الاتحاد الأوروبي سيدفع الثمن
هناء شروف
سيثبت أن الاتحاد الأوروبي ككل هو الخاسر الأكبر بسبب الصراع الذي تحرّض عليه الولايات المتحدة ضد روسيا، بحيث لا تقتصر العواقب على الصدمات الاقتصادية والرفاهية فحسب، بل على الآثار الجيوسياسية أيضاً.
لقد ارتفعت حصة مؤسّسات الاتحاد الأوروبي التي تخسر الأموال من المتوسط الطبيعي البالغ 8 في المائة إلى 15 في المائة في الأشهر التي أعقبت بدء الحرب في أوكرانيا، كما ارتفعت حصة الشركات التي تخاطر بالتخلف عن سداد ديونها من 10 في المائة إلى 17 في المائة في الفترة نفسها، وذلك وفقاً لبنك الاستثمار الأوروبي.
وعلى الرغم من أن جميع الدول الأوروبية لا تعتمد اعتماداً كبيراً على روسيا في النفط والغاز، إلا أن هناك كثيراً من الاقتصادات الأوروبية تأثرت بالصراع، حيث تعدّ روسيا مورداً مهماً لأسواق النفط والغاز الدولية، لدرجة أنه حدث اضطراب في التجارة بسبب العقوبات المفروضة على هذا المورد الرئيسي، وبالتالي ارتفاع الأسعار وارتفاع تكلفة الإنتاج في مجموعة واسعة من المجالات.
تتحمّل دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا، التي تعتمد بشكل كبير على روسيا في النفط والغاز، وطأة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على روسيا. ونتيجة لذلك، أصبح التضخم بلاءً له تأثير خطير على نوعية حياة الناس في دول الاتحاد الأوروبي، إذ باتت أسعار العديد من المنتجات الأساسية مثل القمح والأسمدة والغاز في ارتفاع مستمر، ومن المتوقع أن ترتفع بنسبة 6 في المائة هذا العام، وفقاً لتقديرات الخبراء. كما سيؤدي ارتفاع الأسعار إلى قلّة الطلب الذي سيؤثر بدوره على النمو الاقتصادي ويرفع أسعار الغذاء والطاقة.
إذا كان الاتحاد الأوروبي قد حقق أي شيء في تأكيد وجوده ككتلة سياسية مستقلة على مسرح السياسة الدولية قبل بدء الصراع، فإن أسوأ صراع في القارة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية قد ألغى جميع مساعي الاتحاد ليصبح قوة سياسية يمكنها الحفاظ على بعدها عن الولايات المتحدة.
لقد تمكّنت الولايات المتحدة من إعادة تأكيد قيادتها على منظمة حلف شمال الأطلسي، وكذلك سار الاتحاد الأوروبي على خطاها في شنّ حربها بالوكالة ضد روسيا. لكن إلقاء ثقله خلف أوكرانيا تحت قيادة الولايات المتحدة هو خيار اتخذه ويجب أن يدفع ثمنه، ويبدو أن مستقبله المتمثل في أن يصبح قطباً سياسياً مستقلاً في الساحة الجيوسياسية العالمية أصبح أكثر صعوبة!.