الاتحاد الأوروبي يُهدر أضعاف ما يستورده من الغذاء
تقرير إخباري:
في وقت ترتفع فيه أسعار المواد الغذائية وتكاليف المعيشة تعدّ مثل هذه المعلومات “فضيحة”، حيث تبيّن أن الاتحاد الأوروبي يتخلّص من كميات طعام أكثر ممّا يستورد، ولذلك فهو لديه فرصة هائلة لوضع أهداف ملزمة قانونياً لخفض نفاياته الغذائية إلى النصف من المزرعة إلى المائدة بحلول عام 2030 للتصدّي لتغيّر المناخ وتحسين الأمن الغذائي.
وتختلف مشكلة الأمن الغذائي العالمية باختلاف الطريقة التي تتعامل بها كل دولة من الدول مع أساليب المعيشة، فوفقاً لهذا المبدأ بنى العديد من الدراسات التخصصية معلوماته وحدّدها من حيث الهدر والإسراف في الموارد الغذائية، وهذا ما كشفته دراسة ألمانية أكدت أنه يتم التخلص من حوالي 153 مليون طن من المواد الغذائية في الاتحاد الأوروبي كل عام وهو أكثر بـ15 مليون طن ممّا يتم شحنه إلى دول الاتحاد من الخارج، وأن كمية القمح المهدورة في الاتحاد الأوروبي وحده تعادل نحو نصف صادرات القمح الأوكرانية، وربع صادرات الحبوب الأخرى في الاتحاد الأوروبي.
فبحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، ارتفعت أسعار المواد الغذائية العالمية الشهر الماضي بنسبة 8٪ عمّا كانت عليه قبل عام، مدفوعة جزئياً بالحرب في أوكرانيا، حيث تجاوزت أسعار القمح والذرة وفول الصويا هذا العام الأرقام القياسية المسجّلة في ذروة الأزمة المالية العالمية لعام 2008.
الخبير الاقتصادي السابق في “فاو” عبد الرضا عباسيان قال: إن عصر الغذاء الرخيص قد انتهى وإن الأسعار ستظل مرتفعة على الأرجح حتى بعد انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية. وأضاف: “نظراً لحالة الطاقة، وحالة الأسمدة، وحالات عدم اليقين في العالم، بما في ذلك النقل والشحنات، ناهيك عن تغيّر المناخ، علينا أن نقبل أننا لن نرى أسعار المواد الغذائية عند مستويات العقد الماضي التي اعتدنا عليها”.
أما أوليفييه دي شاتر الرئيس المشارك لفريق الخبراء الدولي المعنيّ بالنظم الغذائية المستدامة، والمقرّر الخاص للأمم المتحدة المعنيّ بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، فقد أكد أن المشكلة تكمن في أن صناعة الأغذية الزراعية وجدت تاريخياً أن النفايات أكثر فائدة من الكفاءة. وأضاف: إن الحدّ من الهدر يكون مكلفاً، ومن المربح بيع الناس طعاماً أكثر ممّا يحتاجون، يتم تحديد تواريخ البيع أيضاً بطريقة تُلزم الأشخاص بشراء أكثر ممّا يمكنهم استهلاكه بالفعل.
بعض المصادر الإعلامية ذكرت أنه من المتوقع أن تقدّم بروكسل مقترحاً في وقت لاحق من هذا العام حول أول قانون عالمي للحدّ من هدر الطعام، وقد دعمت 43 مؤسسة غير ربحية صديقة للبيئة دعوة الاتحاد الأوروبي لخفض نفايات الطعام بنسبة 50٪ بحلول عام 2030.
وفي هذا أوضح بيوتر باركزاك كبير مسؤولي السياسات في مكتب البيئة الأوروبي، أن جميع دول الاتحاد الأوروبي التزمت بخفض هدر الطعام إلى النصف ضمن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ومع ذلك، بعد نحو 10 سنوات لم تحقّق الكثير ولا تزال اقتصاداتنا تنتج كمياتٍ كبيرة بشكل لا يصدّق من نفايات الطعام.
ويبدو أن مكتب البيئة الأوروبي يريد رؤية تدابير قانونية للحدّ من الهدر على طول سلسلة التوريد الغذائية بأكملها، بما في ذلك خدمات الإنتاج والمعالجة والغذاء، حيث قال: إنه لم يتم حتى الآن نشر أي بيانات أساسية رسمية للاتحاد الأوروبي بشأن نفايات الطعام في المزرعة في عام 2020، لكن الدراسات الجديدة استخدمت حساباتٍ من مؤشر نفايات الطعام لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة والدراسة الوصفية للصندوق العالمي للطبيعة، وكلاهما من عام 2021.
فقد سُجّل هدر نحو 90 مليون طن من نفايات الطعام للإنتاج الأولي أكثر بثلاث مرات من النفايات المنزلية، ويُقدَّر أن 20٪ من إنتاج الغذاء في الاتحاد الأوروبي يُهدر كل عام، بتكلفة على الشركات والأسر في الاتحاد الأوروبي تبلغ 143 مليار يورو (125 مليار جنيه إسترليني) سنوياً. وتعدّ مخلفات الطعام مسؤولة عن 6٪ على الأقل من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الكتلة.
وفي النهاية، يبدو أن دول الاتحاد الأوروبي الأساسية خصوصاً سوف تودّع إلى غير رجعة الزمن الذي كانت فيه تتباهى بالترف الذي تعيشه وبنمط المعيشة الذي توفّره لمواطنيها، وذلك على خلفية سياساتها الخاطئة فيما يخص العقوبات الجائرة التي فرضتها على روسيا دون تفكير بعواقب هذه السياسات على سلاسل التوريد وأسعار المواد والسلع، وخاصة بعد العقوبات غير المحسوبة على قطاعات أساسية روسية كالنفط والغاز والأسمدة والحبوب، وكل هذه المواد تساهم مساهمة مباشرة في تحطيم فكرة الأمن الغذائي بشكل واضح.
ميادة حسن