الغارديان البريطانية: الحكومة الأمريكية تجاهلت تحذيرات “سي آي إيه” حول انضمام أوكرانيا إلى الناتو
تقرير إخباري:
متأخّرةً جاءت المحاولات الغربية لتبرير الخطأ حول دعم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي “ناتو”، حيث أصرّت الدول الغربية قبيل العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا على تجاهل مخاوف روسيا الأمنية التي أرسلت أكثر من مرة مطالبها إلى الغرب في هذا الشأن، ولكن النزق الغربي والشعور المتزايد لديه بالقدرة على الانقضاض على روسيا من بوابة أوكرانيا، جعلا الناتو يعتقد أن بإمكانه بالفعل القفز فوق مطالب روسيا، الأمر الذي دفع موسكو إلى اتخاذ قرار وقائي، كما صرّح نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري مدفيديف أمس، باجتثاث النازية من أوكرانيا ووقف زحف الناتو إليها.
هذا الخطأ تحدّث عنه غير مسؤول غربي في محاولة ربما لإظهار سوء التقدير، وليس العجز، في مسألة تحقيق انضمام أوكرانيا إلى الحلف واستخدامها رأس حربة في استهداف روسيا وهزيمتها استراتيجياً كما كانت تتمنّى الدول الغربية، ولكن كما قلنا سابقاً الأماني تغلّبت على العقل في تقدير النتائج التي جاءت عكسية على كل المستويات، فقد أفرغت الدول الغربية مخزوناتها من الأسلحة في سبيل مدّ النظام في كييف بالسلاح، حسب وزير الخارجية التشيكي الأسبق يان كافان الذي وبّخ سلطات بلاده على حجم توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، “لأن هذا يقلل من القدرة الدفاعية لجمهورية التشيك نفسها”، كما أن أوروبا بأكملها تقف الآن على أعتاب أزمة اقتصادية خانقة على خلفية أزمة وقود اختلقتها عقوباتها الخاطئة على موسكو.
كذلك أفادت وسائل إعلام غربية بأنّ “الحكومة الأميركية تجاهلت على مدى سنوات، تحذيرات رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بيل بيرنز” بشأن عواقب احتمال انضمام أوكرانيا إلى “الناتو”.
وذكرت صحيفة “ذي غارديان” البريطانية، اليوم الأربعاء، أنّ “بيل بيرنز، وبصفته سفيراً أسبقَ للولايات المتحدة لدى روسيا، كتب في تقرير سرّي للبيت الأبيض أنّ “انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي هو الأعرض من بين جميع الخطوط الحمر بالنسبة إلى القيادة الروسية”.
وبيّنت الصحيفة أنّ “الإدارات المتعاقبة في واشنطن تجاهلت ذلك”، مشيرةً في مقال إلى أنّ “موسكو تلتزم دائماً بوجهة النظر القائلة إنّ أوكرانيا في صفوف التحالف ستصبح تحدّياً مباشراً لمصالح روسيا”.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوضح أكثر من مرة أنّ “محاولات روسيا للحوار بشأن المخاوف الأمنية قوبلت بالتجاهل من أوروبا والولايات المتحدة”.
وقال في خطاب في 7 تموز: “رُفضت مقترحاتنا لتأسيس نظام أمني متوازن في أوروبا، ورُفضت مبادرات العمل المشترك بشأن مشكلة الدفاع الصاروخي، وتم تجاهل تحذيراتنا بشأن رفض توسّع حلف الناتو، وخاصة على حساب جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق”.
وفي المحصلة، إذا كانت هزيمة روسيا في أوكرانيا ستؤدّي إلى إضعافها وإجبارها على التقوقع داخل حدودها، فإن النصر الاستراتيجي الروسي على الغرب في أوكرانيا سيؤسس لمرحلة جديدة في التاريخ العالمي بدأت معالمها تظهر بقوة، حيث بدأ النظام العالمي الغربي يتآكل مفسحاً المجال تلقائياً لظهور نظام عالمي جديد متعدّد الأقطاب لن يكون للغرب فيه أيّ دور، وذلك بفضل السياسات الغربية القائمة أصلاً على الهيمنة ورفض الآخر، الأمر الذي سيجعل الغرب تلقائياً منفصلاً تماماً عن الواقع العالمي الجديد.
طلال ياسر الزعبي