ألمانيا تقع في الفخ الذي نصبته لنفسها
عائدة أسعد
وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الألمانية ستجبر الحكومة الفيدرالية قريباً شركات الاتصالات الألمانية على إزالة المكونات الصينية من شبكات الهاتف المحمول الخاصة بها. وأكدت وزارة الداخلية الألمانية أنه سيتمّ حظر أجزاء من مقدمي خدمات غير موثوقين حتى لو كانت قيد الاستخدام، والعذر هو أن تلك المكونات قد تشكل تهديداً للأمن القومي.
وعلى الرغم من عدم ذكر “هواوي” على وجه التحديد، فإن شركة الاتصالات الصينية تلك دائماً ما تكون هدفاً لمثل هذه التحركات، لأنها المورد الرائد في العالم لمعدات الشبكات. ففي تشرين الأول من عام 2019، أعلنت ألمانيا أنها لن تمنع شركة “هواوي” من المساعدة في بناء شبكاتها الوطنية الجيل الخامس، متجاهلةً المكالمات الواردة من الولايات المتحدة لاستبعاد معدات الشركة، ولكن ما الذي تغيّر في العامين الماضيين؟.
لقد قدّم جون ستراند، رئيس شركة ستراند كونسلت للاستشارات التجارية، نظرة ثاقبة لما جرى ودفع لهذه الخطوة: “لدينا مشكلة في الاعتماد على الغاز الروسي، لكن سلسلة من دول الاتحاد الأوروبي بما في ذلك ألمانيا تعتمد أيضاً على التقنيات الصينية ويُقدّر أن منتجات “هواوي” تمثل 65 بالمائة من جميع مكونات الشبكات الألمانية”.
إن ألمانيا هي عضو أساسي في منظمة حلف شمال الأطلسي، وتتقاسم المعلومات الاستخباراتية مع الولايات المتحدة، وقد ألقت بقبعتها في الحلبة معهم في دعم أوكرانيا في صراعها مع روسيا، وهكذا أصبحت الآن محاصرة بسبب مخاوف التبعية الخاصة بها في تنفيذ أوامر واشنطن.
والمفارقة هي أن الولايات المتحدة، وليست الصين، هي التي تتنصت على هواتف القادة الألمان عبر مشروعها المنشور. والولايات المتحدة، وليس الصين، هي التي تتطفل في جميع أنحاء العالم، كما أن الولايات المتحدة هي التي بدأت الحرب في أوروبا، وليس الصين. ومع ذلك، فإن السياسيين الألمان تناسوا معاناتهم على كافة الأصعدة، لكنهم لا يعانون من رهاب أمريكا.
ومن خلال الاضطرار إلى الحصول على بدائل أكثر تكلفة، ومن المحتمل أن تكون أقل شأناً بالنظر إلى أن “هواوي” هي شركة رائدة عالمياً في تكنولوجيا الاتصالات الشبكية، تخاطر الشركات الألمانية أيضاً بالتخلف في بناء شبكات الجيل الخامس الخاصة بها.
وما تجدرُ الإشارة إليه أنه لم يكن مثل هذا السيناريو ليحدث لو لم يكن بعض السياسيين الألمان متورطين بشدة في رهاب أمريكا، وإذا لم يكونوا قد دخلوا في حالة من الانبهار بشأن اعتمادهم على الطاقة من خلال التشبث بمعاطف واشنطن.