قراءة اقتصادية في انتخابات مجالس الإدارة المحلية
عبد الطيف شعبان
لما كان من المجمع عليه أن المجتمع هو الأدرى بما يعاني من سلبيات وما يرغب من إيجابيات وما يحتاج في ضوء ما لديه من إمكانات، جعل من المقتضى أن يكون له دور في تحقيق التطوير الذي ينشده، وعملية التطوير المنشودة معنية بها الفعاليات المجتمعية المختلفة إلى جانب السلطات المعنية، وهذا الدور يتجلى في مجالات شتى، ومن المؤكد أن الإدارة المحلية ميدان خصب لذلك، وقانون الإدارة المحلية يهدف إلى تطبيق لا مركزية السلطات والمسؤوليات، وتركيزها في أيدي فئات الشعب، من خلال وحدات إدارية قادرة على وضع الخطط التنموية الخاصة بالمجتمع المحلي، وتنفيذ المشاريع الخاصة بها بكفاءة عالية، بما يساهم في تمكين الوحدة الإدارية من تطوير قطاعها اقتصاديا وعمرانيا وثقافيا واجتماعيا، بحيث تقتصر مهمة السلطات المركزية على التخطيط والتشريع والتنظيم وإدخال أساليب التقنية الحديثة، وتنفيذ المشروعات الكبرى التي تعجز عن تنفيذها الوحدات الإدارية.
تتمتع الوحدات الإدارية ( المحافظة – المدينة – البلدة – البلدية ) بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ولكل منها مجلسه المحلي، وهذه المجالس الأربعة تنضوي تحت لواء المجلس الأعلى للإدارة المحلية، الذي يرأسه رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزير الإدارة المحلية ومعاونه ورئيسا هيئة التخطيط الدولي والإقليمي والمحافظين ورؤساء مجالس المحافظات، وهذا المجلس يتولى وضع الخطة الوطنية اللامركزية، وفق برنامج زمني محدد وبالتنسيق مع كل الجهات لتنفيذها، وإصدار القرارات اللازمة لتوضيح آليات عمل مجالس الوحدات المحلية المعنية بتطوير المحافظة، بما يتماشى مع التنمية المستدامة والمتوازنة، في مجالات التخطيط والصناعة والزراعة والاقتصاد وبقية الوزارات.
تنص المادة 60 من قانون الإدارة المحلية على أن “مجلس كل وحدة معني بوضع الخطط ومتابعة تنفيذها لضمان التنمية المتوازن والمستدامة، ضمن رؤية مستقبلية اقتصادية واجتماعية وخدمية، بالاعتماد على خصائص الوحدة الإدارية ومواردها البشرية والمادية، واستثمار الثروات المحلية غير المستثمرة بالتنسيق مع لمجالس المحلية المجاورة والأجهزة المركزية، وإشراك هيئات المجتمع المحلي في إبداء الرأي حول الخطط المكانية ضمن الوحدة الإدارية، والمكتب التنفيذي قي الوحدة مسؤول عن تنفيذ قرارات مجلس الوحدة واستثمار أموالها وعقاراتها وفق ما يقرره المجلس، واتخاذ التدابير اللازمة لتأمين حقوق الوحدة الإدارية في الدعاوى القضائية المقامة منها أو عليها”.
من المؤكد أن تحقيق مهام الوحدات الإدارية يتطلب وجود أفراد متميزين بالكفاءة والنزاهة في عضوية هذه المجالس، وحيث أن السلطات المعنية لم تعمد لتحديد هؤلاء الأفراد بل تركت اختيارهم على عاتق جمهور المواطنين ضمن قطاع كل وحدة إدارية، لكي يكون المجتمع المحلي هو المعني باختيارهم، من بين خيرة المرشحين لهذه المجالس، ومن ثم الإشراف المباشر على متابعة عملهم لضمان قيامهم بالدور المنوط بهم، في إيجاد حالة من التكامل بين الدور الخدمي والدور التنموي بغية النهوض بالمجتمع في إطاره المحلي، والمساعدة على النمو المتوازن، وتكافؤ الفرص بين المناطق، بتكريس التعاون المشترك بين الوحدات الإدارية، وهذا يتطلب ألا يقدِم على الترشيح إلى هذه المجالس إلا ذوي الخبرة والنزاهة والأهلية، ما يقتضي ضرورة التمعن الرسمي والشعبي بكامل حيثيات كل مرشح، والإشارة عليه بالبنان بما يتميز به من صفات إيجابية وسلبية منذ اللحظات الأولى لتقديم طلب ترشيحه.
إن تحقيق الأهداف المرجوة من مجالس الإدارة المحلية يتطلب حضور ومشاركة كل مواطن في صناديق الاقتراع لانتخاب أخيار المرشحين كفاءة ونزاهة، وعلى الناخبين التحلي بموضوعية الاختيار بدافع الصالح العام البعيد المدى لا الصالح الخاص القصير النظر، ومتابعة عمل المجالس لاحقا لضمان تفعيلها في ممارسة الدور التنموي إلى جانب الدور الخدمي، فلإدارة المحلية دور في التطوير المنشود.
عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية