انتخابات الإدارة المحلية.. مسؤولية الوعي الشعبي والقرار الإصلاحي المسؤول؟
بشير فرزان
ينشغل الشارع السوري بانتخابات الإدارة المحلية التي تمهّد لمرحلة جديدة من العمل المؤسساتي الخدمي، وكالعادة تكثر التوقعات والتكهنات حول ماهية المجالس القادمة التي يستودعها الناس تطلعاتهم وأمانيهم بتحسين الواقع الخدمي، وإعادة عمل هذه المجالس والوحدات الإدارية إلى مسارها الصحيح لاسترداد ثقة غالبية الناس، وتجاوز الخلل الكبير الموجود في عملها الذي تحول بالممارسة إلى عمل استثماري يسهم في تضخيم الأرصدة الشخصية بشكل علني دون أن تكون هناك أية رقابة، بل على العكس هناك الكثير من الأحاديث التي يتناولها الشارع عن شراكات وشبكات عمل عنكبوتية تجمع ما بين مفاصل تسلسلية عديدة بقصد الانتفاع أو التغطية المأجورة على مخالفات وتجاوزات في كل المحافظات، وبالمقابل الانتخابات تتطلب وعياً شعبياً لانتقاء الخيارات القادرة على العمل، والقيام بمسؤولياتها كاملة بعيداً عن الشبهات أو التقاعس والإهمال في العمل وضعف الأداء لتصل إلى حكم الفساد بكل مجالاته؟
ورغم قساوة حكم الشارع على عمل الوحدات الإدارية، وتحديداً البلديات التي باتت في نظر الكثيرين مستثمرة لصالح بعض الأشخاص، وانتقاد الناس للمنظومة الإدارية التي تتراكم الأخطاء في سجلات عمل المئات منها، واضمحلال المعالجات والحلول المتخذة بحقها التي تعترضها الكثير من التقاطعات التنفيذية بما يخمد فاعليتها، ويحيل قدراتها الإصلاحية إلى التقاعد المبكر، إلا أن ذلك لم يخمد الأمل بإمكانية إحداث تغيير حقيقي في منظومة العمل الإداري والفكر المؤسساتي الذي يديرها بما يحسن الأداء، وقد عبّر المواطنون عن ثقتهم بأن الخيارات الانتخابية لمجالس الإدارة المحلية ستكون على قدر كبير من المسؤولية والالتزام، خاصة في المرحلة القادمة التي ستكون فيه صناديق الاقتراع بوابات لمرور الكفاءات التي تتصف بالنزاهة والإخلاص.
وأشار عدد كبير من الذين التقيناهم من مختلف الفئات والشرائح إلى أن دور المجالس المحلية واضح كما هو وارد في المرسوم رقم 107 تاريخ 23/ 8/ 2011 الخاص بقانون الإدارة المحلية الذي جاء ليطور عمل مجالس الوحدات الإدارية (المحافظة – المدينة – البلدة – البلدية) ومكاتبها التنفيذية، والذي تمثّل في إضافة دور تنموي إلى جانب الدور التقليدي (الخدمي) الذي كانت تمارسه مجالس الوحدات الإدارية ومكاتبها التنفيذية في ظل قانون الإدارة المحلية السابق، حيث تجلى التركيز على الدور التنموي من خلال ما نصت عليه المواد المتضمنة أهداف القانون (وضع خطط تنموية، وتنمية الموارد لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وتطوير فرص اقتصادية وتنموية، وإيجاد حالة من التكامل بين الدور الخدمي والدور التنموي)، كما حددت مواد أخرى في القانون آلية القيام بهذا الدور من قبل المجالس المحلية ومكاتبها التنفيذية، وورد ضمن اختصاصات مجلس المحافظة تكليف جهات مختصة في الأجهزة المحلية والمركزية، وإمكانية الاستعانة ببيوت خبرة محلية أو دولية لوضع رؤية تنموية مستقبلية اقتصادية اجتماعية وخدمية، وترجمتها إلى خطط طويلة الأجل تضمن الانتقال إلى مراحل تنموية متقدمة اقتصادياً واجتماعياً ومؤسسياً وثقافياً، وطبعاً سيخضع أعضاء المجالس بعد انتخابهم لأحكام قانون الإدارة المحلية الذي أولى من خلال مواده عناية خاصة لمراقبة عمل أعضاء المجالس المحلية ومكاتبها التنفيذية، خاصة في بابه التاسع الذي حمل عنوان “الرقابة وإنهاء العضوية”، وقد صدرت عدة مراسيم بحل عدد من المجالس المحلية بسبب فسادها أو تقصيرها أو ضعف أدائها وسوء استخدامها للصلاحيات الممنوحة لها.
لا شك أن 57354 طلب ترشيح تمت الموافقة عليها من قبل لجان الترشيح تنتظر المرور من صناديق الاقتراع إلى المجالس المختلفة، وطبعاً هذا المرور مرهون بوعي الناس لاختيار أصحاب الكفاءات والكف النظيف، إضافة إلى منع أصحاب النفوذ من تمرير رغباتهم بطريقة غير شرعية ومسيئة للمواطن والمجتمع، ومن هنا تبدأ خطوة الألف ميل إن كانت هناك نوايا جادة وإرادة حقيقية لإصلاح هذه المنظومة.