أخبارصحيفة البعث

هل توقظ تحذيرات بوتين الغرب؟

تقرير إخباري:

لم تكتفِ الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بتأجيج فتيل الحرب عبر توريط كييف بحرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، بل زادت من عُنجهيتها عبر تزويد الأخيرة بالأسلحة والعتاد، وتحريض النظام الأوكراني على نقل العمليات العسكرية إلى أراضي روسيا باستخدام الابتزاز النووي.

موسكو اعتبرت مساعدة الغرب للقوات الأوكرانية على ذلك تخطياً للخطوط الحمر، وأكدت أن الدول التي تزوّد كييف بالأسلحة طرف ضالع بشكل مباشر بالنزاع، وتحديداً بعد وصول اللغة اليوم إلى التهديد النووي، فما هي السيناريوهات المرتقبة؟ وهل ستندلع حرب نووية بين روسيا وأميركا مباشرة، وتمضي الأمور إلى مكان لا تُحمد عقباه لكلا الطرفين، أم أن التوتر النووي سيدفع الطرفين إلى التهدئة والمفاوضات؟.

ووفق مراقبين، يبدو أن المفاوضات لا تلوح بالأفق في المدى المنظور على الأقل، وخاصة بعد أن اعتبرت ألمانيا على لسان وزيرة خارجيتها أنالينا بيربوك أن توريد الأسلحة إلى أوكرانيا بمنزلة إنقاذ للأرواح، الأمر الذي يؤكد أن الغرب لا يريد حدوث مفاوضات، حيث افترضت أنّ جو التوتر والتهديد النووي فتح الأبواب على كل شيء في هذا النزاع. هذه التصريحات سمّاها مواطنها الصحفي أرنولد شيلزل في مقالة لصحيفةjunge welt بـ”لغة الفاشية”.

وفي الحقيقة، التصعيد الألماني ليس مستبعداً بالقياس إلى أن القسم الأكبر من قوات حلف شمال الأطلسي موجود في أراضيها، وهي تحتضن أكبر القواعد الأمريكية في العالم، كما أن هناك توجّهاً عاماً في أوروبا لدعم النازيين الجدد، وليست ألمانيا استثناء، حتى لو اختلفت الدعاية في ذلك، وقد عمل الحلف طوال ثلاثين عاماً على تطويق روسيا بالأسلحة الهجومية انطلاقاً من الأراضي الألمانية.

وعلى الضفة الأخرى، أعلنت رومانيا التي تجمعها أطول حدود مع أوكرانيا من بين جميع دول الحلف، أنها لن تخوض حرباً مع الناتو ضدّ روسيا، مشيرة إلى أنه يجب أن يكون هناك خفض للتصعيد من كلا الجانبين ومعوّلة على مفاوضات سلام بين الطرفين الروسي والأوكراني.

وبعد أن حذّر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف من مخاطر التدخل الغربي في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وحثّ واشنطن على تجنّب وضع قد يؤدّي إلى صدام عسكري مباشر مع روسيا، جاء الردّ الأمريكي متشنّجاً، حيث حرّف الرئيس الأمريكي جو بايدن كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متهماً روسيا بتهديد العالم بالأسلحة النووية، وهذا غير لائق وفق ما أكدته المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، التي أكدت أن الغرب يحاول ابتزاز روسيا بالأسلحة النووية، وتحذير بوتين بأن “الرياح قد تهبّ باتجاههم” جاء انطلاقاً من ذلك، علماً أنه يتحدّث هنا عن اتجاه الريح بالمعنى الحقيقي وليس بالمعنى المجازي، أي أن الكارثة النووية إذا ما وقعت فإن الريح هي التي ستحدّد اتجاه الغبار النووي.

وهذا التحذير جاء ردّاً على تصريحات بعض مسؤولي الناتو حول إمكانية قبول استخدام سلاح الدمار الشامل ضد روسيا، مذكّراً إيّاهم بأن بلاده تملك أسلحة دمار شامل وفي بعض أجزائها أكثر تطوّراً من نظيراتها لدى دول الناتو.

وقد وصف البيت الأبيض قرار التعبئة الجزئية بأنه مؤشر ضعف لوقف الخسائر الروسية العسكرية في أوكرانيا، متجاهلاً صراحة أن هذا القرار ليس خدعة، فالرجل يعي تماماً ما يريده وإلى أين ستمضي الأمور على عكس نظيره جو بايدن الخرف الذي بات سخرية روّاد التواصل الاجتماعي بعد ظهوره في مقطعي فيديو ناسياً أين يمضي في نهاية خطابه، ولم يقف الأمر هنا بل بلغ به أن يستجدي بوتين قائلاً “لا تفعل لا تفعل سوف تغيّر وجه الحرب بشكل ليس له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية”. استجداء بايدن ترجمته واشنطن بوست بأن إدارة الأخير ستواجه أزمة إذا استخدمت موسكو سلاحاً نووياً صغيراً في أوكرانيا، لأن أيّ ردّ عسكري أميركي مباشر ضد روسيا من شأنه زيادة مخاطر نشوب حرب أوسع بين القوى العظمى المسلحة نووياً. وبالمحصلة، لا يخفى على أحد أن العلاقات الروسية الأميركية في حالة يُرثى لها وهي قريبة من الصفر ويمكن مقارنتها بأسوأ لحظات الحرب الباردة، فهل نشهد صداماً عسكرياً مباشراً روسياً اطلسياً، أم أن تحذيرات بوتين الأخيرة ستعيد الغرب إلى صوابه؟.

ليندا تلي