ثقافة الوعي الانتخابي
غالية خوجة
من المفترض أن تكون الانتخابات، وفي كافة أرجاء العالم، مبنيّة على وعي ديمقراطي بين الطرفين المرشّح والمصوّت، ومن المفترض أن يكون لدى المرشّح بيان انتخابي مهمّ يتلافى سلبيات من سبقه، ويقدّم خطة منهجية زمنية تهتمّ بالحاضر والمستقبل، وتكمل إيجابيات من سبقه بالانتخابات إلى هذا المنصب، وتتوزع إلى خطة احتمالية واحتياطية وبديلة تلافياً لأية أحداث خارج التوقعات، وبالتالي، تكون أساساً من أساسيات المنصب الخدمي الذي يترشّح له هذا المرشح، على اعتبار أن كلّ منصب هو خدميّ يخدم المواطن والمصلحة العامة والوطن، وبالمقابل، من الممكن وبعد انتهاء المدة الانتخابية أن يضيف الفائز الذي يلي هذا المرشّح الذي انتهت فترته الزمنية، أن يستكمل المنهجية ويضيف إليها المناسب تبعاً للمتغيّرات المحلية العامة بمجملها ومفصَّلها، وهذا يعني أن المرشح المتمتّع بهذه الرؤية يهدف إلى تفعيل الإيجابيات تنظيراً وسلوكاً، فهو يحترم ذاته والمواطن والمصلحة العامة والوطن.
وبالتالي، على المواطن أن يتمتّع بوعي كبير في عملية الانتخابات ليعرف لمن يصوّت؟ ولماذا؟ وما الغاية؟ وما هي المحاور الضرورية في البيان الانتخابي لهذا المرشّح أو ذاك؟ وهل سيطبقها على أرض الواقع؟ أم أنها ستكون مجرد كلام إيهامي أصغر من صورة المرشّح ذات البرواز الضخم المعلقة، غالباً، بشكل مخالف للقانون من حيث اتساعها على الرصيف العام، وحضورها على الأعمدة العامة الخشبية وسواها، فتشغل الأماكن العامة، وتكون بمثابة إعلان لبورتريه في إطار! كما على المواطن المصوّت أن ينتبه إلى أن هناك من يغرّر به ليكسب صوته، سواء بتوزيع ما هو مادي مثل المناسف والنقود، أو بتوزيع وعود وهمية سينفذها المرشّح بعد فوزه في أية انتخابات لا على التعيين!.
وضمن هذا المجال، أقترح تفعيل القانون بطريقة أكبر على الجميع وعلى كافة الجهات، فلا يعقل لمرشّحٍ لانتخابات ما، أن يخالف القوانين أثناء عملية الترشّح، ولا يعقل للمواطن أن ينتخب من دعاه إلى وليمة أو منحه مبلغاً مادياً وكأنه يشتري، وبشكل آنيّ، صوته، وبالتالي، ليتحوّل المنصب الانتخابي لمجرد مصلحة خاصة، لا تكترث بضرورة العمل للأفضل، ولا بضرورة الانتباه إلى أن السرعة التي تمّ فيها ترميم الآثار كانت أسرع من التوعية في مجالات أخرى ومنها النظافة لأنها من الإيمان، وضرورة محاربة الأوساخ، ومحاربة المخالفات في كافة المجالات، والعمل على استحداث قوانين تجرّم بعقوبة الحبس والغرامات المادية المرتفعة كلّ من يشوّه المظهر الحضاري لمدينته سواء برمي الأوساخ، أو بتعليق الدعايات والإعلانات والصور، أو بإصابة الأموال العامة بالضرر والإيذاء، ومنها الكتابة التشويهية على سور القلعة وما فيها من استهتار بالمعلم الأثري المهمّ والمتفرد، أو بجعل ما حول القلعة وخندقها مكاناً لتراكم أوساخ المطاعم والزائرين والعابرين، إضافة إلى ما يتراكم في الشوارع والأحياء والأزقة وما يفعله نباشو القمامة.
ولا بد من الانتباه للمشردين في الشوارع ومن كافة الأعمار، فلا يمكن أن نرى إنساناً مغلوباً على أمره يفترش الرصيف، ومداخل الأبنية، والحدائق، ونمضي في طريقنا دون ألم أو تساؤل عما نستطيع أن نقدّمه مع الجهات المختصة لأمثال هؤلاء الناس، ولا بد من الكشف عن الذين يمتهنون التسول لاستعطاف الناس.
الانتخابات في العالم تحتاج لمزيد من ثقافة الوعي الوطني من جميع الأطراف ناخبين ومنتخبين، مرشّحين ومصوّتين، ولذلك، أقترح إقامة دورات توعية انتخابية في كل حيّ تكون من مسؤولية مختار الحيّ دون تدخل أو توجيه لمن يصوّت هذا الحيّ، بل تقتصر على التوعية بالعملية الانتخابية وضرورة الاطلاع على بيانات الناخبين لتتمّ عملية التصويت للبيانات الانتخابية المنهجية الأصلح للمصلحة العامة والمواطن والوطن، لأن أية مسؤولية هي خدمة وطنية تنطوي على التكليف لا التشريف.