اليابان تصطاد في المياه العكرة
عائدة أسعد
في حوارهما السياسي التاسع بشأن الأمن الإقليمي في تيانجين قبل أيام بين الصين واليابان، أرسلت طوكيو إشارة واضحة بأنها ستتخلّى عن سياستها، وستنشر صواريخ كروز بعيدة المدى. ووفقاً لتقرير في صحيفة “يوميوري شيمبون” أنه نتيجة للتأكيد العدواني للولايات المتحدة على مكانتها الفخرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تتصاعد التوترات بين واشنطن وبكين، وترى طوكيو في ذلك فرصة للضغط من أجل تعديل دستورها السلمي، وإضفاء الشرعية على طموحاتها العسكرية.
وبحسب الصحيفة، فقد أعطت واشنطن بشكل فعّال الضوء الأخضر للقوى اليمينية في البلاد لإطلاق العنان لروحها القتالية، وهو تطور مقلق للمنطقة، لأن تصرفات واشنطن تعمل بالفعل على زعزعة أسس السلام والاستقرار فيها.
إن اليابان تفتخر بامتلاكها أفضل نظام دفاع جوي في المنطقة، لكن حماية نفسها من التهديدات الخارجية المختلقة كانت دائماً حجة للبلد للتنمّر على جيرانها وغزوها واستغلالها، وهو أمر فعلته بلا كلل منذ القرن الثالث عشر. بمعنى آخر، بات من الواضح أن تساهل الولايات المتحدة هو الذي منح اليابان الجرأة لإظهار عدائها علانية تجاه الصين وجمهورية كوريا الديمقراطية.
وحتى قبل تعديل دستور البلاد، وهو أمر طالما رغب فيه السياسيون اليمينيون، فقد انتهكت اليابان بالفعل القيود الدستورية على تطوير القوة العسكرية العدوانية، حيث لم تتوقف أبداً عن تسليح نفسها بأسلحة متطورة تؤهلها لتكون قوة عسكرية من الطراز العالمي.
ومؤخراً، بات الوضع أكثر وضوحاً، فواشنطن وطوكيو يسيران قدماً في أجندتيهما، حيث تريد الولايات المتحدة من اليابان أن تكون بيدقاً في إستراتيجيتها في المحيطين الهندي والهادئ، بينما تتظاهر اليابان بأنها سعيدة بقبول هذا الدور كقناع لها لتسريع ما تصوره على أنه عملية التطبيع.
وبينما يدّعي كلا البلدين أنهما يدعمان مبدأ الصين الواحدة، مما يعني أنهما يعترفان بتايوان كجزء من الصين، يحاول كلاهما استغلال قضية تايوان لتأكيد موقفهما ضد الصين، وللقيام بذلك، تحاولان إثارة التوتر مع الصين. من هنا، فإن واشنطن وطوكيو تتحمّلان اللوم في إثارة التوترات الإقليمية، وهما اللتان يجب عليهما التصرف بمسؤولية، والتوقف عن عسكرة المنطقة وزعزعة استقرارها.