الخارجية الروسية: ليس لدى موسكو أوهام في العلاقات مع لندن بعد انتخاب تراس
البعث – تقارير:
يجمع المسؤولون الروس على أن العلاقات الروسية البريطانية لا يمكن أن تتطوّر إلى الأفضل في ظل وجود لوبيّ مناهض لروسيا بين المسؤولين البريطانيين، يتنافسون من خلاله في إظهار أشدّ العداء لموسكو، ويعدّون ذلك جواز مرور للوصول إلى الناخب البريطاني، حيث تأكد لدى الجانب الروسي أن لندن تلعب دوراً سلبياً في تدمير العلاقات بين روسيا والغرب، سواء أكانت تقوم بذلك من داخل الاتحاد الأوروبي أم بعد خروجها منه، ويبدو أن موسكو باتت مقتنعة أن السياسة البريطانية عموماً لا تتم صناعتها في لندن، بل إن هذه السياسة يتم توجيهها من خلف البحار، لتكون بريطانيا دائماً عنواناً للعداء المتأصّل بين الشرق والغرب، ظنّاً منها أنها تستطيع بذلك أن تكون بديلاً لروسيا في العلاقة مع الاتحاد الأوروبي من خارجه، ولذلك فإن لندن تقود حملاتٍ غربية واسعة لشيطنة روسيا وكان لها دور كبير في تحريض الدول الغربية على استعداء موسكو ونشر ثقافة روسوفوبيا في الغرب عموماً.
وفي التفاصيل، أكد مدير القسم الأوروبي الثاني في وزارة الخارجية الروسية سيرغي بيلييف، أنه ليس لدى موسكو أوهام بتحسين العلاقات مع لندن بعد انتخاب ليز تراس لمنصب رئيس وزراء بريطانيا.
ونقلت وكالة سبوتنيك عن بيلييف قوله في تصريح اليوم: “لا نرى ما يدلّ على وجود تغيّرات إيجابية بعد انتخاب رئيس وزراء جديد لبريطانيا، وليس لدينا أوهام بشأن هذا”، مشيراً إلى أن “كلاً من تراس ووزير المال السابق ريشي سوناك خلال الحملة الانتخابية أكدا مراراً وتكراراً أنهما يعتزمان مواصلة المسار المدمّر الذي سار عليه بوريس جونسون المنتهية ولايته في العلاقات مع روسيا والذي تولّى أيضاً من أسلافه العمل على تدمير أسس التعاون الروسي البريطاني”.
وأضاف: “في كل مرة يتم إعداد استفزاز بريطاني آخر مصحوب باتهامات لا أساس لها وعقوبات أحادية الجانب، لذا نطالب الجانب البريطاني بالتعقل والامتناع عن الأعمال التي تضرّ بالعلاقات بين بلادنا وشعوبنا”.
وكانت تراس انتُخبت اليوم رئيسة لوزراء بريطانيا خلفاً لبوريس جونسون بعد فوزها بزعامة حزب المحافظين الحاكم.
في سياق متصل، وهذه المرة مع الولايات المتحدة التي تقود حملة شيطنة روسيا من خلف المحيط، أضافت روسيا اليوم 25 شخصية أميركية إلى قائمة الممنوعين من دخول أراضيها كردّ على عقوبات مماثلة من جانب واشنطن.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان اليوم: استجابة للعقوبات الشخصية المتزايدة باستمرار من إدارة جو بايدن ضد المواطنين الروس، تم فرض حظر دخول روسيا بشكل دائم على مجموعة أخرى من الأفراد من بينهم أعضاء من الكونغرس الأميركي ومسؤولون رفيعو المستوى وممثلو مجالات الأعمال والخبراء وكذلك الشخصيات الثقافية.
وأدرجت الوزارة قائمة بأسماء الأشخاص الخاضعين للحظر، حيث كان من أبرزهم وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو ونوابها ماثيو أكسيلورد ودون غريفس وثيا كيندلير وجيريمي بيلتر، والنائبان الديمقراطيان إدوارد كيلي وكرستين سنيما، والنواب الجمهوريون كيفن كرامر ومايكل راوندس وباتريك تومي وريتشارد سكوت، والممثلان الهوليوديان شون بين وبن ستيلر.
وكانت واشنطن فرضت سلسلة من العقوبات ضد شخصيات ومسؤولين وشركات روسية وهو ما ردّت عليه موسكو بإجراءات مماثلة.
إلى ذلك، أكد ديمتري بيسكوف المتحدّث باسم الكرملين أن العديد من الدول تناصب روسيا العداء علناً، ومن الضروري اتخاذ إجراءات للحدّ من العواقب السلبية المترتبة على ممارساتها هذه.
وأوضح بيسكوف في حديث لوكالة تاس الروسية: “لقد ظهرت العديد من العوامل والحقائق الجديدة.. وهناك الكثير من الدول التي تتخذ موقفاً عدائياً تجاهنا وبشكل علني، وقد تبنّت خطواتٍ مختلفة مناهضة لبلادنا وتسبّبت بالضرر والأذى لمصالحنا.. لذلك نحن بحاجة إلى مواجهة هذه الإجراءات وتقليص العواقب السلبية المترتبة عليها بأكبر درجة”.
ولفت بيسكوف إلى أن العمل جارٍ على مفهوم السياسة الخارجية للاتحاد الفيدرالي الروسي نظراً للتغيّر السريع للمشهد الدولي وظهور واقع عالمي جديد وهو ما ينبغي أخذه في الاعتبار ولكن دون أيّ تسرّع.
وفيما يخصّ الوضع في روسيا بما يتعلق بوباء كورونا قال بيسكوف: إن الجائحة موجودة بالفعل منذ ثلاث سنوات وروسيا من جانبها تعلمت التعايش معها وأدركت تماماً الإجراءات التي يجب اتخاذها حتى خلال الأحداث الدولية التي تنظّم في البلاد وأحدثها منتدى الشرق الاقتصادي، حيث اتخذت الإجراءات من أجل ضمان سلامة المشاركين فيه بما في ذلك الرئيس فلاديمير بوتين.
من جانب آخر، أعلن بيسكوف أن العقوبات الغربية هي سبب توقف خط التيار الشمالي.
وقال: “أنتم تعلمون أن مشكلات الضخ من خلال نورد ستريم نشأت بسبب العقوبات المفروضة على بلدنا وضد عدد من الشركات من الدول الغربية بما في ذلك ألمانيا والمملكة المتحدة.. لا توجد أسباب أخرى تؤدّي إلى مشكلات في الضخ”، موضحاً أن العقوبات أوصلت الوضع إلى درجة أنه لا يمكن صيانة الوحدات ونقلها.
وتابع: “بالطبع العقوبات ذاتها هي التي تمنع صيانة الوحدات وتمنع نقلها دون ضمانات قانونية مناسبة ما يمنع تقديم هذه الضمانات القانونية وما إلى ذلك.. هذه هي العقوبات ذاتها التي فرضتها الدول الغربية التي أوصلت الوضع إلى النقطة التي نراها الآن”.
وأعلنت غازبروم الروسية أن شركة سيمنز الألمانية تشارك في أعمال إصلاح وحدة نورد ستريم وتكتشف الأعطال وهي جاهزة لإصلاحها، ولكن لا يوجد مكان لذلك.
وفي موضوع آخر، وصف بيسكوف التفجير الذي حصل بالقرب من السفارة الروسية في كابول اليوم بالهجوم الإرهابي، وقال: “إنه عمل إرهابي.. والآن المهم هو الحصول على معلومات من مكان الحادث حول ما حدث للدبلوماسيين الروس”.
أما فيما يخص العلاقات مع بريطانيا فقد صرّح بيسكوف أن موسكو لا تتوقع تغييرات إيجابية في العلاقات مع لندن بعد تغيير رئيس الوزراء في المملكة المتحدة.
وقال بيسكوف: “المتقدّمون لمنصب رئيس الوزراء البريطاني تنافسوا في الخطاب المناهض لروسيا والتهديدات لروسيا ولا يمكن أن نأمل حدوث تغييرات إيجابية.. ولا أودّ أن أقول إن هذه التغييرات يمكن أن تحدث للأسوأ لأنه من الصعب تخيّل الأسوأ”.