الهدوء الحذر يسود شوارع طرابلس الغرب و23 قتيلاً حصيلة اشتباكات السبت
طرابلس – تقارير
يسود الهدوء الحذر شوارع العاصمة الليبية بعد توقف الاشتباكات التي استمرت طيلة يوم أمس السبت، وأسفرت عن سقوط 23 قتيلا، و140 جريحا، فيما غادر 83 المستشفيات بعد تلقي الرعاية الطبية، وذلك في أسوأ قتال من أجل السلطة بين حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من طرابلس مقراً لها برئاسة عبد الحميد الدبيبة وإدارة منافسة برئاسة فتحي باشاغا يدعمها البرلمان الذي مقره شرق البلاد، مع تحول المواجهة السياسية المستمرة بين الحكومتين إلى حرب مدن، وسط خشية من تصاعدها إلى صراع أوسع نطاقاً.
وتواترت أنباء متطابقة عن انسحاب القوات الداعمة لحكومة فتحي باشاغا، في المحاور الأربعة التي اشتعل فيها القتال، حيث تمكنت قوة دعم الاستقرار التابعة للدبيبة من السيطرة على معسكر 777، وسط طرابلس، بعد انسحاب قوة تابعة لباشاغا منه.
وفي مدخل العاصمة الغربي، انسحبت قوات باشاغا بعد تقدمها نهارا إلى ما بعد جسر الـ 17،
وفي المدخل الجنوبي للمدينة، لم تتمكن قوات باشاغا التي يقودها اللواء أسامة جويلي من دخول المدينة، في وقت انتشرت أنباء “لم يتم التثبت منها بعد” تفيد باستخدام قوات الدبيبة طائرات مسيرة لصد قوات جويلي.
وفي شرق المدينة، تمكنت القوات الداعمة للدبيبة من صد قوات باشاغا القادمة من مدينة مصراتة والمتجهة نحو طرابلس، بعد اشتباك سريع وقع بينهما في مدينة زليتن 175 (كيلومترا شرق طرابلس).
وبدأت الاشتباكات ليلة البارحة، واندلعت أولا بين قوتي 777 الداعمة لباشاغا، ودعم الاستقرار المؤيدة للدبيبة بسبب مناوشات بدأت بين أفراد القوتين.
وسرعان ما أخذ القتال طابعا سياسيا على خلفية الصراع بين الحكومة المكلفة من مجلس النواب، برئاسة باشاغا، والتي تريد دخول العاصمة، وحكومة الوحدة الوطنية، برئاسة، عبد الحميد الدبيبة، المتمترسة في طرابلس.
وأظهرت مقاطع مصورة حجم الخراب الذي حل بالممتلكات العامة والخاصة وسط المدينة، ومن ضمنها مبنى البريد الرئيسي وأحد مقار السجل العقاري، بالإضافة لبعض المرافق الصحية والخدمية والبيوت والسيارات.
وقال شهود إن قوات متحالفة مع باشاغا حاولت انتزاع السيطرة على أراض في طرابلس من عدة اتجاهات السبت، لكن قافلته العسكرية الرئيسية عادت باتجاه مصراتة قبل أن تصل إلى العاصمة؛ فيما نشر الدبيبة في وقت لاحق مقطعاً مصوراً على الإنترنت يظهر فيه خلال زيارة مقاتلين في المدينة بعد توقف الاشتباكات.
وتفجر القتال ليلاً، ثم ازدادت حدته صباح السبت مع نشر أسلحة خفيفة ومدافع آلية ثقيلة ومدافع المورتر في مناطق مختلفة من وسط المدينة. وتصاعدت أعمدة من الدخان الأسود في سماء طرابلس وتردد دوي إطلاق نار وانفجارات.
وبحلول فترة ما بعد الظهيرة، بدا أن القوات المتحالفة مع باشاغا تتحرك نحو طرابلس من ثلاثة اتجاهات. وفي جنزور، الواقعة شمالي غرب طرابلس وتعتبر نقطة دخول رئيسية لبعض القوات المتحالفة مع باشاغا، أفاد السكان المحليون بوقوع اشتباكات عنيفة.
وقال شهود في حي أبو سليم، في جنوب طرابلس، إن هناك إطلاق نار كثيفاً وذلك بعد مقطع مصور انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، يُظهر على ما يبدو قوات قائد قوي متحالف مع باشاغا تشن هجوماً هناك.
في غضون ذلك، قال شاهد إن رتلاً رئيسياً تابعاً لباشاغا يضم أكثر من 300 مركبة انطلق نحو طرابلس من الشمال الشرقي على الطريق الساحلي. لكن شهوداً قالوا إنه عاد إلى قاعدته في مصراتة.
وقال عبد المنعم سالم من سكان وسط طرابلس: “هذا شيء مروع. لم أستطِع النوم أنا وعائلتي بسبب الاشتباكات. كان الصوت مرتفعاً جداً ومخيفاً للغاية. نظل مستيقظين في حال اضطررنا إلى المغادرة بسرعة”.
وقال علي (23 عاماً)، وهو طالب رفض ذكر اسمه كاملاً، إنه فرّ من شقته مع أسرته أثناء الليل بعد أن أصاب الرصاص المبنى. وأضاف: “لم نتمكن من البقاء أكثر من ذلك حتى نبقى على قيد الحياة”.
وفشل هجوم شنته في عام 2019 ميليشيات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، بدعم من البرلمان في شرق البلاد، في عام 2020، ما أدى إلى وقف إطلاق النار وعملية سلام تدعمها الأمم المتحدة.
تضمنت الهدنة تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بزعامة الدبيبة لحكم ليبيا بالكامل والإشراف على الانتخابات العامة التي كان من المقرر إجراؤها في كانون الأول الماضي، لكن تم التخلي عنها وسط خلافات بشأن التصويت.
وقال البرلمان إن تفويض الدبيبة انتهى وعين باشاغا لتولي المنصب. وقال الدبيبة إن البرلمان ليس له الحق في استبداله وإنه لن يتنحى إلا بعد الانتخابات.
وحاول باشاغا دخول طرابلس في أيار 2022، مما أدى إلى تبادل لإطلاق النار وخروجه من المدينة.
لكن بعد ذلك، أدت سلسلة من الاتفاقات إلى إعادة تنظيم بعض الفصائل المسلحة داخل التحالفات الرئيسية التي تواجه بعضها البعض حول طرابلس.
وما زال حفتر متحالفاً بشكل وثيق مع البرلمان الذي مقره شرق البلاد، وبعد هجومه في 2019 و2020 لا تزال بعض الجماعات في طرابلس تعارض بشدة أي تحالف يلعب فيه دوراً.
ولم تشهد ليبيا سلاماً يذكر منذ عدوان 2011 الذي قاده حلف شمال الأطلسي. وقسم البلاد في 2014 بين فصائل شرقية وغربية متناحرة، كما تدخلت قوى إقليمية في الصراع. وتوقف إنتاج النفط الليبي، الذي يمثل جائزة كبيرة للجماعات المتحاربة، مراراً خلال سنوات الفوضى.