قائمة الوحدة الوطنية.. تنوع سياسي وعلمي وثقافي ويبقى الرهان على وعي المواطن
مظاهر انتخابية لافتة، وحراك شعبي يعكسُ حالة التفاعل مع انتخابات الإدارة المحلية في السويداء ومحافظات القطر كافة والتي يتفق الجميع على خصوصيتها لجهة المرحلة التي تجري فيها، أو لجهة المسؤولية التي يشعر بها أبناء المجتمع تجاه المرحلة المقبلة، هذا الحراك الشعبي والرسمي رافقه حراك حزبي داخلي عبر دخول الحزب مع أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية بقوائم حملت اسم قوائم الوحدة الوطنية كونها تمثّل كافة شرائح المجتمع وأطيافه.
وقبل ساعات على موعد الانتخابات تكثر التساؤلات في الشارع، وإطلاق الأحكام المسبقة حول مدى شفافية هذه الانتخابات في ظل وجود مثل هذه القوائم، بمعنى هل هي حالة صحية ستساهم في تعزيز جماهيرية الحزب، أم ستنعكس عليه سلباً؟ وهل عند الناخب الثقافة الكافية لإدراك أحقية الأحزاب في اختيار قوائمها؟ ومن يتحمّل مسؤولية قصور الثقافة الانتخابية؟.
روائز موضوعية
الرفيق أنور الحسنية عضو قيادة فرع الحزب رئيس مكتب الثقافة والإعلام، بيّن أن قوائم الوحدة الوطنية تعكس حالة التنوع العلمي والثقافي والسياسي والعمري والاجتماعي، وأنه عند وضع قوائم الوحدة الوطنية تمت مراعاة عدة شروط، أهمها أن يكون المرشّح اجتماعياً، وذا حضور شعبي، وشخصية قيادية، ويتمتّع بالصدق والنزاهة، مبيّناً أن الموقف خلال الحرب، والانتماء الوطني، إضافة إلى التحصيل العلمي، روائز تمّ أخذها بعين الاعتبار، ولا شك أنها ستحقق القبول والرضا الشعبي، وتعزيز ثقة المواطن بها، علماً أن القوائم لم تكن مغلقة، بل تم ترك مساحة كافية للمرشحين المستقلين في كل قوائم المجالس، حسب عدد المستقلين المتقدمين لانتخابات المجلس، وبنسب موضوعية تحقق عدالة التمثيل، كما تمّ الأخذ بعين الاعتبار تمثيل أحزاب الجبهة، والعنصر النسائي، والشبابي أيضاً بنسب موضوعية حسب عدد المرشحين.
وبيّن الحسنية أن المشاركة في انتخابات الإدارة المحلية واجب وطني، مشيراً إلى وضع خطة لإقامة لقاءات شعبية للتعريف بقوائم الوحدة الوطنية، وأسباب وأسس اختيار هذه القوائم، مؤكداً أنه رغم وجود بعض المفارقات في بعض الوحدات الإدارية، إلا أنه بشكل عام كان الاختيار مؤسساتياً عبر الاستئناس بقنوات مختلفة، وكان الهدف الأساسي عند وضع القائمة التنوع في الاختصاصات، وتمثيل شريحة العمال والفلاحين.
حالة صحية
تشكيل القوائم ليس حالة منفردة أو خاصة عند حزب البعث، فمعظم أحزاب العالم لها تجربتها في ذلك، وهذا أمر مشروع وصحي، كما يقول كرم الجباعي، مدير مركز بيسان للبحوث، فجميع الدول متعدّدة الأحزاب أثناء الانتخابات، بينها تعاون بالقوائم، وإذا كانت للحزب قاعدة عريضة وواسعة، وتاريخ سياسي، وعدد ممتاز من المنتسبين، أي يمتلك قواعد حقيقية، وأهدافاً، وإستراتيجية واضحة، فإنه يستطيع العمل ضمن قائمة يمكن أن تكون ذات لون واحد، أو ألوان متعدّدة، ففي معظم دول العالم نجد الأحزاب الرئيسية تصنع قوائم، والأحزاب الصغيرة تتعاون ضمنها.
أكثر دقة
ويقول وليد الحمود إنه يجب اعتماد معايير أكثر دقة للمرشح من حيث الكفاءات والخبرات، وبعدها يجب أن يكون الاستئناس الحزبي ملزماً على قاعدة أن القواعد أدرى بكوادرها بعد التشاور مع القيادة لتحييد الشللية في الاستئناس، وأضاف الحمود أن هناك قصوراً حقيقياً في التثقيف الاجتماعي حول دور مجالس الإدارة المحلية، وأدوار أعضاء المجلس البلدي، وبالنسبة للعنصر الشبابي أو النسائي قال الحمود: نحن مع أن يكون هناك دور واسع للنشاط الشبابي أو النسائي ولكن من الأجدى إيجاد مجلس شبابي ونسائي في كل تجمع. وأضاف: عندما نتحدث عن الإدارة المحلية نحن لا نتحدث عن تجربة أو حقل تجارب، نحن نتحدث عن خبرات في إدارة المؤسّسات واستثمار الموارد الطبيعية والبشرية، وكثيرة هي العناصر الشابة والنسائية التي تتمتّع بهذه المقومات، وخاصة على صعيد النشاط الاجتماعي والمبادرات الشبابية، وهنا يجب اختيار هذه العناصر بناءً على نشاطها ودورها في التجمعات وليس بناء على توجيه بتواجدهم، إذ أن فرض البعيد عن الخبرة وبشكل عشوائي هو بمثابة خلق عنصر ضعيف وغير فعّال في المجلس.
دور رقابي
الدكتورة نسرين السلامة نائب عميد كلية الآداب الثانية في السويداء أبدت ملاحظات من باب الارتقاء بالعملية الانتخابية وبانتقاء قوائم الجبهة أولها: في عملية الاستئناس الحزبي حبذا لو تمّ استبعاد المكلفين بمهام إدارية، سواء في مديريات الزراعة والصناعة وغيرها ورؤساء الروابط في المنظمات والاتحادات، فهؤلاء لديهم منصة لخدمة المجتمع كلّ من مكانه، وكان الأجدى إتاحة الفرصة لبقية أعضاء المجتمع المحلي وأحد الأدلة على ضرورة هذا الإجراء هو التعميم الذي صدر لاحقاً عن القيادة المركزية باستبعاد أمناء وأعضاء الشعب الحزبية من الناجحين بالاستئناس، وهذا ضيّع بعض الفرص على غيرهم.
ثانياً: روائز الاختيار لقوائم الوحدة الوطنية يجب أن تكون واضحة ومعلنة.
أما الملاحظة الثالثة التي أوردتها الدكتورة “السلامة” فهي غياب البرامج الانتخابية للمرشحين والتي كان من المفروض أن تكون من أهم المحدّدات، لانتخابهم أولاً ثم انتقائهم في قائمة الجبهة ثانياً.
ويُحسب لقائمة الوحدة الوطنية -بحسب “السلامة”- ايجابيات أهمها تغطية معظم شرائح المجتمع من أصحاب الكفاءات والخبرات.
أما فينوس العربيد، وهي عضو قيادة شعبة، فقالت إن قوائم الوحدة الوطنية غربلت المغربل، فقد لاحظنا في كثير من الوحدات الإدارية (البلديات) عدم القدرة على اختيار العدد المضاعف من البعثيين لهذا كانت القوائم بناءً على المعطيات جيدة، وبيّنت العربيد أن اختيار الكوادر على مستوى مجلس المحافظة كان أكثر تنوعاً وشموليةً، ولكن مع ملاحظة غياب أسماء شابة ذات كفاءات عالية كان من الممكن أن تعطي بكامل الطاقة.. وقد حظيت بأصوات الكوادر أثناء الاستئناس وهذا يعني أنها أهل للثقة، ولكن ما تزال النظرة للشباب مقتضبة بعض الشيء.. وفي النهاية البعث خيارنا وما ترتئيه قيادتنا ندعمه ونسير معه بخطى ثابتة.
أما الرفيقة سوسن البني فقالت إن قوائم الوحدة الوطنية عبّرت عن المشاركة السياسية التي هي جوهر المواطنة وصورتها وأساس الديمقراطية وممارستها والضمانة للحقوق بمختلف أشكالها وعكست صورة تقدم المجتمع في اختيار ممثليه في مجالس الإدارة المحلية ودرجة الوعي التي وصلت إليه الجماهير البعثية.
اختبار جماهيري
ويبقى من المسلّم به أحقية أي حزب مرخص في سورية بالدخول بقائمة، سواء للإدارة المحلية أو انتخابات مجلس الشعب، وهي حالة صحية بالنسبة للحزب، وقد تشكّل مجموعة أحزاب ائتلافاً موحداً، كما هي قائمة الجبهة الوطنية التقدمية، وبالتالي نجاح قائمته دليل على صحة خياراته، طبعاً عدم وجود أحزاب أخرى منافسة يجعل قائمة حزب البعث، وائتلاف الجبهة الوطنية التقدمية هي القائمة الوحيدة، فمجموع أفراد باقي الأحزاب على مستوى المحافظة مجتمعة لا يزيد عن عدد أعضاء فرقة حزبية واحدة، ويبقى الأهم اختيار الأفضل والأنسب، بغضّ النظر عن انتمائه الحزبي، أو العائلي، ولتكن الروائز الحضور الاجتماعي والشعبي، والموقف من الحرب ضد الوطن، والثقافة، والتحصيل العلمي، فالمرحلة القادمة تتطلّب كفاءات قادرة على المبادرة، والعمل المثمر.
السويداء- رفعت الديك