أزمة نقل “موجعة” في طرطوس.. والتفاؤل يغمر مديرة النقل!
لؤي تفاحة
لو سألتَ أيّ مواطن في طرطوس وريفها بخصوص النقل العام والخاص على مختلف الخطوط، لن يتردّد في القول إن الجهات المعنية في المحافظة لم تتحرك كما يجب بشأن هذا الملف الشائك، خاصة وأننا مع بداية عام دراسي يعاني فيه الطلبة والتلاميذ من صعوبة الوصول إلى مدارسهم وجامعاتهم والعودة إلى منازلهم آمنين مطمئنين دون عناء، هذا من جانب، ومن جانب آخر لم يضع المعنيون في حساباتهم أننا مقبلون على فصل الشتاء، ومعلوم لدى الجميع كثرة الأمطار في المحافظة وريفها، فتجربة العام الماضي كانت قاسية على الطلبة، سواء في الريف البعيد أو القريب، في ظلّ عجز الإجراءات التي قامت بها المحافظة لضبط خطوط النقل، فـ “الشوفيرية” تمرّدوا ولم يتقيّدوا بالخطوط، وأغلبهم كان يبيع مخصّصات المازوت بالسوق السوداء، ويركن “سرفيسه” أمام منزله طالما “غلة” نهاية كلّ يوم تكفي وتزيد مقابل رحلات عملهم اليومية وعجقة المرور، فـ “لماذا تعب القلب؟!!”، على حدّ قول الكثير منهم؟!
شكاوى متكررة بلا حل
تشكو إحدى المدرّسات من الانتظار الطويل يومياً ولمدة أكثر من ساعة على خط سرفيس “التموين” الذي يعاني خللاً بالأساس، جراء سوء مراقبته وضبطه من قبل الجهة صاحبة العلاقة، الأمر الذي يضطرها كغيرها من المواطنين للسير لأكثر من ساعة لكي تصل إلى مقر عملها، فيما اشتكى الموظف عدنان من سوء الخط الذي يستخدمه للوصول إلى مكان عمله، فرغم وجود 22 سرفيساً تعمل على الخط وبعضهم من أبناء الحيّ، إلا أن أغلبهم لا يتحركون مستغرباً ومتسائلاً: كيف يتمّ منحهم المازوت طالما أنهم منقطعون عن العمل؟!.
وطالب مواطنون آخرون بضرورة تشغيل باصات نقل داخلي إضافية، وتحديد موعد عملها في الساعة السابعة لكي يتسنى للطلاب تحديداً الوصول إلى مدارسهم، وكذلك العمل على ضبط عمل السرافيس وقت الذروة مع خروج الطلاب من مدارسهم ظهراً، أو بعد الظهر، حيث يتجمّع مئات المواطنين عند دوار الساعة على سبيل المثال لا الحصر، في مشهد يدعو للأسى والحزن والقلق، نظراً لهذا الإمعان في إذلال من يريد تأمين نفسه لعلّه يحظى بطرف مقعد وليس مقعداً كاملاً، علماً أن السائق يتقاضى أكثر من الأجرة المحدّدة، والمواطن مضطر لدفعها بلا تردّد، ومع ذلك فالمعاناة اليومية على أشدها وسوف تزداد مخاطرها عند قدوم فصل الشتاء.
شاهد من أهله
أحد مراقبي الخطوط لم يخفِ وجود بعض حالات هروب السائقين من العمل، أو عدم وصولهم لنهايات الخط من خلال “دفع المعلوم”، سواء للمراقبين أو لمن ينظمون السير، لافتاً إلى أنه في حال تقديم شكوى لعناصر المرور فغالباً ما يتمّ معالجة المشكلة وتغريم السائق المخالف، ولكن المشكلة برأي المراقب تكمن بالمواطن الذي ملّ وأحبط من الشكوى في ظلّ إصرار بعض السائقين على المخالفة، ومع ذلك يحصلون على مخصّصات المازوت بشكل أو بآخر!!.
وطالب المراقب بضرورة حصر السائقين المتمردين والمتهربين بشكل يومي ومعاقبتهم بنقل مسار خطوطهم خارج المدينة، وضرورة إضافة سرافيس جديدة على الخطوط التي تعاني أصلاً من فوضى ونقص في العدد لأسباب كثيرة.
ردود وتوضيحات
عندما واجهنا عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل حسان ناعوس بمعاناة المواطنين من قلّة وسائل النقل، لم ينفِ وجودها، وأقرّ بصعوبة ضبط السائقين لأسباب كثيرة لم يدخل في تفاصيلها، مشيراً إلى وجود متابعة يومية لواقع النقل، سواء في المدينة أو كراج الانطلاق.
أما مديرة النقل الداخلي في مجلس مدينة طرطوس المهندسة نهلة حداد فقد بدت متفائلة بحلّ أزمة النقل أو التخفيف منها إلى حدّ كبير، وبيّنت أن باصات النقل الداخلي تعمل على بعض خطوط المدينة الرئيسية الداخلية والخارجية لتقديم الخدمة للمواطنين وطلاب المدارس والجامعات بتسعيرة خدمية اجتماعية، مشيرة إلى إمكانية زيادة عدد الباصات على الخطوط بعد زيادة عدد السائقين، حيث تمّ رفد الدائرة بعدد من السائقين من خلال المسابقة المركزية التي جرت مؤخراً، وحالياً يتمّ استكمال إجراءات مباشرة السائقين ليتمّ تنظيم عمل باصات النقل لأكثر من وردية على كافة الخطوط –بحسب حداد-، وبالتالي سيتمكّن مجلس المدينة من تقديم الخدمة الأمثل، علماً أن عمل الباصات يبدأ الساعة السابعة صباحاً وحتى الساعة الثالثة بعد الظهر، إضافة لباصات مناوبة وبشكل يومي على خط تجمع الكليات حتى الساعة السادسة مساءً بالتنسيق مع إدارة الجامعة.
رأي فني
بعض الفنيين تحدثوا عن صعوبة عمل الباصات الجديدة التي تمّ فرزها للعمل ضمن مناطق المحافظة، مثل صافيتا والدريكيش وغيرها، حيث أشاروا إلى صعوبات فنية تتعلق بالباص ذاته، وكذلك مشكلة أخرى تتعلق بمسار الباصات في الشوارع والأزقة حتى الرئيسية منها، نظراً لضيقها وطبيعتها الجغرافية الصعبة، بالتالي ومن باب الحرص على الحالة الفنية للباصات والجدوى الاقتصادية اقترحوا تعزيز خطوط المناطق بسرافيس أو باصات صغيرة يمكن أن تلبي الخدمة بشكل أفضل، وتحويل باصات النقل المخصّصة لتلك المناطق إلى المدينة كون الشوارع أوسع وأسهل للسير، على أن يعود ريعها لمصلحة مجالس المدن والبلدات.
بكل الأحوال..
نضع ملف أزمة النقل بكلّ تفاصيل معاناتها برسم محافظ طرطوس، لعلّ وعسى نصل لنتائج تخفّف أوجاع المواطن، وخاصة قبل حلول الشتاء وأمطاره الغزيرة، طالما الجهات المعنية الأدنى عجزت عن فعل ذلك متذرعة بحجج لم تعد مقبولة، حتى أن بعضهم طالب الإعلام بإيجاد حلّ للمشكلة وكأن بيده الحلّ والربط، متناسين أن مهمة الإعلام هي الإشارة إلى الأخطاء والخلل في المؤسّسات ووضعها على طاولة أصحاب القرار.