أمين الحلو: مشروعي التوثيق بالأرشفة والعزف
ملده شويكاني
مسرحيةُ “فاوست” لغوته كانت حاضرة في أمسية العزف المنفرد على البيانو التي قدّمها العازف أمين الحلو على مسرح الدراما في دار الأوبرا، وتحظى المسرحية بشهرة كبيرة لما تتمتّع به شخصية فاوست من شرّ حينما يقرّر أن يبيع نفسه للشيطان ليعوّض شبابه الضائع، إلا أنه في النهاية ينتصر على الشيطان مع مارجريت التي وقع بغرامها.
اختار أمين الحلو عزف مقطوعة “نوفيستو فالس” للمؤلف فرانز ليست التي استوحاها من مسرحية فاوست، وهي رقصة زفاف فاوست، إلا أنها بُنيت على أبعاد تراجيدية متعدّدة، فبدأت ببداية قوية، وقام بتوظيف تقنيات الآلة وأبعادها الصوتية وخاصة الصوت الرخيم في مواضع، فأظهرت مهاراته بالعزف وأدائه البارع الذي استحوذ على إعجاب جمهور الأوبرا. كما عزف في بداية الأمسية فانتازيا لبرامس لسيفين فانتازيس مؤلفة من سبع قطع وهي عمل واحد متكامل متتالٍ، تحمل الكثير من المشاعر الغنائية بتتالي ألحانها.
أما المحور الأساسي بالأمسية فكان عزف قطعتين من مؤلفات المايسترو صلحي الوادي التي ألّفها لآلة البيانو، (باغاتيل) –فاما جوروري مينور- 1958، إضافة إلى (فوغا) للبيانو مي مينور في بدايات 1960، واتسمت مقطوعات صلحي الوادي برومانسية تتشح بومضات رقيقة وحزينة في مواضع.
وتعدّ هذه الأمسية بداية لمشروع أمين الحلو الموسيقي بالعزف والأرشفة، إذ أنهى دراسته الجامعية في أكاديمية بارينبويم– سعيد في برلين، ويكمل حالياً دراسة الماجستير في جامعة جنيف للموسيقا في سويسرا.
تسجيلات احترافية
وأوضح في حديثه الخاص لـ”البعث” بأنه حصل على منحة من وزارة الثقافة والإعلام الألمانية لأرشفة أعمال البيانو لكلّ من المؤلفين السوريين الذين كتبوا لآلة البيانو مثل وليد الحجار وضياء السكري، أو للمؤلفين العرب الذين عاشوا في سورية، مثل المايسترو صلحي الوادي، هؤلاء العظماء الذين تُعزف أعمالهم في أوروبا وتُعزف في سورية أيضاً لكن بشكل قليل. والهدفُ من المشروع توثيق أعمالهم بالتسجيلات باحترافية عالية في ألمانيا والعزف في الأمسيات.
أصوات الفوغا
ثم توقفتُ معه حول معنى الفوغا التي عزفها لصلحي الوادي، فتابع بأنها قالب موسيقي موجود منذ القرن الرابع عشر، اشتُهر بعصر الباروك على يد المؤلف باخ، وأصبحت قالباً أساسياً للدراسة الأكاديمية، وهي صعبة ومعقدة مؤلفة من أصوات عدة، والفوغا التي كتبها صلحي الوادي كُتبت بقالب الفوغا الكلاسيكي الغربي لكن بلحن شرقي، وهذا ما يميّزها عن الفوغات التي ندرسها بالكلاسيك.
وتقنياً يجب أن يصغي المستمع بدقة إلى أصوات الفوغا، التي تختلف بمدتها، فأطول فوغا مدتها عشر دقائق، وفوغا صلحي الوادي كانت مدتها دقيقتين ونصف.
أما باغتيل فهي مقطوعة صغيرة ضمن مجموعة بروح شرقية، وتعود الأعمال الكلاسيكية لبرامز وليست إلى القرن التاسع عشر.
ثم سألته عن التأليف الموسيقي؟.. فأجاب أنه حالياً يفكر بالوصول إلى مرحلة عالية من العزف على البيانو، وأن التأليف مجال آخر من الممكن أن يفكر به لاحقاً.