أين عقود المقايضة…؟!
علي بلال قاسم
إذا كان ملف القوانين والتشريعات أخذ حيزاً من التوضيب والإنجاز وإعادة النظر والخلق من جديد، فقد تسارعت بعض أقطاب السلطات لترميم واقع وإيجاد آخر يمهد للمرحلة القادمة المنتظر التأسيس لها وهذا ما يشتغل عليه مؤسساتياً وتشاركياً بين الحكومة والمجتمع الأهلي والفعاليات بشتى انتماءاتها وقطاعاتها.
لم تشأ الحكومة أن تمرر مراحل التحول التكتيكي والإستراتيجي التي تمر بها مجريات مخاض الحراك الاقتصادي لزمن ما بعد الحرب، سواء لناحية محاولات عودة عجلة الإنتاج لحركتها الطبيعية تدريجياً، أو جهود رجوع المستثمرين الذين غادروا إلى دول عربية وأوربية، دون أن تستثمر الظرف لتأمين أرضية وبنيه كافية لتحفيز المقيم والمغادر والمهاجر على حد سواء عبر قنوات تنجح الوزارات والمؤسسات في إنتاجها وصناعتها وفق وصفة محلية ووطنية تتناسب مع الأهداف الكبرى التي ترسم طريق خدمة التنمية ورفع مستوى الدخل القومي وتحسين الواقع الحياتي للمواطن والمجتمع.
وريثما تنتهي هذه الأجندات والاستحقاقات طويلة الأمد ثمة حاجة لصياغة حلول إسعافية تسهل الجدول اليومي لنشاط البلد والأهم فيه تأمين المواد الأولية التي لا يكفي الدور الرسمي للدولة فيه، بل لابد من الزج بالتجار ورجال الأعمال في العمليات التجارية القائمة والتي تحتاج حكماً لمرونة الخاص في تلبية الاحتياجات.
أمام هذا التدفق يتبادر للمهتم السؤال عن الجديد الذي خرجت به الحكومة منذ زمن والمتعلق بإبرام عقود مقايضة مع شركات خاصة قوامها سلع يتعطش إليها السوق وتصر وزارة الاقتصاد على توفيرها تجنباً للعنة النقص والحاجة ومنعاً لحصول أزمات في الوفرة والأسعار، لاسيما أن وزارة الاقتصاد لطالما درست وناقشت عروض لعقود تقدمت بها مجموعة من الشركات للعمل تحت سلطة وراية الحكومة، وفي هذا المجال تم اختيار شركة لهذا الغرض وباكورة الأعمال كميات من الرز والسكر كان من المفترض مقايضتها بسلع محلية وضعتها الحكومة في قائمة تتضمن الفوسفات وزيت الزيتون والألبسة وغيرها.
ومع دخول العقود حيز التنفيذ تكون الحكومة قد فتحت الباب عريضاً على سهولة وانسيابية تدفق السلع بأقل التكاليف وبطرق تخترق جدار المقاطعة والحصار التي فرضت على البلد منذ سنوات، وفي سياسة لا تخلو من الحذر الذي استوجب الموافقة والترخيص لشركة واحدة من قبل رئاسة الوزراء مبدئياً، علماً أن التوصيات الوزارية كانت تصب في قبول نحو سبع شركات متوافقة مع المعايير، تقول الوعود التي سربتها مصادر في اللجنة العليا للمقايضة أن الطريق مفرش للمزيد في القادمات من الأيام، وهذا ما لم نراه مذ ذاك الحين.؟
صراحة لا نخفي تركيز الحكومة كثيراً على الغذائيات لهذا كان أول الأعمال تأمين المادة، لكن النوايا تصب للعمل على جبهات كافة السلع الضرورية ضمن قائمة الأولويات لاستجرارها وفق برنامج زمني لكل سلعة وفي مقدمتها الأدوية والطحين والسكر وغيرها.
هي خطوة في محلها وأخذت حيزاً من الاهتمام والتلقف، ولكن أطر تنفيذها بقيت مجمدة وغير مفعلة بدليل النوم على التوجه وإهماله وسوء تفعيله ونحن بأمس الحاجة للسلع والمواد الأساسية لزوم لقمة ومعيشة المواطن، مع أن الحكومة وعلى لسان أبرز المؤسسات المعنية بالمواد الاستراتيجية لا تتوانى تؤكد الوفرة في جميع السلع..، لأن التموين والتخزين والحذر واجب لاسيما أن الحرب بوجهها الاقتصادي ما زالت قائمة والتعبئة يجب ألا تتوقف لا في الحرب ولا في السلم …