رسالة هدم وإزالة
علي بلال قاسم
تعطي أخبار “الهدم” القادمة من محافظة ريف دمشق أن عهداً جديداً من التعاطي الحاسم مع جموع المخالفات التي انتشرت خلال السنوات الأخيرة في الكثير من المناطق والمحافظات، بعضها خلسة وأكثرها تحت أعين البلديات والمجالس المحلية، حيث لا يمكن تبرئة الكثيرين من تهمة الرشى مقابل غض الطرف عن هذه المخالفة أو تلك.
قد يكون تعريف المخالفة هو المخالفة فقط لاغير، ولكن ثمة فرق بين مخالفات جماعية نطلق عليها بالأحياء العشوائية، وهذه ما تتطلب استراتيجيات تنموية من العيار الثقيل والطويل، وبين مخالفات تشهدها الأحياء النظامية والأراضي المشمولة بالتنظيم، حيث يظهر الطابق الإضافي فوق الأبنية “كالعين المقلوعة” وتبدو حالات استغلال واحتلال الوجائب والمطاحشة على الأرصفة والأملاك العامة والخاصة “كالسرطان المستفحل”، ليصبح المخالف وشركاه في البلديات ودوائر الخدمات سيد الموقف.
الرسالة اليوم جاءت من تنفيذ الهدم والإزالة ليس على مستوى بسيط، بل من قبيل الفلل والقصور مع المزارع والتصاوين في ريف دمشق، في خطوة تعيد للأضواء حتمية تطبيق أحكام المرسوم 40 لعام 2012 وتعليماته التنفيذية التي أبدت الوحدات الإدارية خلال الفترات السابقة الكثير من التقصير والتساهل، لتكون إحالة الكثير من رؤساء البلديات للقضاء والجهات المختصة، إجراء قانوني عقابي منصوص عليه في القانون لابد منه في طريق القضاء على هذه الظاهرة.
في التفاصيل ثمة تشديد بدا واضحاً في توضيحات محافظة ريف دمشق والتي أكدت على أن الفقرة (ب) في المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم 40 للعام 2012 تفيد أنه في حال وجود مخالفة في أي بناء يتعارض مع نظام ضابطة البناء سواء بطابق واحد أم أكثر أم جزء من الطابق يكون غير قابل للتسوية يجب هدمه، وهنا المربط الذي يجب إيصاله لمن يرى بأن الهدم يشوبه الخيار والفقوس بأن هناك مخالفات تصلح للتسوية بموجب القانون، وبالتالي لا ضير من المصالحة، في وقت يخرج الكثيرين للقول بأن لديهم موافقات وتراخيص، وهذا ما تأتي الشروحات الرسمية لتفنده بأن التأخير الكبير الحاصل في عمليات تنفيذ الموافقات تعطي مبررات قانونية لورش الهدم المركزية للتحرك باتجاه إزالة المخالفة أو إيقافها في مهدها.
حسب التفاصيل المنسوبة لمدير المتابعة في محافظة ريف دمشق المهندس غاندي سليمان أن المخالفات التي تمت إزالتها هي عدد من الڤيلات والأبنية المخالفة المشادة دون ترخيص، والمتجاوزة حرم طريق المطار وخطوط السكك الحديدية، وفيها تعدٍّ واضح على الأملاك العامة وتخالف المخططات التنظيمية ونظام ضابطة البناء، وفي هذا الشأن ما يثبت أن موضوع التعد لا يمكن تعديه والقفز فوقه، وبالتالي لابد من الهدم حتى ولو كانت الفيلا أو القصر جاهزاً للسكن او تكاليفه تطال المليارات كما يرى البعض ممن يعقب بأن هناك خسائر كبيرة في الهدم، لنقول بأن في عدم تطبيق القانون خطورة وخسارات تنموية واجتماعية أكبر من خسارة بناء.
بالعموم هي فرصة أمام المجالس المحلية للتقيد بنظام ضابطة البناء والمخططات التنظيمية، وتحمل كامل المسؤولية عن أي تقصير في منع إنشاء المخالفات، والعمل على تطبيق بنود المرسوم 40، لاسيما أن زمناُ وآمالاُ عريضة مرسومة على جباه المجتمع الذي لم ينشف خبر اقتراعه في صناديق انتخابات الإدارة المحلية بعد.