انتخابات المجالس المحلية تجسيد لإرادة المواطنين بتحسين الواقع الخدمي والتنموي والاجتماعي
“البعث الأسبوعية” ــ بشار محي الدين المحمد
يبرز اليوم الدور الفعال للمواطن في تصويب عمل الدولة ومؤسساتها عبر مشاركته في انتخاب المجالس المحلية التي تجسد فكرتي اللامركزية، والديمقراطية في كافة المجالات، بعد مشارفة المدة القانونية لولاية المجالس المحلية والمحددة بأربع سنوات على الانتهاء، وإصدار السيد الرئيس بشار الأسد المرسوم رقم 216 لعام 2022 القاضي بتحديد الثامن عشر من أيلول المقبل موعداً لإجراء انتخاب أعضاء المجالس المحلية، ليجسد هذا المرسوم اهتمام الدولة والتزامها بكافة الاستحقاقات في مواعيدها المحددة ضمن الدستور والقوانين؛ كما شدد مجلس الوزراء في جلساته الأسبوعية مؤخراً على تشجيع الكفاءات والخبرات للترشح لانتخابات تلك المجالس بهدف الوصول إلى مجالس إدارية فاعلة تلبي متطلبات المواطنين لناحية تطوير العمل وإحداث تنمية حقيقية على مستوى كل وحدة إدارية ومجلس مدينة أو بلدة، وتحسين الواقعين الخدمي والتنموي في ظل التوجه الحقيقي لتفعيل اللامركزية الإدارية، مع التركيز على توسيع صلاحيات هذه المجالس على صعيد اتخاذ القرارات المتعلقة بإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين الخدمات.
وائل علي دالي، عضو مجلس الشعب، عضو لجنتي الرقابة والإدارة المحلية والتنمية العمرانية والشكاوى، توجه بمناسبة اقتراب موعد الانتخابات، لجميع المواطنين بضرورة تقديرهم لأهمية اختيار الأفضل من المرشحين والقادرين على العمل لخدمة المواطن وتنفيذ متطلباتهم الخدمية، وخص بالذكر أهالي دائرته الانتخابية في إدلب وريفها المحرر من قبل بواسل الجيش العربي السوري، متمنياً منهم دفع الأشخاص الأكفاء لخدمتهم تحت شعاري “الأمل بالعمل”، و”الأمل بالتحرير” لبقية الأراضي بريف إدلب، وكامل أراضي القطر.
وأكد دالي أن المجلس المحلي للوحدة الإدارية هو صلة الوصل بين المواطن وكافة الجهات العامة التنفيذية والخدمية على المستوى المحلي والوزاري، مشدداً على تحلي الجميع بالمسؤولية في اختيار مرشحيهم دون تبني أية معايير أخرى غير مناسبة، لكي يكونوا عوناً لجميع المواطنين في قادمات الأيام، فالمجالس المحلية بكل أشكالها سواء كانت محافظة، أو مدينة أو بلدة أو بلدية تختص في نطاق السياسة العامة للدولة بتسيير شؤون جميع الأعمال التي تؤدي إلى تطوير كل الوحدات الإدارية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعمرانياً، بما يتماشى مع التنمية المستدامة في مجالات التخطيط والصناعة والزراعة والاقتصاد والتجارة، والتربية، والثقافة، والسياحة والخدمات عموماً، وهذا يظهر المجالات الواسعة التي يستطيع أعضاء المجالس المحلية العمل والتدخل من خلالها لخدمة المواطنين بجميع شرائحهم، لأن معظم التفاصيل اليومية في كل حي ستمر عبر مجالسهم.
من جانبه، يرى المحامي محمد وسام كريم الدين أن المجالس المحلية هي الحلقة الأقرب لجميع شرائح المجتمع فعملها يتعلق بخدمات المحامين والأطباء والإعلاميين والطلاب والرياضيين والنساء العاملات وربات البيوت والمهندسين وغيرهم، ويعتبر وجود وتطبيق هذه المجالس منذ سنين طويلة إحدى الثمرات الإصلاحية، ولا سيما أن حجم تمثيل العمال والفلاحين في هذه المجالس لا يقل عن خمسين بالمئة، وهو ما يعني أنها الأقدر على إيصال صوتهم وتلبية احتياجاتهم من باقي السلطات المركزية في الدولة.
ووفقاً للمحامي كريم الدين فإن الوحدات المحلية ومن خلال تواجدها في كل تجمع سكاني هي الأقدر على معرفة التفاصيل الموجودة بالمجتمع، وبالتالي يمكن الاعتماد عليها كمصدر للأرقام الإحصائية التي تساعد في وضع خطط أكثر واقعية وملائمة لحاجات المواطنين.
وحول آليات الرقابة على عمل تلك المجالس، ركز المحامي كريم الدين على فكرة أن المواطن هو الأساس في تلك الرقابة من خلال عملية الانتخاب إذ يحدد من يمثله في مجلس الوحدة الإدارية، وكلما كان اختياره موفقاً كان هناك تنمية في الخدمات، أما إذا اكتشف المواطن أن خياراته غير موفقة فقد أتاح له القانون الرقابة على عمل تلك المجالس “رقابة شعبية” من خلال التقدم بملاحظاته للمجلس مباشرة لدراسة ومراجعة قراراته، إضافةً لرقابة “رسمية” تمارس عبر تقدم المواطن للجهات الوصائية المتمثلة بالمحافظة أو وزارة الإدارة المحلية؛ كما أتاح القانون للمحافظ ووزير الإدارة المحلية الرقابة على عمل تلك المجالس من خلال تدقيق قراراتها، وفي حال وجود عيب قانوني بالقرار يعاد للمجلس؛ وللمجلس الـتأكيد أو الإلغاء، وفي حال الخلاف يرفع الأمر لمجلس الدولة للبت بالخلاف ما بين الوزير أو المحافظ والمجلس المتخذ للقرار.
معاون وزير الإدارة المحلية والبيئة معتز قطان قدم في العديد من اللقاءات والندوات التي أقيمت على هامش انتخابات المجالس المحلية شروحات ومعلومات حول الموضوع، معتبراً من خلالها أن عملية الترشح أكدت وبشكل واضح زيادة اهتمام المواطن وإدراكه ووعيه لدور هذه المجالس من خلال زيادة تقديم طلبات الترشيح، فعدد المرشحين في الدورة السابقة بلغ نحو 43 ألف مرشح، في حين ناهز عدد المرشحين الـ 63 ألف.
ووفقاً لقطان، تمت تنمية معظم الوحدات الإدارية بما ينسجم مع عدد السكان وتمثيلهم بالشكل الصحيح، حيث تمت الموافقة على إحداث 26 وحدة إدارية جديدة لم تكن محدثة سابقاً، و24 بلدية، وبلدتين ستجري الانتخابات فيها لأول مرة، وأضاف أن 52 وحدة إدارية كانت في الدورة السابقة بلديات أصبحت بلدات حالياً، كون عدد سكانها تجاوز العشرة آلاف نسمة، وأن بلدتين أصبحتا مدناً كون عدد سكانهما تجاوز الخمسين ألف نسمة، مبيناً أن البلدية نطاق عدد سكانها 5 آلاف نسمة كحد أدنى، والبلدة تعمل ضمن تجمع سكني لا يقل عدد سكانه عن 10 آلاف نسمة، والمدينة عن الـ 50 ألفاً، حيث تعمل الوحدات على تلبية خدماته ورفع مؤشراته التنموية، وتديرها المجالس المحلية، المنتخبة مباشرةً من قبل تجمعاتها السكنية، ما يحقق للمواطن إدارة خدمات تجمعه السكني وإدارة التنمية ضمنه لتجسيد الدستور وقانوني الإدارة المحلية، والانتخابات.
جدير بالذكر أن وزارة الإدارة المحلية والبيئة في العام الماضي أناطت بالمجالس المحلية مؤازرة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ضبط الأسواق وعدم التلاعب بالأسعار، كما طلبت الوزارة من الوحدات الإدارية تقسيم مخططاتها التنظيمية بما في ذلك الأسواق لتحديد مسؤوليات دوريات حماية المستهلك، بحيث تنسق معها ومع الجهات التابعة لوزارة الداخلية من جهة أخرى، بهدف تكامل الأدوار ضمن هذا الإطار، ونأمل من المجلس القادم وضع هذا الموضوع ضمن أولوياته لتحسين الوضع المعيشي للمواطن وكبح جماح الأسعار.
وكان لافتاً خلال فترة الترشح كثافة نشاطات برنامج الحملة الوطنية لتعزيز مشاركة المرأة في المجالس المحلية تحت شعار “أنت تستطيعين.. أنت تستحقين”، عبر تنظيم عدة ورشات عمل في المحافظات، حول دور المرأة الفاعل في المجالس المحلية تمثيلاً وانتخاباً وعملاً، بغية التأكيد دور المرأة السورية التي أثبت عبر التاريخ دورها الريادي الفاعل في جميع مجالات الحياة، ما يؤكد قدرتها على متابعة هذا الدور مستقبلاً، ولا سيما في استحقاق انتخابات مجالس الإدارة المحلية.