هل ستكون تراس امرأة بريطانيا الحديدية؟
هيفاء علي
تسلّمت ليز تراس مهام رئاسة الوزراء بعد أن قدّم سلفها بوريس جونسون استقالته رسمياً إلى الملكة إليزابيث الثانية بعد ولاية تخلّلتها لحظات مفصلية على رأسها بريكست، ووباء كورونا، وانتهت قبل أوانها بفعل الفضائح. وبذلك تكون ليز تراس بعد مارغريت تاتشر، وتيريزا ماي، ثالث سيدة تتولّى منصب رئاسة الحكومة البريطانية عقب فوزها بزعامة حزب المحافظين، خلفاً لـ جونسون الذي تنحّى عن منصبه بعد تمرّد داخل حكومته.
ليز تراس قادمة من خلفية يسارية، فوالدها أستاذ جامعي لمادة الرياضيات، ووالدتها مؤيدة لنزع السلاح النووي. كانت تراس ذات يوم وسطية مناهضة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتحوّل إلى يمينية داخل حزب المحافظين، مؤيدة بقوة لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
راكمت تراس خبرتها انطلاقاً من وظائفها المتعدّدة، حيث كانت عضو مجلس محلي في جنوب شرق لندن، ونائبة في البرلمان في عام 2010، قبل أن تدخل الحكومة بعد ذلك بعامين، حيث تولّت حقائب: كاتبة دولة مكلفة بالتعليم، ووزيرة البيئة، ووزيرة العدل، والسكرتير الأول للخزانة، ثم وزيرة الخارجية، قبل أن تصل إلى منصب رئيس الوزراء.
نالت ليز تراس 57 في المئة من الأصوات، في حين نال منافسها وزير المال السابق ريشي سوناك 43 في المئة. ورغم هذا الفوز إلا أن تراس، التي باتت رابع رئيس وزراء من المحافظين منذ انتخابات عام 2015، لا تحظى بالإجماع في البلاد ولا حتى داخل حزبها، ولاسيما بسبب ولائها لـ جونسون، الذي لم تتخلّ عنه خلال الصيف عندما وجد رئيس الوزراء نفسه محاصراً من جميع الجوانب وأُجبر على الاستقالة.
من ناحية أخرى، يرى معارضوها أنها لا تتحلى بالكاريزما المطلوبة، وكثيرون يعتبرون أن برنامجها الاقتصادي القائم على تخفيض الضرائب والرسوم يعتبر غير متوافق مع الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها المملكة المتحدة، ويفتقر إلى الوضوح.
تصل ليز تراس إلى داونينغ ستريت في أوج أزمة اقتصادية، حيث إن أسعار الطاقة آخذة في الارتفاع، وكذلك الحال بالنسبة للتضخم الذي يرتفع بشكل كبير، كما تتضاعف فرص حدوث الإضرابات. ويتوقع أن يتولى وزير الأعمال كواسي كوارتينغ منصب وزير المالية، وأن تسلّم حقيبة الداخلية إلى المدعية العامة سويلا برافرمان، بينما سيتولّى جيمس كليفرلي وزارة الخارجية. وفي حال تأكّدت التعيينات، فسيعني الأمر أن أياً من الوزارات الرئيسية الأربع لن تسلّم إلى رجل أبيض لأول مرة في التاريخ.
وأمام تراس قائمة مضنية لأمور ينبغي إنجازها، في وقت تشهد المملكة المتحدة أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، حيث بلغ معدّل التضخم أعلى مستوى له منذ 40 عاماً ليسجّل 10,1 في المئة في ظل توقعات بأن القادم أسوأ بينما يخيّم شبح الركود مع دخول فصل الشتاء.
كما يعاني السكان من زيادة نسبتها 80 في المئة في فواتير الغاز والكهرباء اعتباراً من تشرين الأول القادم، في وقت تحذّر الأعمال التجارية من أنها قد تنهار في حال ارتفاع التكاليف بشكل أكبر. وقد تعهّدت تراس التي تسوّق لنفسها على أنها من المدافعين عن الأسواق الحرة خفض الضرائب لتحفيز النمو، رغم التحذيرات من أن زيادة قد تفاقم التضخم. وتشير استطلاعات للرأي أجريت مؤخراً إلى أن جزءاً كبيراً من البريطانيين لا يثقون بقدرتها على حلّ أزمة تكاليف المعيشة، حيث كشف استطلاع جديد أعدّه معهد “يوغوف” عن أن 14 في المئة فقط يتوقعون أن يكون أداء تراس أفضل من جونسون.