هل يتم تكريس الوجه الإنساني واستثمار المحبة في نشاطات كرة القدم؟
ناصر النجار
المتابع للأحداث الرياضية بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص، في السنوات الأخيرة يلمس بعينه التشنّج الكبير والتعصّب الأعمى الذي قاد بعض الجماهير إلى شغب غير مبرّر في الملاعب، وقاد بعض الموتورين إلى إشعال حرب باردة على صفحات التواصل الاجتماعي، وقد زادت هذه الصفحات من الاحتقان والكره. وبالأصل فإن الرياضة بُنيتْ على التنافس الشريف، ووجدت لتجمع الناس على المحبة لا أن تفرّقهم وتنشر بينهم البغضاء والكره.
وللأسف فإن ما نشاهده اليوم على بعض الصفحات من تعليقات سخرية متبادلة بين بعض الفرق بكأس الجمهورية لكرة السلة أمر يندى له الجبين، ومن الضروري أن يتمّ إيقاف هذه التعليقات والتصريحات بأي طريقة حتى لا تستمر حالة العداء بين بعض الأندية بطريقة قد تودي بالرياضة إلى المهالك!.
والطريقة الناجعة لوأد هذه المغالطات تكمن بالصفحات الرسمية للأندية التي عليها أن تغلّب الحكمة على منشوراتها، وأن تدعو للمحبة واحترام الضيف والفريق المنافس، فمن المعيب جداً بأخلاقنا الرياضية أن يلقى الضيف المهانة وأن يعود الحكام إلى محافظاتهم بسيل من الشتائم ووابل من الحجارة.
ومهما بلغت لجان الانضباط من الحزم والتعامل بشدّة مع كلّ حالات الشغب لقمعها وكبح جماحها، إلا أن ذلك لن يعطي النتيجة المثلى إن لم يتعاون الجميع على نشر روح المحبة والتسامح في أجوائنا الرياضية، والبداية يجب أن تنطلق من الأندية بالذات ومن مكاتبها الإعلامية وروابط المشجعين لوقف مهازل البعض من المسيئين على المدرجات، وإدارات الأندية مسؤولة عن لاعبيها وكوادرها لوقف انفعالاتهم وخروجهم عن النص في المباريات من خلال توقيع الغرامات المالية على كلّ من يرتكب الأخطاء ويتعرّض للعقوبات الانضباطية.
الالتفافُ الرياضي والتضامن مع نادي تشرين بمصابه بفقد رئيسه أعطى دليلاً على أن رياضتنا تملك الكثير من الإنسانية المغلفة بالمحبة، وهذا التضامن والتعاطف يجب أن يُستثمر بمكانه الصحيح، وأن يكرس ليكون هدفاً لكلّ الأندية وجماهيرها.
اتحاد كرة القدم ولجنة الانضباط كرّسا هذه الإنسانية بالعفو عن العقوبات، ونحن نعلم أن هذا العفو جاء من باب الإنسانية والتضامن مع حجم المصيبة التي حلّت بالنادي، وبالتالي يجب أن يستثمر بالمكان الصحيح.
نحن مقبلون بعد يومين على انطلاق الدوري الكروي الممتاز، وندعو بكلّ صدق إلى تكريس روح المحبة والألفة بين كل الأندية وجماهيرها، لعلنا نرى دورياً استثنائياً بعيداً عن الشحن والتشنّج والغضب الذي نهايته ستكون ضارة بكرة القدم على كلّ الصعد.