لأسباب مادية.. متابعة شعبية واسعة لنصائح المواقع الطبية وارتفاع في حصيلة الأخطاء الصحية
دمشق- بشير فرزان
غلاءُ أجرة المعاينات الطبية التي وصلت إلى عشرات الآلاف من الليرات السورية، وارتفاع أسعار الأدوية، ضاعف من أعباء الناس المادية، ما أدى إلى عزوفهم عن مراجعة الطبيب والاكتفاء بخبرتهم البسيطة حول الأدوية المطلوبة لكلّ حالة، وبشكل ضاعف من المخاطر والأخطاء التي ازدادت مع تشابه الأعراض المرضية بين الكثير من الحالات. ولا شك أن الظروف الاقتصادية العامة ساهمت إلى حدّ كبير في انتشار الكثير من المواقع الطبية والبرامج المختصة بتقديم النصح والمشورة لطالبيها بما يتيح التهرب من الأجور المرتفعة للأطباء، وبشكل عزّز لدى الكثيرين ثقافة العلاج الذاتي أو ما يُسمّى الطبيب المنزلي الذي يبحث عن طرق علاج للكثير من الأمراض والأدوية المناسبة لها عبر الشبكة. والملفت أن هناك برامج متنوعة انتشرت على الهواتف الذكية هي عبارة عن موسوعات طبية تستطيع من خلالها تحديد نوع المرض واسمه والعلاج المناسب له، ويتمّ تحديثها باستمرار بالمعلومات المستجدة عن طريق ربطها بشبكة الانترنت.
وكان مثيراً للاهتمام أيضاً ما سمعناه عن وجود برامج تستطيع من خلال تنزيلها على أجهزة الهواتف الذكية قياس ضغط الدم أو عدد ضربات القلب، إضافة إلى برامج أخرى يستطيع المستخدم من خلالها وضع جدول زمني للالتزام بحمية صحية معينة أو برنامج رياضي مثلاً من خلال وجود مدرّب افتراضي يحدّد نوع الغذاء أو عدد التمارين الرياضية المطلوبة ونوعها (مشي، ركض، تمارين سويدية… إلخ).
الدكتور مجد سلامة (طبيب أطفال) لا يرى أي خطورة في بحث الأم مثلاً عن علاج للتحفيف من ألم طفلها، ولكن فقط في حالات محدّدة. ورأى في ذلك تعزيزاً لثقافتها الطبية من خلال البحث والاستفسار عن مشكلة طبية معينة على صفحات الانترنت، لكنه يحذر في الوقت نفسه من أن هذا الأمر يتطلّب خبرة كافية وحذراً، فالمواقع الإلكترونية قد تتحدث عن حالة مرضية معينة لا تماثل بالضرورة الحالة التي يعاني منها المريض “الطفل أو السائل”، وقد حصلت الكثير من المضاعفات نتيجة عدم التشخيص الصحيح واستخدام أدوية غير فاعلة ولا علاقة لها بالمرض، والأمر يزداد خطورة في حال وجود حرارة داخلية مرتفعة لا يمكن تقدير نتائجها وأسبابها إلا من خلال معاينة الطبيب. وأضاف: بالنسبة للأشخاص القائمين على تلك المواقع ربما تنقصهم الخبرة أو المعرفة في التشخيص، وحتى المريض نفسه قد لا يستطيع شرح حالته المرضية بشكل جيد وكافٍ، لذلك فالفحص الطبي والمعاينة أمر لا بدّ منه مهما بلغت درجة الحرفية في تلك المواقع أو القائمين عليها أو الباحثين عنها، وتكون المشورة غير المباشرة مفيدة فقط في بعض الحالات.
في المقابل وضع الدكتور نزيه الحمصي (داخلية) ما يحصل في خانة قلة الوعي نظراً لخصوصية الواقع الصحي، وخاصة في زمن كورونا وتعدّد أعراضه، وهناك الكثير من الحالات التي تأزمت نتيجة استسهال البعض واعتمادهم على معلومات النت، وكان هناك انتشار للعدوى بشكل كبير لعدم التشخيص الصحيح والاكتفاء بمعلومات عامة وأدوية تقليدية.
من جهته يؤكد الصيدلاني أسامة مهنا ضرورة وجود وصفة طبية قبل صرف أي دواء، ويضيف: نتغاضى في بعض الأحيان عن تقديم بعض الأدوية التي لا آثار جانبية لاستخدامها كأدوية الرشح والسعال والمضادات الحيوية والفيتامينات، لكننا في المقابل لا نستطيع صرف أدوية قد يسبّب استخدامها دون وصفة طبية ضرراً ويضعنا أمام مساءلة أخلاقية وقانونية نحن كصيادلة بغنى عنها. ويختم مهنا: نحن كصيادلة نقوم أيضاً بهذا الدور (دور الطبيب المنزلي)، لأن الكثير من الأشخاص يأخذون مشورتنا بعلاج مرض معيّن أو الدواء المناسب له، ولا أتردّد شخصياً في تقديم النصح المجاني لأي سائل.