دراساتصحيفة البعث

الغاز جسر لمستقبل خالٍ من الكربون

إعداد: هيفاء علي

تتخذ الهند خطوات نحو الطاقة الخضراء، حيث تقود شركتان من أكبر الشركات الهندية هذه الخطوات وهما: مجموعتا “أداني”، و”أمباني”. كما تعهدت الهند بالعديد من الالتزامات الطموحة في قمة المناخ في غلاسكو، أهمهما وصول قدرة توليد الطاقة غير الأحفورية في الهند إلى 500 غيغاوات بحلول عام 2030، تحول البلاد إلى انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2070. وبحسب الخبراء، ستتطلب أهداف الطاقة الخضراء والانبعاثات الصفرية وقتاً إضافياً، حيث تكافح الدول الصناعية الكبرى مع الركود الاقتصادي والتضخم المرتفع، وستؤثر الجغرافيا السياسية لأمن الطاقة حتماً على الحسابات بطرق لم تكن متوقعة تماماً.

وعندما يعامل الغرب قوة عظمى في مجال الطاقة مثل روسيا على أنها انحراف، وتؤجل الصين حوارها بشأن المناخ مع الولايات المتحدة بسبب التوترات بشأن قضية تايوان، فإن الأمور تمضي نحو الاسوأ. وبحسب خبراء المناخ، ينبغي للغاز الطبيعي، كوقود انتقالي، أن يصمد أكثر من الفحم والنفط في عصر الاحتباس الحراري، لأنه يحترق بشكل أكثر نظافة من الفحم، مما يوفر كميات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري المنبعثة في الغلاف الجوي.

تطلق أوروبا على الغاز اسم “الطاقة الخضراء”، بمعنى يمكن للغاز الطبيعي أن يكون بالفعل جسراً لمستقبل خالٍ من الكربون، شريطة أن يتم التحكم في تسرب غاز الميثان عن طريق تركيب معدات قياس موثوقة. في السياق، توقعت شركة “بريتيش بتروليوم” مستقبلاً قوياً للغاز الطبيعي، حيث سيوفر في عام 2050 وحده 22٪ من الطاقة الأولية في السيناريو المستقبلي “السريع”، مقارنة بـ 45٪ للطاقة المتجددة. كما يتمكن الغاز الطبيعي أيضاً من البقاء على الساحة الجيوسياسية، وهو ما يتضح من حرب الأشهر الستة في أوكرانيا.

باختصار، يمكن التنبؤ بأمان أن الغاز سيظل ثابتاً نسبياً بين عامي 2020 و2050، بينما سيبدأ النفط والفحم في الانخفاض مع حلول عام 2025. في حين يشهد العالم حالياً ارتفاعات حتمية في الأسعار، حيث تتنافس البلدان في جميع أنحاء العالم على شحنات الغاز الطبيعي المسال، ومن المتوقع أن تمثل منطقة آسيا والمحيط الهادئ نصف النمو المتوقع للطلب العالمي على الغاز حتى عام 2025.

من ناحية أخرى، وفقاً لتقدير حديث لوكالة الطاقة الدولية، ستنخفض صادرات الغاز الروسي عبر خط الأنابيب إلى الاتحاد الأوروبي بأكثر من 55٪ بين عامي 2021 و2025 بأكثر من 75 ٪، وهذا الأمر يصبح موات للهند للعمل في مشروع خط أنابيب الغاز القادم من روسيا.

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” اليومية الروسية تقريراً عن زيارة الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الروسية “غازبروم”، أليكسي ميللر، إلى عشق أباد، ولقائه بالرئيس التركماني سردار بيردي محمدوف، والتي أشارت إلى مشروع خط أنابيب غاز لإرسال الغاز الروسي إلى منطقة جنوب آسيا قيد النظر في موسكو.

وبصدد تلك الزيارة، قال رئيس شركة “غازبروم” في مقابلة على التلفزيون التركماني: “إن روسيا تعتزم مواصلة مشترياتها على نطاق واسع من الغاز التركماني على أساس طويل الأجل”. وبالتالي من الواضح أن موسكو تمتص فائض الغاز التركماني، بعد الصادرات إلى الصين، لمنع الاتحاد الأوروبي أو أطراف ثالثة أخرى من ممارسة السياسة مع هذا الغاز ضد روسيا.

وبالنظر إلى الاتصالات الأخيرة بين سلطات الاتحاد الروسي وأفغانستان بشأن القضايا الاقتصادية، هناك المزيد من المنطق في العمل المشترك بين “غازبروم” وتركمانستان بشأن تنفيذ خط أنابيب الغاز تركمانستان -أفغانستان -باكستان – الهند. كما أن تركمانستان ستكون منفتحة على فكرة قيام روسيا ببناء خط أنابيب غاز على أراضيها يؤدي إلى الجنوب لتسويق الغاز الروسي. بالإضافة الى ذلك، جرت المفاوضات بالفعل بين السلطات الروسية، وسلطات طالبان بشأن بناء خط أنابيب غاز إلى أفغانستان والاتفاقية جاهزة للتوقيع، بهدف توريد القمح والغاز والنفط. كما أفادت وسائل إعلام أن المحادثات في مراحلها النهائية بشأن شروط عقد يسمح لأفغانستان بشراء البنزين من روسيا.

هذا وتتعاون غازبروم مع تركمانستان في تنفيذ خط أنابيب الغاز الذي يربط تركمانستان -أفغانستان -باكستان – الهند، حيث أشار ميللر إلى أنه لدى روسيا احتياطيات ضخمة من الغاز على مدى المائة عام القادمة، وأن بعض الحقول ستعمل وتنتج الغاز حتى عام 2120. وأوضح ميللر أن مثل هذه البانوراما الكبيرة يمكن مشاهدتها اليوم بفضل منشأة إنتاج الغاز الروسية الجديدة في حقول “يامال” للغاز في شمال غرب سيبيريا، والتي تحتوي على أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي من روسيا، والتي تقدر بنحو 44 تريليون قدم مكعب من الغاز، و550 مليون برميل من المكثفات.