعلى الوعود التي قطعت على أكثر من مستوى باقتراب الفرج من خلال العمل على زج المزيد من عنفات التوليد في المحطات بالعمل , لكن التقنين ظل تقنياً صارما قاسياً لم نشهد في أشد ظروف الحرب ضراوة…!؟

إخفاء الرسالة الأصلية

بدعة الخطوط الساخنة…!!؟

ما يزيد الطين بلة تلك الاستثناءات التي تشرعن ما اصطلح على تسميته خطاً ساخناً لا تغيب عنه الكهرباء لكن على حساب الناس فصارت خطوط الكهرباء “الساخنة” ميزة ودلالة على فاعلية ونفوذ الجهة القادرة على حجز خطها الساخن – ولو كان من بعدها الطوفان – فغياب وانقطاع الكهرباء كارثة يمكن تدارك مفاعيلها وتفاديها لمن يملك السلطة والنفوذ والذراع الطويلة أو المال ليدفع أولاً وأكثر “لخزينة الدولة طبعاً” وفق الأسعار والقيم التي حددتها وزارة الكهرباء لكل قطاع صناعي – زراعي – سياحي – مشفى أو مصنع أو منزل… إلى جانب خطوط المشافي والمشروعات الحيوية والاستراتيجية – كما توصف – يضاف لها تكاليف الخطوط والمحولات والأعمدة والقواطع والكابلات…إلخ

وبعيداً عما سبق فقد أثارت وتثير قضية الخطوط الساخنة التي منحت وتمنح بموافقات رسمية مركزية للمنشآت والتجمعات السياحية على وجه الخصوص  \ منتجع الرمال الذهبية – قرية شاهين السياحية – مشروع جونادا السياحي \ الكثير من الامتعاض وعدم الرضى بين صوف الناس وإطلاق الحملات الإعلامية المطالبة بالكهرباء على صفحات التواصل الاجتماعي بعناوين ومسميات شتى , سيما في ظروف التقنين القاهرة التي وصلت لما وصلت إليه وأنها – أي الخطوط – تقتطع من حصة المشتركين لينعم بها مصطافو البحر من أصحاب النعمة والناس تتلوى من شدة الحر والرطوبة العالية…!؟

وبعد شرح مستفيض لهذه الجزئية من قبل مديرعام الشركة بحضور مدير الدراسات م.محمد بركات لتأكيد أن الميغاوات الساخنة للمشاريع السياحية لا يتجاوزاستجرارها  الـ 5 ميغا كما يقول “منصور”..!!

وبين ان استجرار منتجع جونادا حينها بلغ 15 أمبير و9.5 أمبير لبرج شاهين و28 أمبير للرمال الذهبية و17 أمبير لقرية شاهين السياحية أي مامجموعه حوالى سبعين أمبير أي أكثر من 2 ميغا بقليل…!!

أما خطوط المشروعات الصناعية الساخنة فقد استجرت في نفس الفترة وعلى سبيل المثال لا الحصر 40 أمبير لمعمل المثنى للرقائق البلاستيكية و13 أمبير لمعمل شفيق و 13 أمبير لمعمل الزيوت النباتية و50 أمبير لمعمل سلوم أي ما مجموعه 116 أمبير أي أقل من 4 ميفا وجمعاً مع السياحة يكون 6 ميغا ويمكن أن تتجاوز كمية الميغاوات المستجرة هذه الأرقام في حالات الذروة ولا حدود للكمية المستجرة لأن الكهرباء لا تنقطع عن هذه الخطوط…!!؟

يشار إلى أن احتياجات المحافظة لكهرباء الـ 24/24 يصل إلى 450 ميغا صيفاً و550ميغا شتاءً لا نحصل منها إلا على 1/4 الكمية في أحسن الأحوال وغالباً أقل من ذلك بكثير , فيما تستحوز الخطوط الساخنة على أكثر من ربع حصة المحافظة والباقي يوزع بالقطارة وحسب المتوفر على كامل أبناء ومناطق المحافظة بما فيها الظروف القاهرة التي تشمل أيام الصقيه لتدفئة البيوت المحمية ومحطات ضخ المياه أيام الصيف لتعويض نقص المياه والعطش , ولا يختلف الحال في بعض المحافظات والمناطق التي يفرض عليها مبدأ ومنطق “أبناء الست والجارية” الذي لم ولن يعدل…!؟

وتصل قيمة الكيلو وات الصناعي إلى 550 ليرة والسياحي إلى 975 ليرة مع الرسوم والضرائب لكن لا يجوز بأي شكل ربط ماتحققه الخطوط لخزينة الكهرباء مهما كانت الذرائع لتأمين قطع التبدل وشراء المحولات والقواطع والكابلات وغيرها سببا للتمييز بين مشتركي الخطوط الباردة والساخنة على هذا النحو…!؟

بالعودة إلى البداية…

فمن البديهي القول أن مشكلتنا انتاجية وليست تسويقية أولا , وفي شرعنة حرمان هذه الشريحة أو المنطقة أو تلك من هذه النعمة ثانياً لمنحها للشرائح الأخرى بمعرفة الحكومة ورضاها الضمني والعلني بدل أن تعمل على تكريس عدالة التقنين على مبدأ أن الظلم في الرعية عدل وهنا الطامة الكبرى…!؟

المراوغة في المكان…!!

إلى ذلك ستظل الكهرباء الهم والضاغط الأكبر الذي يقوض أطواق النجاة التي تنتشلنا من هذا الضيق علها تقربنا من الفرج الذي لا يبدو قريباً مع الأسف , وإلا ستظل المراوغة “عفواً” المراوحة في المكان مستمرة  إلى أجل غير معلوم أو واضح وشفاف…!؟

وإذا كان هناك من يعتقد ويظن أن الاتكاء على الطاقات البديلة الريحية والشمسية يمكن أن يشكل حلاًَ بديلاً فإننا نقول أنه من الممكن أن يكون حلاً مساعداً لكن لن يكون حلا بديلاً أبدا وهاهي تجارب الدول التي سبقتنا بأشواط في هذا المجال ماثلة أمامنا…!؟