معرض أحمد الوعري في “الآرت هاوس”
افتتح مساء الأربعاء معرض الفنان الشاب أحمد الوعري في صالة “الآرت هاوس” بدمشق، بعنوان “انطباع ثان”. ويبدو من البروشور المرافق أن هناك انطباعا أول حدث في دبي، كما هو وارد في مرفق المعرض الذي ضم 13 لوحة من القياس الكبير نسبياً.
وقد واظبت الصالة على عرض أعمال الفنان الوعري منذ سنوات، ورافقت تجربته التي أحدثت أثراً طيباً في بداياتها لما تحمله من جديد تميزه صنعة الرسام المحترف الذي يتمكن من تصوير موديلاته بدقة متناهية مقتفياً أثر الرسامين الواقعيين في رسم الأشخاص والوجوه، إلا أن الوعري يذهب بهذه الصورة الجديدة نحو وظائف جديدة يحملها التعبير الناتج من تحويرات وإضافات على المشهد حيناً، أو ترك أجزاء من الموديل مخفياً وراء ضربات من اللون المباشر المخالف، مكتفياً بما رسم من الملامح الكافية لجعل اللوحة تحتمل بقية أجزائها المضافة من صور لأشخاص في وضعيات مختلفة تغني هذا المشهد التأليفي الذي قد ينتهي عند وجه مصنوع من الصلصال المهشم أو القناع الصامت، حيث لا حيادية هذه الوجوه وتركها لقدر لا يعرفه إلا من جاء بهم على هذا القماش المفتوح لاحتمالات تجريبية أكثر تنتهي عند اتفاق بصري يستقر بوجود كرسي من الخيزران الملون يقف على قدم واحدة.. ربما يشترك هؤلاء البشر في اللوحة بما فقدوا.. أو يتشابهون في ضياع مصيرهم وما زالوا في هذا الوجوم يمثلون دورهم كأحياء على خشبة هذا المسرح الذي يقدمه الفنان لنا عبر لوحات بانورامية حيناً أو فردية تصور حالة كل ممثل من هؤلاء القوم الذين تعبث بمصائرهم حيلة الرسام ومراميه الملغزة.
قبل هذا المعرض (انطباع)، كانت هناك عناوين لمعارض أخرى مثل (الآن) وغيرها بعناوين مختلفة لهذا الفنان الشاب. وتشترك هذه المعارض بقدرة الفنان العالية على انتاج لوحة تحمل أسئلة خاصة تلقى على رائيها عن مقاصد هذا العمل الذي يشرك فيه الحذاقة والخبرة الحرفية من قبل الرسام من جهة، وعلى المعادل التعبيري لهذا النص البصري الذي يجمع بين حالات قد تكون متناقضة، إلا أنها بالضرورة مرتبطة بهاجس غريب ذي دلالة تلمح عن خبايا نفسية وسيكيولوجية “وجه الفتاة ورأس التمثال القديم”، هذه العوالم من الثنائيات الواخزة يقدمها الرسام بخبرة مهنية عالية تضمن الدهشة وتستولي على متلقيها بهذا الاستعراض الباذخ للفكرة حتى لو كانت سطحية أو مألوفة، فالنتيجة مضمونة بكفاءة الإخراج والصياغة ومهارة الرسام حتى لو سقط في مطب الحرفية والتزيين والاستعانة بتقنيات التصوير أو تتبع خطى من سبق من الرسامين الذين استخدموا طباعة الديجيتال قبل الرسم النهائي!؟
استطاعت لوحة الوعري أن تكتسب خصوصيتها من بين التجارب الشابة الجديدة القادمة من خارج الأكاديمية التقليدية وتطوراتها المهنية والبحثية، حيث ذهبت بحمولاتها الجمالية مباشرة نحو رواجها الاقتصادي عبر منصات واعية لأهدافها.
هذه الولادات الفنية الحديثة بدأت تتكاثر في التشكيل السوري، تظهر بجلبة وفورة واضحة تحملها سوق محددة وذوق خاص من بعض مقتني هذه الأعمال مما يفرض سؤالاً عريضاً حول خصوصية التجارب الفنية ومحليتها في هذا الكم الهائل القادم من عوالم تغريبية أفقدت اللوحة وظيفتها التنويرية.
أكسم طلاع