كيف سيواجه الدوري الكروي الجديد حزمة العقوبات الانضباطية الجديدة؟
البعث الأسبوعية-ناصر النجار
الموسم الكروي الجديد سيبدأ مختلفاً عن سابقيه من المواسم لأسباب عدة، فالاختلاف الواضح يبدأ من عملية تقليص عدد الأندية إلى اثني عشر نادياً في الدرجة الممتازة بعد أن أثبتت السنوات الماضية أن الدوري لا يتسع لأكثر من هذا العدد على صعيد الاحتراف وآليات تطبيقه، وكدليل على صوابية هذا القرار فإن الأندية الصاعدة إلى الدوري الممتاز لا تثبت فيه وتعود أدراجها إلى الدرجة الأولى بعد موسم أو اثنين على أكثر تقدير.
فالدوري الممتاز يحتاج إلى فرق تملك الثبات ومقومات الوجود، وأهم هذه المقومات وجود الدخل المالي الثابت عبر وجود استثمارات ثابتة وموارد مالية دائمة وليست موسمية.
لذلك نجد أن أندية بمستوى الوحدة وأهلي حلب والفتوة والجيش والكرامة والوثبة قادرة على الثبات في هذا الدوري بشكل دائم لما يتوافر لها من عوامل الدعم.
لكن الاحتراف الذي انحرف عن مساره بات يتطلب موارد أكبر من موارد الأندية وبالتالي باتت الأندية التي كانت ركناً من أركان هذا الدوري تسقط تحت وطأة النفقات كما حدث لأندية المحافظة والجهاد والجزيرة والحرية والنواعير وأخيراً الشرطة والمجد.
وعلينا التذكير بأن أندية بمستوى تشرين وحطين وجبلة والطليعة تعاني كل موسم من الأزمة المالية الخانقة التي تتسبب في الكثير من الأحيان بخلق أزمات إدارية وفنية عديدة تهز عراقة هذه الأندية.
وهذا كله يقودنا إلى أن الدوري الممتاز في أحسن الأحوال لن يتسع لأكثر من عشرة أندية قادرة على تحمل ضغط نفقات الاحتراف، ويبقى هذا الأمر مرهوناً بالموارد والداعمين.
وهنا نسأل: إلى متى ستبقى الأندية صامدة أمام هذا الوحش الذي يستنزف كل الإمكانات والطاقات؟
موارد وأزمة
البحث عن الموارد سيكون شاقاً في ظل الأزمة الاقتصادية العامة، بينما حسن إدارة الموارد المالية سيكون الحل الأمثل في هذه الظروف الصعبة الضاغطة على الجميع، وللأسف فإن أغلب إدارات الأندية لا تملك حسن التدبير، وربما كان ذلك بسبب ضعف الخبرة أو سوء الإدارة.
الشيء المختلف هذا الموسم أيضاً حصر اللاعبين المميزين في خمسة أندية على الأكثر، وهذه حقيقة واضحة، وأسبابها متعددة، أولها: المبالغ المالية الكبيرة التي يطلبها اللاعبون، وثانيها: قلة عدد اللاعبين المميزين ودخولهم سن الاعتزال بسبب العمر، ولا أدل على كلامنا أن انتقاء لاعبي المنتخب الوطني سهل للغاية لأنك لا تجد الصعوبة البالغة في اختيار عشرين لاعباً من الدوري المحلي على أكثر تقدير، وإذا بحثت وفتشت فلن تجد أكثر من هذا العدد، وهذه مشكلة أصعب من مشكلة المال والنفقات، فكرتنا من خلال إهمال الأندية للقواعد باتت فقيرة باللاعبين، وثالثها: استمرار هجرة اللاعبين إلى الدوريات العربية مهما كان اسم النادي وحجمه ومستواه.
من هذا المنطلق فإن الموسم الجديد بمتغيراته الجديدة قد يضعنا أمام موسم ضبابي بالمستوى والأداء وحرارة المنافسة.
الانضباط والحزم
الأمر المختلف هذا الموسم بدرجة الأهمية القصوى هو موضوع الشغب وما يواجه النشاطات الرسمية من مشاكل ومنغصات وقد استفحلت الموسم الماضي وتنامت في ظل غياب الردع ومكافحة كل مشاكل النشاطات بحزم شديد وعلى سبيل المثال فقد الدوري في الموسم الماضي هيبته الكاملة، وصار في بعض فصوله أشبه بدوري الأحياء الشعبية، وصدرت عن بعض الأندية الكبيرة تصرفات أقل ما يقال عنها أنها غير مسؤولة، ومن هذه التصرفات الانسحاب قبل نهاية المباريات، والشغب المتنامي على المدرجات، مع عدم التحلي بالروح الرياضية من قبل بعض كوادر الفرق (مدربين- إداريين….) والاعتراض من بعض اللاعبين على الحكام والتمادي لحدود الشتم والبصق وكل هذه التصرفات لم تواجه بالقانون وبالحزم المطلوب، فتحول الدوري إلى (شوربة) واستباحت الكثير من الفرق مسابقة الكأس فلم تولها الاهتمام المطلوب، بل وانسحبت دون أي إحساس بالمسؤولية وقيمة المسابقة، ولم يكن الموسم الماضي مثالياً أو ناضجاً وقد زاد الفلتان فيه الحد الطبيعي وتراكم حالات الشغب من المواسم الماضية جعلت من الشغب والشطط زائر مقيم وقد تحول إلى ضيف ثقيل ويخشى إن استمر أن يكرّس في كل المباريات على أنه أمر عادي وطبيعي.
لجنة جديدة
اتحاد كرة القدم المنتخب قبل ثلاثة أشهر شعر أن الوضع إن استمر على الحال ذاته من الفلتان في المسابقات الرسمية فلن يقوم للدوري أي قائمة وقد لا تخرج مسابقة الكأس بالصورة الزاهية المفترضة، فوضع الاتحاد آليات عديدة لمقاومة هذه المنغصات كلها من خلال إسناد مهمة ضبط الدوري إلى لجنة انضباطية مستقلة استقلالاً كاملاً عن اتحاد كرة القدم ولا ينتمي أي عضو فيها إلى الاتحاد أو لجانه العليا أو لجانه الفنية أو الأندية.
واللجنة بأعضائها تملك الخبرة القانونية والرياضية، وهي بالمحصلة العامة هيئة قضائية حيث اتفقت على أن لائحة الإجراءات الانضباطية باتت قاصرة وغير ملبية ولا يمكنها مكافحة شغب الملاعب وما يحدث فيه من عقبات وإشكالات، فأسندت مهمة إجراء الكثير من التعديلات على هذه اللائحة إلى نائب رئيس اللجنة الدكتور فراس المصطفى، ففضلاً عن كونه رياضي وخبير فهو مهني ومختص يحمل شهادة الدكتوراه في القانون.
التعديلات التي تمت أقرها اتحاد الكرة وصادق عليها بعد أن عُرضت على اللجان القضائية في الاتحاد (اللجنة القانونية-لجنة الانضباط والأخلاق-لجنة الاستئناف) إضافة إلى لجنتي المسابقات والحكام.
شطب النقاط
المادة الجديدة التي أضيفت إلى اللائحة الانضباطية هي شطب النقاط، ويمكن لبعض المخالفات المرتكبة أن تؤدي إلى شطب ست نقاط من رصيد النادي، وهذه المادة مؤثرة جداً على صعيد المنافسة على القمة أو الهروب من الهبوط، ولأن المنافسة في الكثير من الأحيان تكون بفارق بسيط جداً من النقاط فإن حسم نقطتين من رصيد نقاط أي فريق قد تفقد هذا الفريق اللقب أو تساهم بهبوط فريقاً إلى الدرجة الأدنى.
ومن هذه المخالفات التي تستوجب حذف النقاط تعرض جمهور الفريق للإنذار الثاني من الحكم بسبب الشتم الجماعي وفيها يتم توقيف المباراة وخسارة الفريق (صفر/3 ) وإقامة عدد من مباريات الفريق المخالف بلا جمهور.
ومن هذه المخالفات رمي أرض الملاعب بالحجارة والعبوات الفارغة وإطلاق المفرقعات والعيارات النارية مما أدى إلى إصابة الحكم أو الإداريين أو اللاعبين، والاعتداء على طاقم التحكيم أو أحد اللاعبين أو المنشآت الرياضية.
ومن المواد الجديدة التي تعاقب عليها جماهير الأندية استخدام الألعاب النارية والقنابل الدخانية وما شابه ذلك وكل ما يعرض الجماهير والملعب للخطر، مع التأكيد على أن سلامة الجماهير من أولوية الاهتمام لأنها تسبق بالأهمية أي أمر آخر.
الغرامات المالية أصبحت أكبر من ذي قبل وبالتالي فإن إدارات الأندية قد تدفع ثمن مخالفة القانون وشغب الجمهور ضريبة باهظة الثمن، وهنا لا بد من أن تقوم الإدارات بواجبها المهني بضبط كل حالات الاعتراض والشغب من لاعبيها وكوادرها وجمهورها، ورأى أحد المراقبين أن تقدم إدارات الأندية على إلزام لاعبيها وكوادرها الذين يتعرضون للعقوبات بدفع قيمة الغرامة من باب الانتباه والحذر وحتى لا تتكرر المخالفة مرة أخرى، فكما يدفع النادي للاعبيه وكوادره قيمة العقود والأجور والمكافآت، فعلى المخالف من هؤلاء أن يدفع ما يتوجب عليه من مخالفات.
حزم ومسؤولية
اتحاد كرة القدم سيتعامل أيضاً مع الدوري الكروي الممتاز بمنتهى الحزم وقد أعد العدة الكاملة ليكون الدوري هذا الموسم ناجحاً، والإجراءات التي اتخذها اتحاد كرة القدم كانت كثيرة ومتعددة ومنها تنظيم الملاعب ومنع دخول أي شخص إلى أرض الملعب وإقامة المؤتمرات الصحفية، وقد عقد العديد من الاجتماعات مع المعنيين بالأندية واللجان التنفيذية ومدراء الملاعب لتأمين كل مستلزمات نجاح المباريات دون أن يعكر صفوها أي شائبة.
كل الإجراءات المتخذة والاحتياطات الوقائية المتخذة من اتحاد كرة القدم ولجنة الانضباط لا تكفي لوحدها لأن اليد الواحدة لا تصفق ولا بد من تعاون جميع أطراف اللعبة لإنجاح الدوري ولمكافحة الشغب والقضاء على كل الحالات التي تعكر صفو كرة القدم وتدنس قدسيتها وأخلاقها الرفيعة، ومكافحة الشغب والشطط في المباريات يبدأ من الأندية ويجب أن تتحلى إدارات الأندية بالمسؤولية الكاملة وأن تهتم بهذا الموضوع وأن تجتهد لمكافحة الشغب من خلال توعية اللاعبين والكوادر الفنية والإدارية بضبط النفس وعدم الاعتراض على التحكيم وعدم شحن الجماهير، فبداية أي شغب يبدأ من أرض الملعب ومتى انتقل إلى المدرجات بات من الصعب السيطرة عليه.
أيضاً روابط المشجعين مدعوة للمساهمة بتنظيف الملاعب من المشاغبين وقيادة جماهيرها نحو التشجيع الهادف والأخلاقي.
أخيراً يمكن الحديث عن العفو الذي صدر قبل انطلاق الموسم الجديد وكان بسبب إنساني لوفاة رئيس نادي تشرين، هذا الأمر كان فرصة طيبة لكل الأندية والجماهير لتدخل الموسم الجديد بصفحة بيضاء ناصعة، وما صدر من عقوبات في مباريات الكأس دل على أنه لن يكون هناك أي تهاون في المخالفات وستواجه بالعقوبات المناسبة.