المقداد: وقف النظام التركي اعتداءاته مقدمة لإعادة العلاقات الثنائية
نيويورك – سانا:
أكّد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أنّ وقف النظام التركي أعماله العدائية ضد سورية وخاصةً إنهاء احتلاله، ودعمه المجموعات الإرهابية، هو مقدمة طبيعية لإعادة العلاقات السورية التركية إلى ما كانت عليه.
وقال المقداد في مقابلة مع قناة روسيا اليوم: “نحن دائماً جاهزون لبناء علاقات طيبة وطبيعية مع الشعب التركي، لكن ليس على حساب الأرض أو الدماء السورية وليس على حساب قطع المياه عن سورية أو قتل وقصف السوريين في المناطق الشمالية الحدودية ونحن هنا لا نفرض الشروط ولكن أقول: إنّه من الطبيعي أن تتوقّف هذه الأعمال التركية لإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه”.
وتابع المقداد: “من المنطقي أن تكون أيّ مباحثات مبنيةً على أسس، فكيف يمكن أن أتفاهم مع محتل لأرضي وهو لم يبد أيّ رغبة أو أهمية لحل هذه القضية وبالتالي هذه ليست اشتراطات وإنما أمور طبيعية في العمل السياسي؟”.
ولفت المقداد إلى أنّ مصير محافظة إدلب مرتبط بنضال الشعب السوري الذي لن يترك ذرة تراب خارج سيطرة الدولة، مشدداً على أنّه يجب على تركيا الانسحاب الفوري والتام من المنطقة، ووقف دعمها المجموعات الإرهابية فيها، مبيناً أنّه مهما طال أمد الاحتلال التركي فلن يلقى إلا نفس مصير الاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان.
وأكّد المقداد أنّ ما تقوم به الحكومة التركية الآن في شمال سورية هو إنشاء مستوطنات لإحلال سكان مكان السكان الأصليين، وهذا الأمر غير مقبول في شرعة حقوق الإنسان والقانون الدولي، بل هو جريمة حرب يعاقب عليها القانون.
وقال المقداد: “حاولنا إقامة علاقاتٍ جيدة مع تركيا، وبين العامين 2009 و2010 كانت العلاقات ممتازة ومن أجل تعزيزها قمنا في سورية باتخاذ إجراءات في بعض الأحيان لا تنسجم مع مصالحنا لكننا ضحينا من أجل تعزيز العلاقات مع جيراننا وبناء علاقات تقوم على حسن الجوار، كما نص عليها ميثاق الأمم المتحدة، وكما يجب أن تكون هذه العلاقة”.
وأضاف المقداد: “بدأت المشاكل عندما تدخل النظام التركي في شؤون سورية ودعم الإرهابيين الذين تدفقوا إليها من كل أنحاء العالم عبر الأراضي التركية، وقاموا بقتل شعبها وتدمير بناها التحتية، لكن حسابات هذا النظام كانت خاطئة فوجد أنّ سورية قد صمدت وقاتلت وحاربت ولم تتنازل أو تتراجع”.
وجدّد المقداد دعوة المهجرين السوريين للعودة إلى بلدهم وهذا حقهم وستؤمن الدولة السورية كل متطلبات ذلك بالتعاون مع من يرغب من الأصدقاء والأشقاء والمنظمات الدولية.
وأوضح المقداد أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تواصل سرقة النفط والغاز والقمح والقطن وكل الإمكانات في شمال شرق سورية، ففي الأسبوع الماضي استجرت ما يزيد على ألف صهريج معبأ بالنفط إلى شمال العراق، مشدداً على أنّ سورية ستسأل الأمريكيين وستحاسبهم عن كل قطرة نفط سرقوها أمام المجتمع الدولي وأمام الشعب الأمريكي الذي يجب ألا يساند حكومة معتدية على شعب دولة أخرى.
وأعرب المقداد عن ثقته بأنّ قوات الاحتلال الأمريكي ستنسحب آجلاً أم عاجلاً ولن تبقى في سورية، ولكن بإمكانها أن تنسحب دون خسائر كبيرة، مبيناً أنّ من حارب الإرهاب في سورية هو الجيش السوري وحلفاؤه فقط وليس قوات الاحتلال الأمريكي.
وحول عدم مشاركة سورية في القمة العربية المقبلة بالجزائر قال المقداد: إنّ الاسباب واضحة فسورية لا يمكن أن تقبل بأن تكون جزءاً من الشرذمة، أو أن تكون عقدة في جمع العرب أو عائقاً يستخدمها البعض لمنع انعقاد استحقاقات عربية حتى في إطار الجامعة العربية التي نعرف الدور الذي قامت به ضد سورية وليبيا وضدّ بلدان عربية أخرى.
وأشار المقداد إلى أنّ الطريقة التي تعامل بها الغرب مع الإعلام الروسي تتناقض بشكل تام والأعراف الدولية التي زعم أنه يعمل بموجبها لعقود، وكدنا نصدق أنّ حرية الإعلام مسألة حقيقية بالنسبة له، لكننا وجدنا أنّ هذا الغرب لا يهتم إلا بإعلامه الخاص المضلل الذي يكذب على الشعوب.
ولفت المقداد إلى أنّ الأسلوب الغربي في التعامل الإعلامي مع روسيا ليس مفاجئاً بل كان متوقعاً مع بدء الاتحاد الروسي عملية خاصةً لتصحيح الأوضاع في دونباس، ولإبعاد خطر حلف الناتو والدول الغربية عن الأراضي الروسية.
وذكّر المقداد بموقف سورية منذ اليوم الأول للعملية الروسية، وهي أنها تصحيح للتاريخ وتأتي في سياق حق روسيا بالدفاع عن نفسها ومصالحها بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وبيّن المقداد أنّ الأمم المتحدة أصبحت كأنّها مؤسسة خاصة بهذه الدول الغربية، فهناك 193 دولة عضواً يتم تجاهل أغلبيتها المطلقة لصالح حوالي 29 دولة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض أدواتها وعملائها في هذه المنطقة أو تلك.
وقال المقداد: “الغرب يكرر أسطوانة مشروخة.. في الحقيقة حاول استخدامها ضد روسيا والصين وأنا في العديد من الاجتماعات التي شاركت فيها خلال هذه الأيام قلت: إنه لم يبقَ من حليف للدول النامية إلا روسيا والصين، وإنّ الهدف الذي يسعى إليه الغرب من خلف التركيز على أوكرانيا هو عزل أو إنهاء الدور الذي تحاول كل من روسيا والصين القيام به في حماية ما تبقى من إرثٍ ديمقراطي في العلاقات الدولية والدفاع عن الإنسان في الدول النامية، ولإنجاز مهمة الهيمنة والسيطرة على كل دول العالم، وأنا أرى أنّ القطار قد سار باتجاه إنهاء فترة حكم القطب الواحد”.
وأضاف المقداد: “تعرفون كيف كانت تجري الأمور في مجلس الأمن الدولي وفي المنظمات الدولية سواء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أو في مجلس حقوق الإنسان وغيرها حيث كانوا يسلطون الهجمة على روسيا وسورية ويفرضون الآراء ويتخذون القرارات.. وحقيقةً كانت قرارات مضحكة في إطار التركيز الغربي على قضايا وهمية وشكلية وكاذبة في العلاقات الدولية، لكن تعددية الأقطاب بدأت تبرز من خلال الدور الحاسم الذي يقوم به الرئيس فلاديمير بوتين، والرئيس شي جين بينغ في تغيير هذه الصورة التي تتحكم بالعالم لمصالح الدول الغربية الضيقة”.