حظر التأشيرات السياحية لن ينهي أزمة أوكرانيا
هناء شروف
يدور الجدل بين 27 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي حول ما إذا كان سيتمّ حظر التأشيرات السياحية على المواطنين الروس، حيث قادت فنلندا ودول البلطيق الثلاث إستونيا ولاتفيا وليتوانيا لتطبيق مثل هذا الحظر من خلال اتخاذ إجراءات أحادية الجانب تقيد التأشيرات على الروس.
في الحقيقة، إن حظر التأشيرات على الروس لن يساعد في إنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا، تماماً مثل الجولات الست من العقوبات التي أعلنها الاتحاد الأوروبي والتي لم تتمكن من تهدئة الصراع، بل على العكس تسبّبت هذه العقوبات بخسائر كبيرة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي وروسيا على التحليق فوق المجال الجوي لبعضهما البعض، على سبيل المثال، لم يسبّب فقط إزعاجاً كبيراً للمسافرين العاديين بل أدى أيضاً إلى زيادة انبعاثات الكربون بشكل كبير بسبب طول وقت الرحلة، ناهيك عن ترميم بعض دول الاتحاد الأوروبي لمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم للتغلب على أزمة الطاقة.
ربما كان الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة على كوبا منذ أوائل الستينيات أسوأ شكل من أشكال العقاب الجماعي في التاريخ الحديث، ورغم ذلك لا تزال الولايات المتحدة تستخدم العديد من الأعذار لتبرير الحظر الوحشي على الرغم من إدانته من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة كلّ عام.
في الوقت الذي وجّه فيه العالم انتباهه هذا الأسبوع في الذكرى السنوية الأولى لعودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، كان هناك الكثير من الحديث عن تفاقم الأزمة الإنسانية في ذلك البلد، لكن قلة في الغرب مستعدة لمناقشة كيف ساهمت العقوبات الغربية وتجميد أصول البنك المركزي الأفغاني في هذه المحنة.
النفاقُ بالطبع هو أن أياً من تلك الدول التي دعت إلى حظر تأشيرات المواطنين الروس لم تقدم حججاً مماثلة عندما شنّت القوات التي تقودها الولايات المتحدة حروباً في أفغانستان والعراق لسنوات، وقصفت ليبيا مما أدى إلى مقتل عدد لا يُحصى من المدنيين.
من هنا، ما ينقص عالم اليوم ليس المزيد من العقوبات مثل حظر التأشيرات، ولكن المزيد من الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا، ولكن للأسف من المرجح أن يُتهم أي زعيم في الاتحاد الأوروبي يحاول التواصل مع روسيا لإنهاء الصراع بالمهادنة، في حين أن هناك حاجة ماسة إلى المزيد من المشاركات الدبلوماسية، لأن المزيد من التبادلات بين الناس العاديين بما في ذلك السياح يمكن أن يساعد أيضاً في زيادة التفاهم المتبادل وخلق فرص لتسوية تفاوضية.
من المتوقع أن يناقش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في نهاية هذا الشهر القضية المثيرة للجدل المتمثلة في حظر التأشيرات، ولكن مع عدم انضمام أربع دول من دول شنغن -سويسرا والنرويج وأيسلندا وليختنشتاين- إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد يكون الحظر أكثر تعقيداً.
لكن مهما كانت النتيجة، فإن الحديث عن مثل هذا العقاب الجماعي ليس خطأً فحسب، بل هو إلهاء كبير عن الجهود الحقيقية اللازمة لإنهاء الصراع عبر الحكمة الدبلوماسية والحنكة السياسية، وهو ما تحتاجه أوكرانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي وبقية العالم.