“كان يا مكان” فن الفراغ وحكاية سوريالية للزمان
حلب- غالية خوجة
حالما انتهينا من زيارة بيت أجقباش في عوجة الكيالي بحلب، لفتني مشهد جميل لمجموعة من الشباب والصبايا من الجيل الجديد، وهم يحملون حقائبهم وكأنهم سائحون في حلب القديمة، وما إن مشيت قليلاً حتى رأيتهم متوزعين في الطريق المؤدية إلى الجديدة وساحة الحطب من مدينة حلب العريقة، وأول من صادفت تلك الشابة الجالسة أمام دكان دمّرته الحرب وهي تفتح دفتراً وبيدها قلم، ظننتها تدرس أو ترسم في هذا المكان، فأحببت المشهد السوريالي الأنيق، وبدأت أتعرّف إليها لأكتشف أنها من فريق “كان يا.. مكان.. شباك”، هذا الفريق الذي يبدع من الفراغ حمامات بيضاء للسلام والمحبة والأمان، ويمنح اللحظة الخارجة من الحرب حلماً جديداً للتفاؤل، وتذكرت أن هذا الفريق أقام معرضاً في دمشق، وها هو هنا في حلب.
تشكيلات
جميع أعضاء الفريق منشغل بحالته الفنية التي تنمو بداخله، وها هو شاب بين الأتربة والحجارة يقيس مسافة ما، وهناك في ساحة الحطب رأيت باقي أعضاء الفريق منهمكين بأفكارهم وهم يستطلعون المكان وتحولاته ويحدقون في الآثار المدمرة التي تستعيد حضورها مع عمليات الترميم المتواصلة بين أزقة وشوارع وأحياء وجامع وكنيسة وبيوت ومحلات.
أفكار شبابية
الشباب والصبايا أخبروني أن الدكتورة بثينة علي أستاذة الرسم والتصوير في جامعة دمشق هي المشرفة على الفريق، وبدأت مع كلّ خطوة، أنادي: من هي الدكتورة بثينة علي؟ فأجابتني الدكتورة الواقفة في ساحة الحطب، تعارفنا، وأخبرتني: مشروعنا في كان يا مكان هو الحمام والشباك وسيكون معرضنا القريب في حلب.
أمّا عن الفريق، فقالت: إنهم جيل شاب، تتراوح أعمارهم بين 20 ربيعاً و35 ربيعاً، عاشوا الحرب، ويعملون فناً مختلفاً، ويعبّرون عن أوجاعهم بعمل فني من خلال الحمامة البيضاء. وأضافت علي: بدأت الفكرة عام 2010 لنزيّن دمشق المدينة العظيمة، ونبدأ بأول معرض عام 2011، لكن الحرب داهمت أحلامنا، ولم تدمّرها، والحمامة رمز لدمشق والسلام، وستكون معكم في معرض جديد بحلب، ورسالتها للعالم أننا بلد محبة وسلام.
محبة وسلام
سيظلّ الحمامُ يرفرف في سوريتنا الحبيبة متأملاً حكايات حدثت وتحدث، وسيشكّل، قريباً، في حلب معرضاً تشكيلياً ميدانياً مفاهيمياً مختلفاً، مضيفاً لهذه المدينة الشامخة المتجذّرة في التأريخ والحضارة فناً جديداً لفنونها التشكيلية وإبداعاتها المتنوعة، لتظلّ متحفاً إنسانياً يضيء العالم.