“مستقبل الدراما السورية”.. ندوة حوارية في “ثقافي” سلمية
حماة – يارا ونوس
استضاف مركز سلمية الثقافي ندوة حوارية تحت عنوان “مستقبل الدراما السورية”، قدمها كلّ من الفنان الممثّل أمين الخطيب، والإعلامي وسيم رزوق، وتناولت نشأة المسرح في التاريخ، ومستقبل الدراما السورية.
بداية ناقش الخطيب دور المسرح في الحضارات، مبيّناً أن بعض الباحثين أكدوا أن المسرح بدأ عند الشعب الإغريقي وكان تحت عباءة دينية وتمثّل بعبادة الآلهة، ولكن في الحقيقة الحضارة المصرية كانت السباقة في انطلاقة المسرح، وأضاف إنما الإغريق تركوا آثاراً مكتوبة مهمّة على المسارح، فالشعراء التراجيديون الإغريق قدموا إرثاً حضارياً وإنسانياً مُثّل في معظم المسارح حول العالم، ثم جاء دور الكوميديا الإغريقية واليونانية، والدرامات التراجيدية التي انتقلت إلى أوروبا، ومع نهاية القرن التاسع عشر أُسّس أعظم مسرح على يد الرومان.
وتطرق الخطيب إلى مصطلح التراجيديا أو “تراجوديا” الدال على دماء الماعز، لما لهذا الماعز من قدسية لدى الإغريق، وأوضح معنى الكوميديا “كومودوس” لدى اليونان الإغريق، وهو نوع فني ساخر يدلّ على احتفال ريفي مع غناء ومرح صاخب، بينما الدراما تعني باليونانية فِعل يُقام على خشبة المسرح.
وتحدث الإعلامي رزوق عن بداية الدراما السورية، وكانت نشأتها من المسرح ثم السينما عام ١٩٦٠، وأُطلق آنذاك أول عمل درامي تلفزيوني بعنوان “الغريب”، وكانت تمثيلية بسيطة في تلك الفترة. وفي الثمانينيات أحدث كلّ من المخرجين علاء الدين كوكش وبسام الملا نقلة نوعية بالدراما السورية، أما في التسعينيات فقد حققت الأعمال الاجتماعية كمسلسل “الفصول الأربعة”، للمخرج حاتم علي، انتشاراً واسعاً على مستوى الوطن العربي، ومثله “مرايا” و”بقعة ضوء” للأعمال الكوميدية، والكثير من الأعمال التي ترسخ في الذاكرة، مثل “ضيعة ضايعة”، و”الخربة”. ولا ننسى أعمال المخرج نجدت أنزور الذي ساهم بنقلة مفصلية في الدراما باستخدامه تقنيات حديثة في التصوير، ونذكر منها: “نهاية رجل شجاع”، “الجوارح” وغيرهما.
وبما يخصّ الأعمال التاريخية، قال رزوق: تفوقت الدراما السورية التاريخية في تلك المرحلة، وكان المخرج الراحل حاتم علي عرّاب هذه الأعمال كـ “الزير سالم”، و”صقر قريش”، و”التغريبة الفلسطينية”. ولفت رزوق إلى التغيّرات التي طرأت على قالب الدراما السورية في فترة الحرب، ما أدى بالتالي إلى تدني نسبة المتابعات للأعمال السورية، وعزا ذلك إلى عدة محاور، أولها تناول أغلب المسلسلات تفاصيل الحرب على سورية، إضافة إلى ظهور الدراما المشتركة بين سورية ولبنان أو سورية ومصر، وهي الدراما التي لم تلامس أوجاع المواطن، والمجتمع السوري، وإنما جسّدت طبقة معينة لم تثر اهتمام المشاهد السوري، مشيراً إلى أنه رغم هذه الظروف إلا أن الدراما السورية قدمت ٢٣٤ عملاً درامياً خلال هذه المرحلة (٢٠١١ – ٢٠١٩). وبالنسبة لواقع الدراما في الوقت الحالي، أكد رزوق أنها استعادت عافيتها ومجدها في موسم رمضان السابق لعام ٢٠٢٢، حيث قُدمت الكثير من الأعمال الجيدة على المستوى العربي، تميّزت بالجرأة وتناولت مختلف القطاعات، ومنها مسلسلا “كسر عظم”، و”مع وقف التنفيذ”، وذكر نموذجاً عن الأعمال الاستعراضية والتي لم تكن تقدّم سابقاً كمسلسل “جوقة عزيزة”.
وشهدت الندوة عدة مداخلات من الحضور عن واقع الدراما، دار أغلبها حول ضرورة الاهتمام بتطوير الدراما ومحاكاة الواقع لا أن تقوم بتجميله، لأن تأثيرها يكون في عكس واقعنا وقضايانا، وعكس الهوية السورية، وتاريخها، وتراثها العريق.