صحيفة البعثمحليات

صخرة سيزيف!

بشير فرزان 

يواجه الموظف في هذه الظروف محنة كبيرة، وهي كما يُقال “تكسر الظهر”، فالعبء المعيشي بات كصخرة سيزيف “بطل اللاجدوى”، وما يجري اليوم من استفحال الغلاء جعل من  أعباء المواطنين المعيشية صخرة ثقيلة تتكرّر همومها وأثقالها في كلّ شهر، وبشكل يؤكد أنهم أحفاد ذلك المتمرد الذي انتُزعت منه مسراته وحُكم عليه بالعذاب والجحيم، فحال المواطن في هذه الأيام لا تختلف عن ذلك المعذب، وما أصعب أن يقف الأب عاجزاً أمام أسرته وهو غير قادر على تأمين أبسط مستلزماتها.

ومن المفارقات التي نعيشها على مدار الساعة الاتساع الكبير والمتسارع في الفجوة بين الدخل والإنفاق الأسري، حيث لم تعد الوعود الحكومية قادرة على بلسمة أوجاع الجيوب الخاوية، وخاصة شريحة الموظفين الذين باتوا في قلب العاصفة المعيشية. وفي المقابل لم تستشعر الحكومة بعد خطورة المواجهة المعيشية المحتدمة في حياة الناس. ونؤكد هنا على مصطلح “الاستشعار” على اعتبار أن كلّ الوعود التي أُطلقت كان نصيبها التلاشي والسقوط بالتقادم من أجندة العمل الاقتصادي الذي يتوارى أكثر فأكثر عن ساحة الحلول الناجعة فيما يخصّ تحسين الواقع المعيشي المتآكل أمام حالة الجنون والفوضى السعرية الضاربة بقوة في سياسات الترشيد والإنفاق الأسري والحكومي، فالمعركة حامية الوطيس بعد أن تضاعفت ارتدادات وتداعيات هذا الملف على حياة الناس، وبشكل يستدعي عملاً إسعافياً سريعاً.

والغريبُ أن الزيادة في الموارد المالية التي يتمّ التصريح عنها بأرقام عالية، سواء من بوابة الزيادة السعرية في المحروقات أو تقليص الفئات المستفيدة من الدعم أو الضرائب التي ارتفع رصيدها المالي – كما تصرّح وزارة المالية – لا تعود بأيّ تقدم على جبهة زيادة الرواتب أو تحسين متممات الراتب، إذ كانت هناك وعود لرفع الحدّ الأدنى المعفى من الضريبة إلى 90 ألف ليرة، وهذا لم يحصل إلى الآن.. وغيرها الكثير!!.

وما يدعو للتشكيك في سلامة الإجراءات والخطوات المتخذة في المنحى المعيشي أنها تعتمد على قيمة الرواتب الضئيلة، سواء لجهة القروض التي يصعبُ الحصول عليها لكثرة التعقيدات، بما فيها الاستهلاكية أو السلف، أي الدوران في الحلقات المفرغة والعودة من جديد إلى خط البداية المتمثل في المواجهة الدائمة مع الواقع المعيشي، وخاصة في هذه الفترة من العام التي تزداد فيها الأعباء المعيشية لناحية تأمين المستلزمات الخاصة بالمدارس، والمونة، والمازوت، ولن ندخل هنا في نفق المقارنات بين حياة المواطن الناضحة بالقلة والعوز، وحياة الكثير من المسؤولين أو حديثي النعمة النابضة بمئات التساؤلات!!

لن نطيلَ الحديث عن الأعباء التي نحاكي من خلالها حياة نحو 90% من المواطنين المصنّفين في خانة الدخل المحدود، والذين يبحثون عن قشة الإنقاذ. وهنا نطالبُ برفع قيمة السلف الممنوحة إلى مليون ليرة، وتحديداً في هذا الفترة، ومنح قروض إسعافية بكفالة المؤسّسة والشركات ليتدبر الموظف من خلالها أموره ويؤمّن لأسرته متطلباتها المدرسية والمعيشية، وبذلك تتحقق نظرية الدولة الأبوية التي لم تعد موجودة إلا على الورق، مع التأكيد على ضرورة إيجاد حلول لتحسين الوضع المعيشي بأسرع وقت.