قلعة حلب تشرق بأوزان الشعر وذاكرة الأدب
حلب – غالية خوجة
ما زالت حجارة قلعة حلب تردّد القصائد بين فضائها والعالم، وهذا يمنحها حضوراً إضافياً مميزاً لمن يدخلها، أو يتخيّلها، وما تسقطه على الزمان من عصور عابرة للأزمان تعيد مع صوت المتنبي: “حلب قصدنا وأنت السبيل”.
وحول هذه العلاقة بين القلعة والأدب، وتحت شعار “على محبة قلعتنا نلتقي”، تحدث الباحث محمد قجة عن حضور القلعة بين الشعر والشعراء والكتب في محاضرة ألقاها في دار الكتب الوطنية، وأقامتها جمعية أصدقاء قلعة حلب ونادي السيارات والسياحة بالتعاون مع مديرية الثقافة بحلب، وحضرتها شخصيات مثقفة ومهتمة لتستمع إلى التأريخ الأدبي المضاء بتأريخ القلعة المعتبرة من التراث الإنساني العالمي.
انتقل بنا قجة في رحلة أدبية بدأت مع القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، مستذكراً الخالديين: أبو عثمان وأبو بكر، عابراً بالحقب والعصور، ومنها العصر الحمداني والمرداسي والأيوبي والمملوكي والعثماني، متوقفاً عند أهم ما قيل في قلعة حلب، وكيف تقف “شمّاء تسخر بالزمان ساحرة”، مستعيداً سيرة العديد من الشخصيات مثل أبو منصور، محيي الدين بن الزكي مستشار صلاح الدين الأيوبي، محمد تقي الدين المطلبي، وصولاً إلى الشعراء الحلبيين ومنهم قسطاكي حمصي، عبد الله يوركي حلاق، خليل هنداوي، سليمان العيسى، محمد كمال، عائشة الدباغ، محمد مضر سخيطة.
الهيبة الأنيقة
وبهذه المناسبة، أجاب “البعث” الدكتور محمود زين العابدين عضو الهيئة التدريسية بكلية الهندسة المعمارية بجامعة يلدز التقنية: كمعماري أنظر إلى مدينة حلب مع تباين أنواع المباني من دينية إلى دفاعية إلى سكنية ووظائفها، وأهمها القلعة الهيبة القوة الأناقة، وكأن قلعة حلب تحرس مدينة حلب، وأراها مثل القصيدة الشامخة حتى السماء، وما يميّز قلعة حلب أنها متربعة على تل طبيعي في مركز المدينة، وفيها الكثير من الحضارات منذ ما قبل الميلاد وحتى هذه اللحظة، وهي رمز للقوة والثقافة، وما زالت مصدر إلهام للأدباء، وكم زارها الشعراء عبْر الزمان وكتبوا عنها وعن إدهاشها البديع.
ملجأ إبداعي
وأكد المهندس الموثق حذيفة تريسي على أهمية القلعة النابعة من عدة أسباب، منها أنها أقدم معلم تأريخي في حلب، وهي رمز من رموز الصمود الحياتي والعسكري والأدبي، وما إن تُذكر حلب في أي مكان وزمان حتى تحضر القلعة، إنها “لوغو حلب”، ورمزيتها، تتسع مع سيف الدولة الحمداني ومجالسه الثقافية وقصائد المتنبي وأبو فراس الحمداني، وكما أن القلعة ملجأ للشعراء، كذلك هي ملجأ لأهل مدينة حلب كلما دبّ الغزو المغولي والإرهابي، وهي ملجأ إبداعي لجميع شعراء العالم.