الآمال معلقة على مجالس محلية مطعمة بالكفاءات..ومخلوف يرد: “لن نخاف لامركزية بصلاحيات تنهض بالمجتمع”
دمشق – علي بلال قاسم
أمام استحقاق وطني بحجم انتخابات المجالس المحلية المرتقبة في الثامن عشر من الشهر الجاري، وقبيل أسبوع من موعد الاقتراع، كان منسوب الحرص وتقفي المتابعة المبكرة على جبهة وزارة الإدارة المحلية والبيئة مرتفعاً لجهة الاستعداد اللوجستي والفني القائم على بنى تحتية مرصوفة بالإمكانيات والمستلزمات الداعمة لنحو “7348” مركزاً على مساحة القطر بزيادة 1200 مركزاً عن الدورة السابقة التي أجريت قبل 4 سنوات، حيث يمثل كل مركز وحدة إدارية على شكل دائرة انتخابية.
على أرضية إنتاج مجالس محلية جديدة مطعمة بالكفاءات والخبرات القادرة والمقتدرة على تطوير وتنمية المجتمعات المحلية راح المهندس حسين مخلوف وزير الإدارة المحلية والبيئة في جلسته مع وسائل الإعلام – عندما حل ضيفاً على منبر وزارة الإعلام في مبنى دار البعث – يضخ جرعات التفاؤل بالحدث الانتخابي الذي طالما كان الأقرب إلى المواطن وملامسة حياته ومعيشته وخدماته وأنماطه التنموية المنتجة والفاعلة، ليطمئن بأن كل المستلزمات المطلوبة من الحكومة لحسن سير العملية الانتخابية تم توزيعها على المحافظات من صناديق وأختام وتجهيزات مكتبية، لنكون كلنا تحت إشراف اللجنة القضائية العليا لتمارس إشرافها على الانتخابات التي أبدى الوزير الكثير من الأمل بأن تؤدي إلى مجالس محلية قادرة وكفوءة تضع خطط محلية لأربع سنوات قادمة، مع شرطية السهر على التنفيذ وتنمية المجتمع وتسهيل إجراءات الخدمات، في ظل قانون كرس الدور القضائي والتنفيذي لتأمين مستلزمات نجاح العملية الانتخابية، لاسيما أن إقبالاً على الترشيح سجلته التجربة الحالية بانخراط شريحة وأعداد كبيرة من ذوي الشهادات والكفاءات ومشاركة المرأة كانت لافتة، بما ينعكس على عمل المجالس في المرحلة القادمة، في زمن أرجع فيه الوزير سبب الاهتمام الرسمي والمجتمعي بالدورة الانتخابية الحالية إلى سوية الوعي الوطني المتقدم وأهمية المشاركة لتنمية وتطوير المجتمع انتاجياً وخدمياً ومعيشياً مما يشكل أكبر الردود على الحصار والضغوط الخارجية.
لا استئثار في الصلاحيات
في مواجهة جعبة من الأسئلة الصحفية متنوعة التصنيف كانت الثقة حاضرة عند الوزير مخلوف الذي عول كثيراً على مخرجات قانون الإدارة المحلية الجديد الذي صوب الاتجاه لوضع الخطة الوطنية للامركزية الإدارية والتي تعتمد من المجلس الأعلى للإدارة المحلية وتنفذ لخمس سنوات وتمدد لمرة إذا لزم الأمر، وهنا لفت إلى قطع شوط كبير في التنفيذ والذي سيكون بشكل مواز مع نقل الاختصاصات والصلاحيات وفق الخطة المذكورة، وهذا ما حفز عنصر الجسارة عند مخلوف ليرد على من يحذر من اللامركزية بحزم: “لن نخاف اللامركزية المنصوص عليها بالقانون والتي تتعلق بصلاحيات إدارية تساهم بالنهوض بالمجتمع، لأن الموضوع متعلق بظروف العمل وتحسين الخدمات والسعي للنهوض بالمجتمعات…”، مردفاً بالقول: ” تطبيق الخطة الوطنية للامركزية الإدارية لن يخيفنا كذلك من الاستئثار في استخدام الصلاحيات، في ظل وجود وسائل لضبط الخلل وتقييم الأداء عبر إشراف سلطة مركزية ورقابية، مشدداً على أن الحدود التي تفصل بين الصلاحيات المنقولة سابقاً والتي ستنتقل ستعطي دوراً أكبر للنهوض بالصلاحيات والتكامل مع السلطة المركزية، فالعلاقة المركزية مع الوحدات الإدارية – وفق توضيحات مخلوف – محددة بالقانون، نافياً وجود الازدواجية، فالوزارة جهة داعمة فنياً ومشرفة.
بين “العتيق” والحديث
وفي الوجه الآخر لواقع عمل الوحدات الإدارية والقوانين “العتيقة” التي كانت تحكم العمل، اعترف الوزير بأن القانون المالي السابق كان سبباً يعيق ويحد من قدرة الوحدات الإدارية من تقديم الخدمات، إذ كانت تعمل بتشريعات 1938 و1959 و1965 – و2007 و2011 ليأتي القانون 37 لعام 2021 ليوحد التشريعات ويشكل مردوداً إضافياً يعمل بالتوازي مع المشاريع والاستثمارات والخدمات، وهذا القانون طبق منذ بداية العام، لنكتشف بأن ما تم توزيعه من إيرادات في نصف عام كان ضعف ما وزع في العام الماضي كله.
الاستئناس حق الأحزاب
ورداً على سؤال يتعلق بمشاركة السوريين المهجرين في الخارج أكد المهندس مخلوف أن الباب مفتوح ومرحب بهم والتشجيع للعودة قائم للمساهمة في بناء الدولة، ومع ذلك لن ننتظر فالعدد الموجود في الخارج معروف والتفاعل كبير مع المنظمات والمبادرات المجتمعية، لذا جاء حسم الوزير – على لسان الحكومة – بأن الاستحقاق سيسير دون توقف، في وقت ظهرت شفافية الوزير حتى عندما ألمح أحد الصحفيين على موضوع الاستئناس الحزبي على قوائم المرشحين، ليجيب بأنه من حق الأحزاب أن تفاضل بين مرشحيها، وهذا الموضوع خارج إطار العمل والمسؤوليات الحكومية، ونحن في وزارة الإدارة المحلية على مسافة واحدة من المرشحين حزبيون كانوا أم مستقلين.
“يلزمنا ويلزمنا”
وعلى اعتبار أن معيار نجاح المجالس المحلية هم المواطنين المقترعين أولا وأخيراً، فقد أقر الوزير بوجود تمايز بين الوحدات الإدارية على مستوى البلديات، فبعض المجالس لا تقول أنها بحاجة إلى إمكانيات وآليات بل تطلب الموافقة على الشراء من مواردها الذاتية – وهذا ما نرتجيه من الجميع – ووحدات أخرى تكتفي بالقول “يلزمنا ويلزمنا”، لذا فالناظم على عمل الوحدات هو قدرتها على الأداء وإيجاد فرص استثمارية ومالية بسلاح الصلاحيات الممنوحة، والشراكات مع الوزارات والجهات، ومن حق المواطن أن يشكو لأن الوحدات خاضعة للرقابة والتقييم بشهادة حل العديد من المجالس التي ثبت فسادها أو تقصيرها أو إهمالها، مذكراً بأن قانون الإدارة المحلية أعطى صلاحيات قد تتعارض مع توجهات السلطة المركزية وهنا الحكم في مجلس الدولة والهيئة الاستشارية.
ليست جباية فحسب
في سياق التطرق لسياق الأتمتة المعمول بها ساق الوزير مثالاً على قاعدة البيانات التي تمتلكها الوزارة من مسوحات حاسوبية تتعلق بكل وحدة إدارية في كل ما يهم التغطية والمنفذ والخطط والتوسعات والأراضي ونوعية الزراعات والمؤسسات والجمعيات، وبناء عليه مطلوب من الوحدات الإدارية مزيد من الفاعلية التي لا تقزم الدور على أنه جباية فحسب بل نظام عمل للموارد الذاتية لتدوير الخدمات والبحث عن مصادر للاستثمارات لتكون منتجة على قدر من النزاهة والشفافية، والقانون المالي جزء يساهم بتغطية تعذر الجباية بوجود ضوابط لا تسمح حتى للوزير بالتصرف بأموال الوحدات الإدارية.
بالعموم – وكما قال الوزير مخلوف – لا أحد يدعي كمال الخدمات في الوحدات الإدارية ولكن ثمة طموحات وآمال للأفضل بمقومات تحسين عمل الوحدات بإرادة المجتمع بانتخاب الأكفاء وبالقانون 21 والخطة الوطنية للامركزية الإدارية والصلاحيات الممنوحة، والتعويل كبير على المجالس الجديدة التي ستنتخب بما يمكن ويحسن ويحقق التنمية المتوازنة والمستدامة لمجتمعاتنا المحلية.