التقارير حول الاقتصاد البريطاني لا تتناسب مع وعود تراس الانتخابية
البعث – تقارير:
عملت رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ليز تراس على تقديم جملة من الوعود أهمها وضع حدّ أقصى لرسوم الطاقة المحلية، إلى جانب تطبيق عدد من التخفيضات الضريبية للتقليل من مخاطر تعرّض الاقتصاد للركود، وهذا كله ربما يندرج فقط تحت عنوان “الوعود الانتخابية” التي لابدّ لها من الاصطدام بالواقع الذي يشي فعلياً بأن الاقتصاد البريطاني برمّته ليس بمنأى عن التداعيات الاقتصادية الكارثية للعقوبات الغربية المفروضة على روسيا، حيث أدّت آلاف العقوبات المفروضة على موسكو حتى الآن إلى نتيجة عكسية تتمثل بارتفاع معدّل النمو في روسيا على خلفية الارتفاعات المتتالية لأسعار الطاقة ونقص المعروض، مقابل حالة ركود اقتصادي تشهدها القارة الأوروبية بشكل عام، وليس الاقتصاد البريطاني استثناء من ذلك على اعتبار أنه يبقى مرتبطاً عضوياً بالاقتصادات الأوروبية المتداعية على خلفية أزمة الطاقة الحالية.
فقد أظهرت البيانات الرسمية اليوم الإثنين أنّ الاقتصاد البريطاني نما بأقل من المتوقع في شهر تموز، ما زاد من خطر أن تكون البلاد قد دخلت بالفعل في حالة ركود، مع انخفاض الطلب على الكهرباء بفعل الارتفاع الحاد في رسوم الطاقة، وتضرّر قطاع البناء من قفزة في تكلفة الخامات.
وأشارت البيانات إلى أنّه مع بلوغ التضخّم أعلى مستوى له في 40 عاماً متخطّياً 10%، نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% من حزيران بأقل ممّا كان متوقعاً عند 0.4% في المتوسط، وكان الناتج المحلي الإجمالي ثابتاً خلال الأشهر الثلاثة حتى تموز مقارنة بالأشهر الثلاثة التي سبقتها.
ويفسّر الاقتصاديون هذه المؤشرات بأن الاقتصاد ربما يكون في طريقه للانكماش في الفترة من تموز إلى أيلول بعد أن تراجع بنسبة 0.1% في الفترة من نيسان إلى حزيران، وهذا يدل على أن المملكة المتحدة ستدخل فيما قد يُعرف بأنه ركود للمرة الأولى منذ انتهاء قيود الإغلاق.
وبالإضافة إلى الانتعاش الصغير المخيّب للآمال في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في تموز، تشير التوقّعات إلى أن الاقتصاد لديه القليل من الزخم، وربما يكون بالفعل في حالة ركود.
الزعيمة الجديدة لحزب المحافظين رسمت وعودها بعيداً عن هذه التقارير المختلفة التي تؤكد عدم جدوى الإجراءات التي سيتم اتخاذها، حيث توقّع بنك إنكلترا في آب أن يُصاب خامس أكبر اقتصاد في العالم بركود من نهاية عام 2022 حتى أوائل عام 2024، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى تضرّر مستويات المعيشة من أسعار الطاقة التي ارتفعت بسبب الحرب في أوكرانيا، أما مكتب الإحصاءات الوطنية فقد كشف أن الأدلة المتداولة تشير إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة يغيّر سلوك المستهلك، وأن الطلب على الطاقة قد انخفض، وقفزت أسعار الكهرباء بنسبة 54% خلال 12 شهراً حتى تموز.
كل ذلك ربما يؤكد أن رئيسة الحكومة الجديدة لن تتمكّن من إحداث أيّ تغيير في الوضع الاقتصادي القائم ما دامت حالة العداء لروسيا هي المسيطرة على النهج الاقتصادي العام.
ميادة حسن