الخيار الأنجع!
حسن النابلسي
أغلب الظن أنه لا يختلف اثنان على أن الزراعة هي الحامل الأهم لاقتصاد يئن تحت وطأة مؤشرات سلبية على صعد عدة: تضخم جامح.. قدرة شرائية متدنية.. إنتاج ضعيف.. سعر صرف بعيد عن الاستقرار.. وغيرها من معطيات جعلت الموطن يكابد الأمرّين لتأمين أدنى مستلزمات العيش..!
إذا ما اتفاقنا على أن الزراعة هي الخيار الأنجع للأخذ بيد الاقتصاد، فيفترض أن تتصدر وزارة الزراعة المشهد بالفعل، وليس بالقول، على عكس ما نلاحظه اليوم، إذ أن وزير الزراعة يجوب المحافظات السورية من غربها إلى شرقها، ومن جنوبها إلى شمالها، ويلتقى كل المعنيين ويزودهم بتوجيهات وتعليمات لا تخرج عن سياق “التركيز على دعم الفلاح، والتشديد على تأمين كل مستلزمات الإنتاج، والتأكيد على وضع الخطط.. و، و.. إلخ”.
والنتيجة.. إن الزراعة بأسوأ حالاتها وبتراجع مستمر من موسم لآخر.. بدليل تسويق 520 ألف طن من القمح فقط.. مقابل إنتاج وفير من الثوم والتفاح وغيرها ولكن دون تصريف، ليتحمّل الفلاح وحده أكبر الخسائر، مع توقعات أن يلقى مزارعو الزيتون نفس المصير هذا الموسم!
والسبب.. عدم تزويد الفلاحين بالأسمدة والمازوت إلا بالحدود الدنيا، واضطرارهم للتوجه إلى السوق السوداء لتأمينها بأغلى الأثمان – هذا إن حصلوا عليها بالفعل – بالتوازي مع عدم إيجاد أسواق لتصريف الفائض..!
والمتوقع.. إما تراجع المساحات المزروعة وبالتالي انخفاض إنتاج ما كان وفيراً في الموسم السابق، وربما انعدامه في الموسم اللاحق، وبالتالي ارتفاع أسعاره أضعافاً مضاعفة، أو خروج منتجات زراعية من دائرة الإنتاج نهائياً، والاضطرار بالتالي إلى استيرادها، كما هو متوقع لمادة الفروج.. هذا ولم نتحدث عن الثروة الحيوانية المهددة بالانقراض بسبب سوء تطبيق السياسات الزراعية حيناً، وغيابها حيناً آخر..!
الخطر يحيق بالزراعة رغم وجود الحلول.. فمثلاً يمكن زراعة كل الأراضي الشاسعة المترامية على طرفي أتوستراد دمشق – درعا بالقمح والشعير باعتبارهما محصولين إستراتيجيين للأمن الغذائي، ويمكن تعزيز تمويل استيراد الأعلاف وكل مستلزمات الإنتاج الزراعي، مقابل إيقاف استيراد السيراميك أو المكيفات وغيرها من السلع الممكن الاستغناء عنها في هذه المرحلة على الأقل..!
كما ويمكن تعزيز واقع الكهرباء للمشاريع الإنتاجية أسوة بالصناعية.. ويمكن أيضاً تفعيل مجالس الأعمال المشتركة لفتح المزيد من الأسواق لاستجرار فائض الإنتاج الزراعي.. والقائمة في هذا المقام تطول..!.
إن وزارة الزراعة الآن على محك استدراك تدهور هذا القطاع والتعاطي معه بحدية أكثر لأنه كما أسلفنا هو الخيار الأنجع، وإلا فلتكف عن التنظير..!.
hasanla@yahoo.com