“سينما الهواء الطلق” في حلب.. تظاهرة حضارية اجتماعية
حلب- غالية خوجة
ماذا لو عُدنا 114 سنة إلى الوراء؟ وهل تتذكر الأجيال كيف كانت حلب أول مدينة سورية تعرض أفلاماً سينمائية محلية ومصرية وأجنبية؟.
الفن السابع بدأ في حلب عام 1908، والتي انتشر فيها عدد كبير من دور السينما، بينما تعود الذاكرة الأولى لصناعة الأفلام السورية إلى انطلاقتها مع مجموعة من الشباب العائدين من أوروبا، ومنهم رشيد جلال وأيوب بدري وأحمد تللو عام 1927، ليكون “المتهم بريء” أول فيلم يصنع في دمشق – شركة حرمون فيلم للإنتاج السينمائي – ثم تأسّست شركة إنتاج سينمائي سورية عربية مشتركة عام 1946، وكان أول أفلامها “ليلى العامرية”، تلاها شركة عرفان وجالق للإنتاج الفني بحلب عام 1950، وقدمت أول أفلامها “عابر سبيل”، وساهم أحمد عرفان مع رفاقه في تأسيس كل من المؤسّسة العامة للسينما، والتلفزيون العربي السوري، وهكذا نكون قد وصلنا إلى عام 1960، لتستمر الأفلام في حضورها عبْر مراحل ورواد جادين تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً ومنهم إسماعيل أنزور، دريد لحام، حكمت محسن، نزيه الشهبندر، سعد الدين بقدونس، وغيرهم كثيرون.
والملفت أن عدد دور السينما السورية تجاوز 120 عام 1963 في عصرها الذهبي، لذا نتساءل كم عدد الأفلام الموجودة في أرشيفنا؟ وهل من الممكن أن نعرض فيلماً أرشيفياً مع كلّ دورة من تظاهرة سينما الهواء الطلق؟ ومتى تكون هناك تظاهرة سينمائية في الهواء الطلق للأطفال والشباب؟
شكراً للمبادرة الأولى
واستمراراً لهذه السيرة، وتفعيلاً لتناغم الثقافة والفنون والمجتمع، تأتي تظاهرة سينما الهواء الطلق التي تقام برعاية وزارة الثقافة- المؤسسة العامة للسينما، لتقدم 3 أفلام روائية طويلة من إنتاج المؤسّسة العامة للسينما في حلب – حول القلعة: “الإفطار الأخير، حكاية في دمشق، نجمة الصبح”، بدءاً من 5 أيلول الجاري ولغاية التاسع منه، بينما تعرض في حديقة العروبة باللاذقية هذه الأفلام بدءاً من 8 الجاري لتنتهي في 10 أيلول.
نشر الثقافة السينمائية
وعن هذه التظاهرة بدورتها الأولى في حلب، أجاب باسم خباز معاون المدير العام للمؤسسة العامة للسينما عن تساؤلات “البعث”: سينما الهواء الطلق المجانية إحدى فعاليات المؤسّسة السنوية، وهذه السنة أرادت المؤسسة العودة بهذه الفعالية لمدينة حلب الغالية على قلوب جميع السوريين، والأفلام المختارة للعرض هي آخر إنتاجات المؤسسة التي انتهى عرضها التجاري، وهذه التظاهرة تحقق عدة أهداف، منها نشر الثقافة السينمائية لأكبر شريحة من المواطنين مع هدف تحقيق متعة المشاهدة للجميع.
ورأى أن التركيز حالياً على إنتاجات المؤسّسة، لأن عرض أي فيلم من غير إنتاجات المؤسّسة يستلزم الحصول على حقوق العرض من الشركات المنتجة، بينما أجاب عن عدم وجود أفلام حلبية من إنتاج المؤسسة، أو مشاركين حلبيين إخراجاً، تأليفاً، تمثيلاً، قائلاً: هناك فيلم “تراب الغرباء” للمخرج سمير ذكرى وتدور أحداثه حول الشيخ عبد الرحمن الكواكبي، ورغم أهميته إلا أنه نخبوي ونحن في هذه التظاهرات بحاجة لأفلام جماهيرية حديثة لجذب الجمهور.
أمّا عن المعيارية التي يرتكز إليها رأيه عن حاجة المتلقين والمشاهدين، فردّ: نوعية مثل هذه الأفلام بحاجة لظروف خاصة للعرض وإجراء حوار مع الجمهور، وهذا يستلزم أن تكون بصالة حصراً. وأضاف: بكل الأحوال، هذه مجرد بداية، ومن خلال آراء الحضور من الممكن إعادة النظر في نوعية الأفلام التي ستُعرض لاحقاً، ونقوم بهذه التجربة ونستفيد من جميع الآراء لتطوير عروض المؤسّسة بما فيها عروض الهواء الطلق.
لكن، لماذا لا يتمّ عرض فيلم من ذاكرة السينما السورية منذ البدايات وتبعاً للتسلسل الزمني؟
أجاب: ستكون هناك تظاهرات خاصة بهذه المواضيع في صالات المراكز الثقافية.
تظاهرة مفرحة.. لكن أين “تراب الغرباء”؟
وعن هذه التظاهرة قال الفنان أحمد مكاراتي: تعمل وزارة الثقافة جاهدة لنشر الثقافة بمختلف صنوفها من المسرح للموسيقا للفن التشكيلي، ولمختلف الأعمار والأجيال، وقد شهدت حلب الاحتفال بعيد الطفل العالمي ٢٠، وتشهد حدائق الفن، واليوم، نحن أمام سينما الهواء الطلق كتجربة جديدة لم تشهدها حلب سابقاً، وأسعدني أنها مقامة في محيط قلعتنا الجميلة، واختيار الأفلام تمّ بعناية فائقة من مجموعة أفلام نعتز بها من إنتاج المؤسّسة التي نأمل منها المزيد من إنتاج الأفلام، وأن يكون لحلب نصيب من إنتاجها مع التأكيد والتذكير بأن لحلب تجربة ناجحة بفيلم هويته حلبية بامتياز وهو فيلم “تراب الغرباء- إخراج سمير ذكرى” الذي أنتجته المؤسسة في تسعينيات القرن الماضي، ولا يخفى أثره الإيجابي وحصوله على جوائز عديدة، ومثلت فيه دور “أبو الهدى الصيادي”، وكم تمنيت لو كان مدرجاً في برنامج هذه التظاهرة، لما يحمله من فكر تنويري يعرّف بالمفكر السوري الكبير عبد الرحمن الكواكبي. واختتم: كم أنا سعيد بهذه التظاهرة آملاً لها النجاح والاستمرارية، وآملاً أن تتنوع الأفلام خصوصاً الشبابية التي أثبتت وجودها في المشهد السينمائي الثقافي السوري، ولبعضها أثر في المشهد العربي.
تظاهرة حضارية
واعتبرت الممثلة هوري بصمه جيان هذه الفكرة تظاهرة حضارية، ولاسيما في فصل الصيف وفي الهواء الطلق.
مواضيع مهمة
ورأى المخرج الشاب حكمت نادر العقاد أن سينما الهواء الطلق ظاهرة ثقافية اجتماعية تضيف لحياتنا، لكن آلية التنفيذ، ولاسيما من الناحية التقنية، تحتاج إلى مزيد من الاهتمام، أمّا الأفلام فهي جميلة وذات مواضيع مهمة، وسبق وشاهدناها في حلب، وهي من إنتاج المؤسسة العامة للسينما كوننا نفتقد إلى شركات إنتاج سينمائي خاصة، ونتمنى أن تزيد المؤسسة عدد الأفلام سنوياً.
تقرب السينما من الناس
بدوره رأى المخرج والممثل والكاتب صالح السلتي أنها مبادرة رائعة، متسائلاً: هل سيحبّ الناس هذه الأفلام؟ أم ستزيدهم بعداً عن السينما لتبقى غريبة ومهمّشة؟