في ورشة “التحول الرقمي”.. “الاتصالات” تؤكد أن تجارب رقمنة التعليم في العالم غير ناجحة
دمشق – رامي سلوم
صرح وزير الاتصالات والتقانة إياد الخطيب أن التعليم الرقمي لم يحقق نجاحاً حقيقياً حتى في أكثر الدول إنفاقاً وقدرة على إنجاز البنى الضرورية له وليس في سورية فحسب، لذلك لايزال بحاجة إلى مزيد من الخطوات المدروسة، مقراً بصعوبة تنفيذ عملية التحول الرقمي في ظل الظروف الحالية، غير أنها ليست عملية مستحيلة.
واستعرض الخطيب خلال مداخلته في ورشة عمل “التحول الرقمي في القطاعين التربوي والتعليمي” التي نظمتها الوزارة بالتعاون مع “الإسكوا” في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق اليوم، عدد من العوائق أهمها واقع البنية التحتية وتمويل المشروعات الأساسية، راصداً التحديات التي تواجه إنجاز المشروعات الـ11 المعتمدة لخطة التحول الرقمي في المرحلة الأولى، والتي تؤدي بدورها لعقبات في نجاح رقمنة القطاع التعليمي، كونها تعطل القدرة والشمولية على النفاذ، وتحديات تمويل بناء المنصات الخاصة بخدمات التحول الرقمية، خصوصاً أن الوزارة لم تتمكن حتى اليوم من إيجاد صيغة للتعاون مع القطاع الخاص في مجال تمويل المشروعات.
وناقشت الورشة الخطط القطاعية في التحول الرقمي وتجاربه في المجال التعليمي على مستوى المنطقة والعالم، واستعرضت واقعه في مؤسسات التربية والتعليم العالي الحكومية والجامعات الخاصة، وتجربته في الجامعة الافتراضية السورية، وواقع التكنولوجيا والتعليم لجهة المحتوى التعليمي، وتأهيل الكوادر والنفاذية الرقمية والاعتمادية، فضلاً عن واقع التمويل وجاهزية البنى التحتية والمنصات الخاصة.
واعتبر الخطيب أن البنية التحتية والأنترنت تشكل جزءاً من التحديات التي تواجه التحول الرقمي غير أن التحديات الكبرى هي إنجاز التطبيقات والمشروعات الأساسية مثل الحوسبة السحابية والبيانات الضخمة والذكاء الصنعي وغيرها، والتي تعتبر أسس عملية التحول الرقمي، كاشفاً عن أن الوزارة تعمل على إنجاز سياسة الحوسبة السحابية، والتوقيع الرقمي والدفع الإلكتروني فضلاً عن إطلاق 50 خدمة حكومية إلكترونية جديدة للمواطنين، كما تعمل إستراتيجية الذكاء الصنعي رغم الظروف غير الطبيعية التي تمر بها البلاد.
وأشار الخطيب إلى أن الوزارة قدمت الدعم للشركاء في وزارتي التربية والتعليم العالي من خلال تخفيض رسم اشتراك بوابات الأنترنت الـ50 لوزارة التربية ودعم تركيبها في المدارس لتحقيق الربط بينها، وبناء شبكة تشاركية لوزارة التعليم العالي.
وردا على مداخلات حول ارتفاع رسوم خدمات الأنترنت ما يؤثر على قدرة النفاذ وشموليته، لفت الخطيب إلى أنه في ظل واقع الرواتب والأجور الحالية والتضخم الذي تمر به البلاد فإن الأسعار والرسوم تشكل ضغطاً على المواطنين غير أنها أقل من الأسعار العالمية مقارنة بجميع الدول منوهاً إلى أهمية استمرار الخدمات وتمكين الشركات من تقديمها.
وأكد الخطيب أن البنية التحتية جيدة غير أن التحديات كبيرة، مشيراً إلى أن إطلاق نتائج الثانوية العامة أفرز صعوبات في البداية وهبطت (السيرفرات) المخدمات، إلى أن تم استضافتها على مخدمات خاصة بالهيئة الوطنية لخدمات الشبكة، والتي مكنت الراغبين من الحصول على نتيجتهم خلال مدة لا تزيد على 30 ثانية، كما عالجت تلك المخدمات 600 ألف طلب خلال ثانية واحدة.
الاستراتيجيات القطاعية
وأكدت معاون وزير الاتصالات لشؤون التحول الرقمي فاديا سليمان على أهمية الاستراتيجيات القطاعية التي تخص كل وزارة على حدة وربطها مع الاستراتيجية الشاملة للتحول الرقمي، مشيرة إلى أن وزارة الاتصالات هي القائم على مشروعات التحول الرقمي التي لا يمكن تنفيذها بمعزل عن بقية الوزارات، خصوصاً أن التحول الرقمي هو مشروع سياسي يخص الجمهورية العربية السورية، وبالتالي فجميع الوزارات ملتزمة وشريكة في نجاخ هذا التحول.
واعتبرت سليمان أن الندوة فرصة لتبادل وجهات النظر بين القطاع التعليمي الحكومي والخاص وبوجود القطاعات التقنية لمناقشة التحديات والعقبات والوصول إلى الحلول الملائمة، وتعزيز الشراكات، مبينة أن الندوة بداية للتحرك في هذا المجال الذي يحتاج مزيداً من العمل والمناقشة.
وأكدت سليمان أن ما يهم حقيقة في عمليات التحول الرقمي القطاعي هو الأهداف وتحقيق الخدمات، وليس الانتقال لعمليات تحول رقمي لا تحقق قيمة مضافة للوزارات والمؤسسات ولا تنعكس على المواطنين والمتعاملين، ولذلك فالورشة واللقاءات المستمرة تعتبر دليلاً لاستخلاص الأهداف المطلوب الوصول إليها لدراسة ومراجعة الأدوات وإمكانية تطبيقها والعمل على الحلول التي تحقق النتيجة المرجوة.
ولفتت سليمان إلى أن تطبيق التحول الرقمي في المخرجات التعليمية لابد أن ينعكس على جودة العملية التعليمية ومدى ارتقاءها وقدرتها على التناغم مع الواقع، وذلك من خلال توافر المحتوى الملائم والاستفادة من الإمكانات الرقمية في عرض التجارب ووسائل الإيضاح المتطورة والربط المباشر مع المراجع العلمية والتوضيحية، وتوافر الكادر المؤهل وغيرها، وذلك ليكون الانتقال إلى التعليم الرقمي والعملية الرقمية رافعاً لواقع التعليم وليس استعراضاً لتكنولوجيا وتطبيقات وغيرها.
وعرض المستشار الإقليمي للتكنولوجيا من أجل التنمية في الإسكوا نوار العوا بنية التحول الرقمي في التعليم العالي وبعض تجارب التحول الرقمي في القطاع التعليمي من بلدان عربية وأجنبية، حيث أكد على أن أهم الامور التي يجب توافرها عند إطلاق التحول الرقمي في القطاع التعليمي هو التأكد من قدرة جميع الطلاب على النفاذ في الوقت المناسب، وجاهزية المنصات التي سيتم إدراج المحتوى التعليمي عليها، بالإضافة لتوافر المهارات الخاصة بالمدرسين لتقديم المختوى عبر الوسائل التقنية والتي تختلف في طرق اللإقناع وجذب الانتباه عن الوسائل التقليدية، بالإضافة لتوافر التمويل المناسب لإطلاق العملية واستدامتها.
وأشار العوا إلى أن أهمية الرقمنة تكمن في جودة العملية التعليمية وإتاحتها على مدار الساعة، وقدرتها على التحديث السريع وارتباطها بسوق العمل، ومدى قدرتها على تعزيز الابتكار وريادة الاعمال، وتطوير قدرات وكفاءات العاملين في المجال.
ويرى العوا أن التعليم العالي في المرحلة الحالية يتجه للتقارب بين التعليم التقليدي والرقمي وتحقيق نوع من المواءمة بين النوعين والتوجه لدمج مخرجات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وقدرات تكنولوجيا البيانات الضخمة وتسخيرها لخدمة العملية التعليمية وتدريب ما بعد التعليم، كاشفاً عن مخرجات كثيرة لعمليات التعليم الرقمي والتي منها التعليم السائل الذي يركز على بعض الخصوصية في العملية التعليمية وفقاً لاحتياجات كل فرد وإمكاناته.
وناقش الحضور من الأخصائيين التربويين والجامعيين واقع التعليم الرقمي، والتحول الرقمي في مؤسساتهم والمعوقات التي تعترض الانتقال الكامل نحو الرقمنة التعليمية، حيث كانت غالبية المخرجات تشير إلى رقمنة في الخدمات التعليمية وليس العملية التعليمية نفسها أو المحتوى التعليمي الذي لايزال خجولاً.