دراساتصحيفة البعث

النخب الأفريقية ترحّب بالتجارة والاستثمار الصينيين

هناء شروف

بفضل الموارد الطبيعية الوفيرة لمناطق الجذب السياحي ذات الشهرة العالمية، تتمتع أفريقيا بإمكانية التحول من أفقر منطقة في العالم إلى قوة اقتصادية رئيسية، ومع ذلك فإن الإمكانات وحدها لا تكفي لدفع عملية التحول في القارة، إذاً ما الذي تحتاجه أفريقيا للانتقال من الإمكانيات إلى الازدهار؟.

على مدى العقدين الماضيين حققت الشراكة الصينية- الأفريقية إنجازات ملحوظة على طريق التنمية المستدامة، وحسّنت الظروف المعيشية للشعوب في أفريقيا في العديد من المجالات، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والسياسي، فقد حققت هذه الشراكة نتائج ملموسة مفيدة لكل من أفريقيا والصين، وكشريك في التنمية، لا يوجد بلد آخر لديه مثل هذا الالتزام الواسع تجاه أفريقيا، لأن الصين موّلت وطوّرت وشغّلت أكثر من عشرين ميناء أفريقياً كبيراً، وآلاف الأميال من الطرق والسكك الحديدية.

ووفقاً لمكتب الإعلام التابع لمجلس الدولة الصيني فإنه بعد أكثر من أربعة عقود من بناء خط السكك الحديدية بين تنزانيا وزامبيا، ساعدت الصين في بناء أكثر من 500 مشروع للبنية التحتية في أفريقيا، وعلى مدى العقدين الماضيين استثمرت الشركات الصينية مبالغ ضخمة لبناء وتحديث أكثر من 10000 كيلومتر من السكك الحديدية، وحوالي 100000 كيلومتر من الطرق، وما يقرب من 1000 جسر، وحوالي 100 ميناء، و66000 كيلومتر من شبكات نقل وتوزيع الطاقة.

في السنوات الأخيرة، وبفضل مبادرة الحزام والطريق، زاد عدد المشاريع لتحسين الاتصال بين الصين وأفريقيا، خاصة للبلدان الأفريقية التي ترغب في التصنيع، ولكنها لا تولّد ما يكفي من الكهرباء للقيام بذلك، ومن ناحية أخرى يتم تخصيص الكثير من رأس المال الاستثماري الصيني للبنية التحتية لأنها أحد المجالات التي تمتلك فيها أفريقيا الكثير من الأصول غير المستغلة بالكامل مع احتياجات الاستثمار الهائلة التي لا يمكن أن تلبيها أسواق رأس المال المحلية الصغيرة، ونظراً لأن معظم مشاريع البنية التحتية الصينية في أفريقيا تلبي الحاجة الماسة للطرق والسكك الحديدية والموانئ والطاقة، فقد أصبحت مساهمات الصين في تنمية العديد من البلدان الأفريقية جانباً مركزياً في سياساتها التنموية، كما أن الاستثمار الصيني في البنية التحتية لأفريقيا يزيد من القدرة الإنتاجية الإجمالية للاقتصادات الأفريقية، على سبيل المثال يمكن للاستثمار الصيني في البنية التحتية أن يساعد الدول الأفريقية على الاندماج بشكل أفضل مع منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية من خلال تحسين الاتصال في التجارة الحرة والمعالجة الزراعية، ويمكن بيع المنتجات المصنعة في أسواق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، أو غيرها من الأسواق الناشئة، بما في ذلك منطقة الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة والصين.

في واقع الأمر،  يتم تصدير منتجات المعالجة الزراعية الأفريقية إلى الصين، حيث تم منح أكثر من 350 منتجاً زراعياً من أفريقيا إمكانية الوصول إلى السوق الصينية، وفي السنوات الثلاث الماضية نمت واردات الصين الزراعية من أفريقيا بمعدل 14 بالمئة سنوياً، ما جعل الصين ثاني أكبر مستورد للمنتجات الزراعية الأفريقية.

في عام 2021 زادت التجارة الصينية الأفريقية بنسبة 35 في المئة لتصل إلى 254 مليار دولار، ويرجع ذلك أساساً إلى زيادة الصادرات الصينية إلى أفريقيا، ووفقاً للتقرير السنوي للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين وأفريقيا لعام 2021 تظل الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا، الجدير بالذكر أن التجارة بين الصين وأفريقيا زادت على الرغم من الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية بسبب جائحة كوفيد 19، ومع ذلك فإن الهدف الرئيسي للصين وأفريقيا هو مواصلة التبادل التكنولوجي في مجالات تشمل الصناعات الخضراء ومنخفضة الكربون والطاقة النظيفة والاقتصاد الرقمي من أجل تحقيق تعاون تجاري مستدام ومربح للصين وأفريقيا.

وفيما يتعلق بالاستثمار يمكن للصين أن تخلق فرصاً جديدة للتعاون الإنتاجي، والوصول إلى المزيد من الموارد الطبيعية والعمالة الرخيصة، وتحقيق نقل الصناعات الهامشية، وتحسين هيكلها الاقتصادي، وتعزيز تنميتها عالية الجودة من خلال زيادة الاستثمار في أفريقيا.

وفيما يخص خلق فرص العمل، ووفقاً للمكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني، خلقت استثمارات الشركات الصينية في أفريقيا العديد من الوظائف، وأكثر من 80 في المئة من موظفي الشركات الصينية العاملة في أفريقيا هم من السكان المحليين.

نتيجة لهذه الديناميكيات، ترحب النخب الأفريقية عموماً بالتجارة والاستثمار الصيني، لأنها ترى أنهما مفيدان للدول الأفريقية، حيث بفضل تدخل الصين الاقتصادي في أفريقيا يمكن القول إن الأفارقة شهدوا أهم تطور في القارة منذ نهاية الحرب الباردة.