مجلة البعث الأسبوعية

في عيد الصحافة .. مطالب محقة مجمدة وحقوق مشروعة ضائعة محكومة بالأمل البعيد!

البعث الأسبوعية – غسان فطوم

وحده المكان الذي تغيّر في احتفالية عيد الصحافة، فعادة كانت تقام في الصالة الملكية في مدينة الجلاء الرياضية، لكن هذه المرة ارتأى اتحاد الصحفيين إقامة الحفل في نادي الصحفيين بالعفيف، بعد أن تم حل الإشكال مع المستثمر السابق، وتشغيله من قبل مستثمر جديد وبشروط مالية جديدة.

حضور الزملاء الصحفيين لم يكن كبيراً كما كان في الاحتفالات السابقة، ويبدو أن ظروف الحياة الصعبة وهموم المهنة ومتاعبها سرقت منهم حتى لحظات الفرح القليلة وجعلت حياتهم مثيرة للشفقة!.

صور تذكارية!

لم يخرج الاحتفال عن برنامجه النمطي، الذي بدأ كالعادة بإلقاء الكلمات التي تذكر بأهمية المناسبة وأهمية دور الإعلام في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية والإشارة إلى بعض الأنشطة المرافقة للاحتفالية، وقدّم الزملاء “أسمى التهاني والتبريكات” لبعضهم، وتسابقوا لأخذ الصور التذكارية، فهم عادة لا يلتقون إلا بهكذا مناسبات، في ظل غياب مبادرات اتحاد الصحفيين ووزارة الإعلام في دعم الأنشطة الاجتماعية والترفيهية للصحفيين، علماً أن ذلك مطلباً حاضراً في كل مؤتمر سنوي وفي المؤتمرات العامة.

الهموم حاضرة

رغم ضيق المكان ورغم قلة عدد الحضور من الزملاء الصحفيين بالرغم من عددهم الكبير الموجود في دمشق، لكن هذا لم يمنع الزملاء من البوح لبعضهم بدردشاتهم الجانبية بالحديث عن همومهم المهنية والمعيشية وشكواهم من منغصات العمل، وضعف التعويضات، وشح الخدمات التي تُقدم لهم نتيجة عدم توفر الموارد الداعمة.

طبيعة العمل

أجمع الزملاء أن عدم إقرار طبيعة العمل الصحفي على الراتب الحالي وعرقلتها في كل مرة، لا يوحي بأن هناك من يدعم ويهتم بالإعلام قياساً بالحديث عن ذلك في كل مناسبة، الأمر الذي دفع أحد الزملاء للسؤال: هل باقي النقابات التي زادت تعويضاتها أفضل من العاملين بالصحافة وهم أبناء السلطة الرابعة؟!.

“بصراحة كنا نأمل أن يتم وضعنا بصورة ما وصل إليه الاتحاد بهذا الشأن” كلمات رددها العديد من الزملاء فيما بينهم، ولكن الاحتفال انتهى ولم يسمعوا ما يرضيهم ويقوّي أملهم بالحصول على حقوقهم المشروعة التي ما تزال تتقاذفها الوعود المعسولة!.

لجنة الاستثمارات

تتحدث أخبار المكتب التنفيذي عن تشكيل لجنة للاستثمارات الخاصة بالعقارات والأملاك العائدة للاتحاد في أكثر من محافظة، لعل وعسى تستطيع إزاحة الغبار عن هذا الملف المثقل بالإشكالات نتيجة تراكمات تعود لسنوات عديدة سابقة لم يتم خلالها إيلاء هذا الجانب أي متابعة رغم أهميته كونه إن تم وتحقق سيعود بالمنفعة على الزملاء الصحفيين الذين أمضوا السنوات الماضية وهم يسمعون كلاماً ولا يرون أفعالاً!.

وهنا نسأل: متى سيحل الاتحاد إشكاليات الأراضي في شارع النصر وباب شرقي بدمشق والديماس وصيدنايا وخربة السودا بحمص وغيرها من الأراضي والتي يبلغ سعرها اليوم مليارات الليرات؟

متقاعدون متعبون!

كان اللافت في الاحتفالية حضور قلة من الزملاء الصحفيين المتقاعدين أحدهم سأل: إلى متى يستمر الإجحاف بحق الصحفيين المتقاعدين.. اعملوا لآخرتكم؟، طبعاً هذا الكلام لم يصل لمسامع رئيس اتحاد الصحفيين الزميل موسى عبد النور ولا للسيد وزير الإعلام الدكتور بطرس حلاق، إنما ظل في إطار الدردشة بين عدد من الزملاء الذين عبروا عن امتعاضهم مما آلت إليه أحوال الزملاء الصحفيين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، وللتذكير لا يتجاوز الراتب التقاعدي للزملاء المتقاعدين الـ 19 ألف ليرة، أما تعويض الضمان الصحي للمتقاعدين، فهو بحدود الـ 32 ألف ليرة بالسنة وهو مبلغ لا يكفي لشراء الدواء للأمراض المزمنة التي يعاني منها أغلب الصحفيين المتقاعدين كالسكري والضغط، وغيرها من أمراض الشيخوخة.

القانون المنتظر!

أيضاً كان الزملاء يمنون النفس بأن يسمعوا أخباراً مفرحة عن قانون الإعلام الجديد الذي طال انتظاره، وكانوا يأملون أن يتعرفوا على بعض ما يتضمنه من مواد ضابطة للمهنة وتحقق الحماية للصحفيين، وخاصة ما يتعلق بالحريات الصحفية، لكن هذه الأمنية لم تتحقق ليبقى الجميع قيد الانتظار وكلنا أمل ألاّ يطول، خاصة بعد أن أُشبع القانون بالدراسات والملاحظات!.

إجابات فورية!

بعض الزملاء اقترحوا فيما بينهم أن تتحول مناسبة العيد إلى مؤتمر مصغر يناقشون فيه قضايا المهنة وهمومها ومشاكلها داخل المؤسسات الإعلامية والوقوف على مطالب الصحفيين، مطالبين بحضور الوزراء المعنيين للحصول على إجابات فورية، بدلاً من وضع اللوم على المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين.

زيارات المؤسسات

وطالب عدد من الزملاء بتفعيل دور اتحاد الصحفيين والارتقاء بدوره المهني، وتعزيز حضوره، ليكون فعلاً بمثابة بيت حقيقي وملاذ آمن للصحفيين، متسائلين عن سبب غياب زيارات أعضاء المكتب التنفيذي للمؤسسات الإعلامية للإطلاع على مشكلات الزملاء ومطالبهم بتحسين بيئة العمل، فيما انتقد البعض اللجان المهنية التي لا تقوم بدورها كما يجب، وطالبوا أيضاً بتنقية المهنة من الدخلاء حتى لا تصبح مهنة لمن لا مهنة له، مطالبين بالتشدد بالانتساب للاتحاد.

يستحقون الكثير

بالمختصر، على اتحاد الصحفيين في كل مناسبة أن يضع هموم ومطالب الزملاء المشروعة في أولويات مهامه ويعمل على حل المشكلات وتحقيق المطالب المشروعة بما يضمن تحسين الأوضاع المهنية والمعيشية وحماية حقوقهم والدفاع عنها، الصحفيون يستحقون الكثير فهم قدموا دماءهم للوطن كانوا خلال سنوات الحرب جنوداً إلى جوانب بواسل جيشنا العربي السوري، يوثقون بالكلمة والصوت والصورة انتصاراته على العصابات الإرهابية والدول الداعمة لها، ويبقى الأمل بأن نرتقي بخطابنا الإعلامي ونقله من الحالة النمطية إلى الحالة الإبداعية، فنحن اليوم بأمس الحاجة لإعلام وطني قوي يقوم بدوره في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.