سورية والعراق لإطلاق المرحلة التاسعة من البرنامج الهيدرولوجي.. “الموارد”: تركيا تقرصن أكثر من 50% من المياه السورية
دمشق – رامي سلوم
بدأت اليوم أعمال الاجتماع المشترك السوري العراقي لإطلاق المرحلة التاسعة من البرنامج الهيدرولوجي الحكومي الدولي بحضور وزير الموارد المائية السوري الدكتور تمام رعد والعراقي مهدي رشيد الحمداني، وبمشاركة وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام إبراهيم، ووزير الإدارة المحلية والبيئة المهندس حسين مخلوف، ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي الدكتور فادي سلطي الخليل.
وبين وزير الموارد المائية الدكتور تمام رعد بين في تصريح للصحفيين أن الغاية من إطلاق البرنامج مع الجانب العراقي هو وجود تشابه في التحديات التي تواجه قطاع المياه في البلدين من خلال التغيرات المائية أو البيئية المشتركة المتماثلة لإدارة قطاع المياه، مشيراً إلى أن البرنامج يهتم بتعزيز التقنيات العلمية والتعليم والموارد البشرية بما يدعم إدارة الموارد المائية ويخفف من آثار التغيرات المناخية عبر عدة محاور منها البحث العلمي والتثقيف المائي على كافة المستويات من صناع القرار وأصحاب المصلحة بما يساعدهم في اتخاذ القرارات على أسس علمية وتقنية.
بدوره أوضح وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني أن البرنامج له أهمية كبيرة في ظل الظروف والتغيرات المناخية التي أصابت البلدين ومن المتوقع استمراها لفترة طويلة، لافتاً إلى أنه ومن خلال هذا البرنامج سيتم العمل على تبادل الآراء وإشراك جميع القطاعات والوزارات التي تعنى بالتوعية واستخدام الطرق الحديثة والتحول لنظم الري الحديثة لتلافي هذه التغيرات مبيناً ان البلدين من أوائل الدول المهتمين بإطلاق المرحلة التاسعة لهذا البرنامج.
وناقشت غالبية المداخلات أهمية البحث العلمي وتأسيس قواعد بيانات سليمة تعتمد على الأجهزة الحديثة، حيث دعا مندوب هيئة الأرصاد الجوية إلى تمويل تصنيع جهاز خاص بقراءة المقاييس المطرية تم ابتكاره من قبل الهيئة والتأكد من فاعلية الجهاز وجدواه العملية، غير أن صعوبات قانونية ومالية واجهت تصنيعه ونشره لقراءة المقاييس المطرية في مختلف المناطق على مدار الساعة ومن دون تدخل بشري.
ولفت الخبير خلال المداخلة إلى أن التغيرات المناخية وصلت لمرحلة سيئة ودخلت المنطقة في مرحلة الجفاف والهطولات التراكمية الفيضية التي ينتج عنها فيضانات مائية، وبالتالي لابد من دراسة حقيقية لواقع السيول وجمع الكتلة المالية ضمن خزانات وسدود وفقا للمعلومات الحقيقية.
كما ناقش المشاركون تشكيل لجنة مشتركة من الجانبين لاستمرار العمل والتنسيق في المجال، وتبادل البحوث العلمية وإطلاق بحوث علمية مشتركة لدعم المعرفة، وتركيب محطات رصد مشتركة للمياه على مسارات نهري دجلة والفرات، وتبادل سبل نشر الوعي المجتمعي.
كما دعا المشاركون لمراجعة القوانين والأنظمة المتعلقة بالمجال المائي خصوصا قوانين الري، حيث كان واقع الجانب العراقي مطابقاً للحالة السورية من حيث التغير المناخي ونقص الهطولات والدخول في الفترات الجافة أو الفيضانية، الأمر الذي يدعو إلى تعديل الممارسات الخاصة باستهلاك المياه في المنطقة، وهي الأمور التي ستستكمل مناقشتها خلال الجلسة لإصدار التوصيات اللازمة بالطريقة الأفضل بعض عرض مختلف الآراء والاستفادة من التجارب.
اعتبر معاون وزير الموارد المائية جهاد كنعان في حديث لـ”البعث” أن عدم وصول حصة سورية العادلة من مياه حوض دجلة والفرات بفعل القرصنة التركية سبب رئيسي في تضاؤل الموارد المائية، مشيراً إلى أن تركيا تقرصن كميات كبيرة من المياه السورية تصل لأكثر من 50% من الحصة المتفق عليها، فيما عدا واقع المناخ والتلوث وغيره، فضلاً عن عدم القدرة على استخدام التجهيزات والمعدات الحديثة واستقدامها أو توفير الصيانة الملائمة للمعدات الموجودة، واصفاً حالة الموارد المائية بغير الجيدة.
وأوضح كنعان أن البرنامج الهيرولوجي الحكومي الدولي هو أحد البرامج التي ترعاها منظمة اليونسكو ويهدف لدعم حوكمة المياه وتحسين الواقع المائي من خلال البحث العلمي، مبيناً أن البرنامج في جميع مراحله لا يعتمد على برامج ومشاريع يتم تنفيذها خلال المراحل المتلاحقة، وإنما يعتمد على توسيع الوعي وتأمين المعرفة الضرورية، مؤكداً أن العمل على معطيات البرنامج ساهم في توسيع الرؤية ووضوحها حول الموارد المائية، وتوسيع المشاركة الحكومية والتعاون بين الوزارات والجهات في المجال.
ويهدف البرنامج وفقا لكنعان إلى زيادة وتوجيه الوعي ونتيجة لذلك سيصبح من الممكن دعم الحوكمة حيث يتم اتخاذ القرارات على أساس العلم والتكنولوجيا من خلال بناء آليات تمكن جميع أصحاب المصلحة من المشاركة تحديات الموارد المائية الوطنية والاقليمية والعالمية وبناء مجتمع مستدام وقادر على الصمود من خلال توسيع الفهم العلمي للمياه وتحسين القدرات التقنية وتعزيز التعليم وتطوير الموارد البشرية التي ستكون مسؤولة عن هذه المسألة.
وأشار كنعان إلى أن الخطة الاسترتيجية للمرحلة التاسعة 2022 – 2029 تنطلق تحت عنوان العلم من أجل عالم آمن مائيا في بيئة متغيرة، والتي تقوم على مجموعة من الأولويات أهمها البحث العلمي والابتكار والتثقيف المائي في مرحلة الثورة الصناعية الرابعة شاملاً الاستدامة وسد الفجوة بين البيانات والمعرفة، بالإضافة إلى الإدارة المتكاملة للموارد المائية في ظل ظروف التغير العالمي، وحوكمة الإدارة المائية على أساس علمي للتخفيف والتكيف والصمود.
مدير المركز الوطني لإدارة الموارد المائية العراقية المهندس حكم حميد حسين اعتبر أن الاستراتيجية تمنح رؤية شاملة عن الإدارة والموارد المائية لابد من تطبيقها من قبل الدول الأعضاء للوصول إلى النتائج المرجوة، مشيراً إلى اتساع الفجوة بين البحث العلمي والتطبيق العملي في بلدان المنطقة الأمر الذي يحد من الوصل للنتائج المرجوة لضعف التطبيق.
ولفت حسين إلى غياب الثقة بين بلدان المنطقة في مشاركة البيانات وعدم تبادلها في دول حوض دجلة والفرات، مؤكداً أهمية التعاون الدولي في مجال المياه خصوصاً أن دول الحوض تحصل على المياه من دول المنبع التي تتحكم في حجم المياه بشكل جائر، كما بدأت باستثمار كميات أكبر ما قلل من حجم المياه الواصلة، وبالتالي فإن العلاقة المائية تحكمها علاقات عابرة للحدود لابد من غطار دولي واضح ناظم لها.
وأشار إلى أن التعاون مع سورية أولوية للانطلاق لتفاهمات أخرى مع دول المنطقة خصوصاً تركيا، معتبراً أن الوصول إلى رؤية متكاملة ومتوافقة مع سورية سيسهل العمل الذي وصفه بالأصعب مع الاتراك.
ووفقا للبرنامج فإن النتائج المتوقعة من المرحلة التاسعة التي تم إطلاقها هو أن تمارس الدول الأعضاء حوكمة وإدارة مائية شاملة قائمة على الأدلة ومستندة إلى البيانات العلمية المحسنة والنتائج البحثية والمعارف والكفاءات والأدوات المناسبة بشكل يربط بين العلم والسياسات والمجتمع من أجل مجتمعات مستدامة قادرة على التكيف والصمود.