سرقة النفط السوري ولصوصية الولايات المتحدة
ترجمة وإعداد: عناية ناصر
شنّت الولايات المتحدة ضربات جوية جديدة في سورية، وكثفت القوات الأمريكية في الوقت نفسه من عمليات نهب وسرقة النفط السوري، لتكشف ممارساتها أنها مجرد مثير للفوضى وأعمال الشغب في العالم، ومتنمّر، ولص. في 29 آب الفائت قامت قوات الاحتلال الأمريكية بإخراج 123 صهريجاً محملةً بالنفط السوري من حقول الجزيرة باتجاه الأراضي العراقية، كما قامت في 21 آب بنقل 137 صهريجاً معبأة بالنفط السوري المسروق إلى قواعدها في العراق.
وبحسابات بسيطة، تقوم الولايات المتحدة ومرتزقتها بسرقة ما معدله 66 ألف برميل من النفط السوري يومياً، أي نحو 80 في المائة من الإنتاج النفطي اليومي، في استمرار لعمليات سرقة النفط التي كانت تقوم بها منذ عدة سنوات.
ولكن الآن، في سياق عوامل مثل الأزمة الأوكرانية المستمرة التي تجعل أسعار النفط قريبة من أعلى مستوياتها منذ سنوات، تأمل الولايات المتحدة من خلال عمليات سرقة النفط السوري أن تكسب أكثر بكثير. وفي هذا السياق قال تيان وينلين، الباحث في معاهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة: “تريد واشنطن من خلال عمليات سرقة النفط السوري أن تستخدم الموارد التي يتمّ الحصول عليها في الحرب لدعم تلك الحرب، أي لمواصلة عملياتها العسكرية ونفقاتها في سورية وحتى في الشرق الأوسط بأكمله، وتحاول الولايات المتحدة من خلال هذه الطريقة إضعاف الحكومة السورية اقتصادياً”.
لكن وبعد أكثر من عقد من الحرب، وفي محاولة لتقويض سبل عيش الشعب السوري لم تهزم الجهود العسكرية للولايات المتحدة والغرب الحكومة السورية، وكلّ الانتهاكات التي تمارسها الولايات المتحدة لسيادة سورية ونهب مواردها هي من أجل مصالحها الخاصة، أي لتحقيق المزيد من المكاسب الاقتصادية.
ما تهتمّ به واشنطن في الشرق الأوسط ليس الديمقراطية، أو حقوق الإنسان، أو الحكم الرشيد، ولكن الوصول إلى الموارد مثل النفط، كما يمكن من وجهة نظرها للفوضى في المنطقة أن تساعد الولايات المتحدة على الاستيلاء على المزيد من الموارد الطبيعية وإظهار نفوذها.
إن الضربات الجوية الأخيرة لواشنطن على سورية، وسرقة نفطها هي دليل حيّ على أن الجشع والمصالح هي التي هيمنت على الدبلوماسية الأمريكية، وليس الديمقراطية كما تزعم دائماً. ولسنوات عديدة شنّت الولايات المتحدة حروباً لا حصر لها في دول مثل أفغانستان والعراق تحت شعار “مكافحة الإرهاب”، لكن يبدو الآن أن عمليات مكافحة الإرهاب هذه هي أداة لخدمة المصالح الأمريكية، وحديث واشنطن عن مكافحة الإرهاب هو مجرد كلام فارغ، لأنه بناءً على النتائج، فإن الولايات المتحدة وبقية العالم لم يصبحوا أكثر أماناً. وبدلاً من ذلك، تمّ جلب المزيد من الفوضى لهم بسبب حروب واشنطن المزعومة على الإرهاب.
تزعمُ الولايات المتحدة أنها “منارة الديمقراطية”، و”نموذج للديمقراطية”، لكنها في الوقت نفسه تنتهك بشكل صارخ سيادة الدول، وتستولي على مواردها، وهو انتهاك متعمد للجوهر الحقيقي لـ”الديمقراطية”، و”حقوق الإنسان”.
قال تيان إن الولايات المتحدة تتحدث عن الخير والصلاح والأخلاق، لكنها لم تأخذ في اعتبارها أبداً سلامة أو رفاهية أو بقاء الناس في البلدان غير الغربية، بما في ذلك سورية، على محمل الجد، حيث يمكن ملاحظة أنه في العقد الماضي، أدّت الإجراءات الأمريكية، بما في ذلك سرقة النفط السوري، إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في سورية.
وبهذا المعنى، فإن الولايات المتحدة مدمّرة لاستقرار الشرق الأوسط، وليست جهة بناء، كما أن ما يُسمّى بالقيم الأمريكية مثل “الديمقراطية” ما هي إلا ورقة توت للتغطية على تدخل الولايات المتحدة وعدوانها ونهب الموارد وسعيها إلى الهيمنة، وأي شخص لديه فهم بسيط لتعقيد السياسة الدولية سيعرف أن “الديمقراطية” هي مجرد ذريعة للولايات المتحدة للتدخل في البلدان الأخرى والحفاظ على هيمنتها، وأن الهدف الفعلي لسلسلة التدخلات الأمريكية حول العالم هو خدمة هيمنتها المطلقة، والسماح باستخدام موارد جميع دول العالم من قبل الولايات المتحدة، والتخلّص من جميع منافسيها.