معهد الثقافة الشعبية يكرم طلابه بالخطّ العربي والموسيقا بمعرض وأمسية
وإن كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم
أحد أبيات قصيدة الإمام علي بن أبي طالب رسمها أستاذ الخطّ العربي في معهد الثقافة الشعبية فايز شامية بأحبار ملونة بتدرجات الليلكي ضمن تكوين تشكيلي لحبة التين، شغلت حيزاً مع أعمال كثيرة تألقت بالخط الذهبي ببودرة الكريستال، ونفذها على الجلد الأسود، كما في لوحة “فاستقم كما أمرت” (هود 112) ودمج فيها بين خط الثلث والديواني بتداخل رائع، ضمن أعمال لافتة لامتدادات واستدارات وتشابكات الخط العربي بتشكيلات هندسية في مواضع، في المعرض الذي أقامه معهد الثقافة الشعبية في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة لتكريم طلاب صف الخط العربي بعرض نتاجاتهم مع أعمال أستاذهم فايز شامية.
وقد تنوّعت أعمال الطلاب بين خط الرقعة والنسخ والنستعليق المدمجة بزخارف ومنمنمات تشكيلية ملونة، ونفذ بعضها بالتشكيل الطولي من الأسفل إلى الأعلى، وتنوعت بين لفظ الجلالة الله وآيات قرآنية وحكم وأقوال وشعر، منها لوحة بيت شعر للمتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
فبدت فروقات فردية أظهرت جمالية مجموعة من أعمال لوحات صغيرة رُسمت بنوع النستعليق لأجزاء من آيات قرآنية، منها آية الكرسي من سورة البقرة والفاتحة وآية “وما توفيقي إلا بالله” (هود 88).
إقبال كبير
وتحدث شامية لـ “البعث” عن تقنيات استخدام بودرة الكريستال المضاف إليها الصمغ في بعض اللوحات، وعن الأحبار ودمجه بين خطي الثلث والديواني، وتابع عن أعمال الطلاب التي دمجت بين الدورة الأولى والثانية من شرائح مختلفة، منهم أطباء ومحامون ومدرّسون وطلاب جامعيون، إذ يوجد إقبال كبير على تعلم رسم الخط العربي وأنواعه بتدرج الدورات، ويولي المعهد اهتماماً خاصاً بالخطّ العربي كونه أدرج على قائمة اليونسكو.
فيروز ورقصة ستي
كما كرّم معهد الثقافة الشعبية صف الموسيقا بأمسية للطلاب المتدربين من الشباب والكبار من أقسام عدة للغناء، وكان العزف على الكمان والغيتار الأكثر مشاركة، فقدموا لوحة غنائية موسيقية مؤلفة من الإيقاع ومجموعة غيتارات والعود بقيادة المايسترو الأستاذ المشرف عماد العبودي، إضافة إلى مشاركته بالعزف على الأورغ في بعض الأغنيات.
وقد تنوع البرنامج بين الأغنيات الوطنية لمناسبة احتفالات شعبنا بعيد الجيش العربي السوري ومقتطفات من التراث السوري ومن موسيقا الزمن الجميل. فغنى كورال المعهد “بكتب اسمك يا بلادي”، ثم قدموا وصلة من التراث السوري، منها “ها الأسمر اللون وبالي معاك والحلوة دي”، وبعض أغنيات فيروز، وكان لأغنية “بعدك على بالي” تأثير خاص على الجمهور، كما غنوا مقاطع من الموشحات والقدود الحلبية تحية إلى روح صباح فخري وللراحلة ميادة بسيليس “ياغالي بضلك غالي” بمشاركة العبودي على الأورغ.
وبعد الغناء الجماعي قُدّمت مقاطع إفرادية لأغنيات أجنبية بمرافقة خاصة للغيتار والكمان، منها “sorry”، ومن ثم شارك الشاب محمد العبودي بغناء إفرادي لأغنية “عندك بحرية ياريس”، واختتمت الأمسية بالغناء الجماعي مع الجمهور رائعة عبد الحليم حافظ “بحلف بسماها وبترابها”.
تميّزت الأمسية بعزف منفرد للعود لمقطوعة “رقصة ستي” لعمر البطش، وكانت من أجمل ما قُدّم.
الفروقات الفردية والتدريب
وفي سؤال “البعث” عماد العبودي عن تباين أداء الطلاب الهواة الراغبين بتعلم أصول الغناء وقراءة النوتة الموسيقية، أوضح أن أداءَهم عامة كان جيداً رغم انشغالهم بالامتحانات الجامعية أو بالعمل ولم يتدربوا كما يجب، إلا أنهم قدموا شيئاً جميلاً. ويعود التباين إلى السرعة بالدراسة حسب اجتهاد الطالب وتدريبه المستمر من خلال الدروس، والنسبة الكبيرة منهم يتعلمون بسرعة، وخلال شهرين ونصف قدمنا أمسيتين في مركز ثقافي أبو رمانة، وهذا يتيح للطلاب انطلاقة أكبر بالوقوف على المسرح والتواصل المباشر مع الجمهور، ويدلّ على نجاح معهد الثقافة الشعبية الذي يقدّم يومين في الأسبوع للتدريب والدراسة بأجر رمزي وعلى مدى أربع دورات في العام.
نتاج الطلاب
ورأت مديرة المعهد سماح عزو أن الفعاليات تكون تتويجاً لنتاج الطلاب مع أساتذتهم بكل أقسام المعهد، وتساعد أيضاً على صقل موهبتهم، وأن الأولوية لقسم الخط العربي كونه جزءاً من ثقافتنا وتراثنا، ولاسيما أن الطلاب قدموا إسهامات مميزة بأنواع الخطوط.
ملده شويكاني