حاجز شبابي!!
غسان فطوم
بكلّ شفافية وصراحة هناك تراخٍ وعدم جديّة في التعامل مع قضايا الشباب ومشكلاتهم العالقة منذ زمن، والطارئة الناتجة عن سوء الوضع الاقتصادي المنهك بفعل سنوات الحرب. هذه الحالة من التهميش والتراخي شكلت حاجزاً أمام الشباب شلّ قدرتهم على المشاركة في عملية التنمية الفاعلة في المجتمع، وجعلت الخيارات منكمشة أمامهم وجرّدتهم حتى من إمكانية الاستئناس برأيهم، أو مشاركتهم في صنع القرار الذي يتعلق بمستقبلهم، فهم أقدر على معرفة ماذا يريدون ويحتاجون!.
لو فتحنا الدفاتر القديمة والجديدة نجدُ على الورق الكثير من الخطط والبرامج التي رُسمت ووُضعت في أغلفة ومصنفات أنيقة، وصال وجال الإعلام في الحديث عنها تحت شعار دعم الشباب، فيما على أرض الواقع لا أثر لها، وإن كان هناك من شيء “ملموس” فغالباً ما يكون على شكل حلول إسعافية غايتها “تسكين الألم وليس علاج المرض”.. كلام سبق وقلناه وأشرنا له مراراً عبر هذا المنبر، لكنه لم يحرّك أو يؤجّج الحماس عند أصحاب القرار في السعي لخلق حلول جذرية لمشكلات الشباب العالقة، الأمر الذي أجبرهم على البحث عن بديل أو سبيل لتحقيق ولو أشياء من أحلامهم المؤجلة!
ما يؤلمُ أكثر أننا نتحدث كثيراً عن الاستثمار في الزراعة والصناعة وفي مجالات عديدة أخرى وننسى الاستثمار في الشباب، علماً أنه الاستثمار الأهم عندما نُحسنُ الاستفادة من طاقاتهم وقدراتهم المهدورة! هنا ثمة سؤال يمكن طرحه: لماذا تغيب البحوث والدراسات التي تهتمّ بالتشخيص الإستراتيجي لواقع الشباب التي تمكّن من التنبؤ بالتهديدات والمخاطر التي تواجه مستقبلهم، وكيفية مواجهتها وفي مقدمتها البطالة والهجرة؟! نأمل إجابة قريبة عن هذا السؤال الساخن، فوضع قضايا الشباب تحت مجهر دقيق جداً بات أمراً ملحاً، لأن انعدام الأفق أمامهم يتركهم للمجهول، بمعنى لم يعد مقبولاً أن يكون مستقبل الشباب مجهولاً أكثر من أن يكون معلوماً في ظلّ غياب السياسات والاستراتيجيات الخاصة بتشغيلهم وتمكينهم، وخاصة في هذه المرحلة التي نشهد فيها هجرة كبيرة للشباب، أغلبهم من خريجي الجامعات بمختلف التخصصات العلمية، دون أن يكون هناك أي إجراء لمنعهم عبر إطلاق مبادرات واتخاذ حلول جريئة جادة للتخفيف من المشكلات وتذليل الصعوبات التي تحاصرهم من كلّ الاتجاهات.
ويبقى أن نسجّل همسة عتب على إعلامنا الذي ما زال بعيداً عن ملامسة احتياجات الشباب، والدعوة بجرأة لحلّ مشكلاتهم الثقيلة!.
gassanazf@gmail.com